- اعتراض حزب الله على الاتفاقية الأمنية مع فرنسا جاء للدفاع عن حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال
- نريد دولة الطائف المقاومة للعدو والقائمة على التمثيل النسبي والديموقراطية التوافقية وليس العددية
بيروت ـ زينة طبارة
رأى عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب نواف الموسوي ان موقف حزب الله من الاتفاقية الامنية مع فرنسا ما كان ليتبدل، حتى لو تم طرحها قبل عشر سنوات، وذلك لاعتباره ان اعتراض الحزب عليها جاء نتيجة عدم توضيح نص الاتفاقية لتعريف الارهاب، ومستندا الى تجاهل نص الاجماع العربي المتجسد في الاتفاقية العربية الموقعة في القاهرة بتاريخ 22/4/1998 والتي نصت في المادة الثانية منها على ان «لا تعد جريمة حالات الكفاح بمختلف الوسائل بما في ذلك الكفاح المسلح ضد الاحتلال الاجنبي»، موضحا ان حزب الله اراد من خلال اعتراضه على الاتفاقية المذكورة الدفاع عن حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال واعتبار مقاومته مشروعة استنادا الى الاتفاقية العربية وليس ارهابية بحسب المفهوم والتصنيف الفرنسيين لها، لافتا الى ان غياب التوضيح حول مفهوم الارهاب في الاتفاقية الامنية مع فرنسا سيؤدي حكما الى نشوء اشكالات وازمات في المستقبل، مطالبا بتعديل المادة الاولى من الاتفاقية بما يظهر التزام لبنان بالاتفاقية العربية المذكورة ويجعل التعريف اللبناني واضحا ومميزا بين المقاومة المشروعة والارهاب، نافيا ردا على سؤال ان يكون اعتراض حزب الله على الاتفاقيات لمجرد صدورها عن اميركا وفرنسا، موضحا ان هذا الاعتراض لم يكن سوى نتيجة لوجود الكثير من مكامن الخلل فيها وخرقها الدستور والقوانين اللبنانية.
وعن المواقف الفرنسية الاخيرة، رأى الموسوي انه مع وصول ساركوزي الى الرئاسة الفرنسية باتت سياسة فرنسا ميالة الى المواقف الاميركية انطلاقا من اعتبار البعض ان حفظ المصالح الفرنسية يكمن في التحالف المطلق مع الولايات المتحدة، ومعتبرا في المقابل ان ما يهم الجانب اللبناني نسبة لما تقدم، التمسك بالدفاع عن مصالحه الوطنية والقومية من خلال تشدده في مواقفه وذلك لان اولوية الحكومات الغربية بما فيها الاوروبية هي حماية أمن اسرائيل، مشيرا بناء على تلك الاولوية الى ان تواجد قوات الطوارئ الدولية في الجنوب وبموجب ما نص عليه القرار 1701 ليس لحماية أمن اسرائيل انما فقط لمساعدة الجيش اللبناني حين تطلب الدولة اللبنانية ذلك، معتبرا انه وفقا لما سبق على القوات الدولية ان تضع في الحسبان اثناء قيامها بالمناورات كيفية تعاملها مع نوايا وافعال الجانب الاسرائيلي وليس ان تنظر الى ما يصدر عن الجانب اللبناني وحسب.
وفيما يلي تفاصيل اللقاء:
هل اعتراضكم على الاتفاقية الأمنية مع فرنسا هو رسالة الى الدولة الفرنسية ردا على مواقفها المتشددة أخيرا؟
لو ان هذه الاتفاقية عُرضت علينا كما هي قبل 10 سنوات ما كان موقفنا ليتبدل، لأن ما اعترضنا عليه في هذه الاتفاقية هو عدم وضوح النص في تعريف الإرهاب، ذلك ان المادة الأولى من الاتفاقية حين تتحدث الديباجة عن مراعاة الأنظمة الوطنية، تتجاهل إيراد الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب الموقعة في القاهرة في 22/4/1998، لذلك قلنا انه يجب ان يرد في ديباجة المادة الأولى الاشارة الى ان لبنان يلتزم هذه الاتفاقية أو انه في المادة الأولى حين يلحظ النص في البند الأول مكافحة الإرهاب يجب ان يذكر التزام لبنان تاريخ الارهاب المنصوص عليه في الاتفاقية المذكورة التي وافق عليها لبنان، إذن ما نحن بصدده هو الدفاع عن سمعة المقاومة الفلسطينية التي يصنف القانون الفرنسي بعض فصائلها على انها منظمات إرهابية. كنا ندافع عن حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال وحقه في ان تعتبر مقاومته مشروعة لا ان تسمى ظلما وبهتانا «إرهابا»، وحين ينتفي الوضوح حول القاعدة التي يقوم عليها التعاون في مكافحة الإرهاب فإنه حتما سيتسبب ذلك في نشوء إشكالات وأزمات في المستقبل. ووفقا للتعريف الفرنسي للإرهاب فإن عشرات آلاف الشبان الفلسطينيين المقيمين في لبنان يصنّفون على انهم إرهابيون لمجرد انتمائهم الى «حماس» و«الجهاد الإسلامي» و«كتائب شهداء الأقصى»، فكيف يمكن للبنان ان يُحشر في زاوية اعتبار هؤلاء الشبّان إرهابيين في ظل اعتبارنا منذ البداية ان التعريف لم يكن واضحا وغير متفق عليه؟! لذلك نرى انه من الأفضل ان يكون التعريف واضحا في النص وفي صلب الاتفاقية وهذا هو موقفنا أمس واليوم وغدا.
لتعديل المادة الأولى
يعني، هل أنتم متجهون الى إلغائها أم تعديلها؟
نطالب بتعديل المادة الأولى بما يجعل التعريف اللبناني واضحا بحيث يميز بين الإرهاب والمقاومة المشروعة، وبالإمكان الإشارة في صلب النص الى الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب التي تنص في مادتها الثانية على انه «لا تعد جريمة حالات الكفاح بمختلف الوسائل بما في ذلك الكفاح المسلح ضد الاحتلال الأجنبي»، إذن نحن نستند الى موقف عربي إجماعي يرفض اعتبار المقاومة إرهابا.
يقال ان تصويب حزب الله على الاتفاقيات الأمنية فقط لمجرد صدورها عن أميركا وفرنسا؟
فيما يتعلق بالاتفاقية الأمنية مع فرنسا لا يجادل أحد في أحقية ما نطرح لأنه صائب، ولم يقل لنا أحد اننا لسنا محقين في طرحنا، أما فيما يتعلق بالاتفاقية الأمنية المعقودة مع الولايات المتحدة الأميركية فإن الخلل فيها فاضح، أهمه انها لم يتم ارسالها بحسب الأصول الى المجلس النيابي وهذا خلل دستوري كبير، أما في الخلال القانونية فنجد ان هناك الكثير من المواد المتجاوزة والمخترقة للقوانين اللبنانية، فمن وقع هذه الاتفاقية وافق على الالتزام بالتعريف الأميركي للإرهاب، اذ ورد في احد بنودها انه حين يؤتى بأفراد لتدريبهم فإنه يجب التحقق من ان هؤلاء الأفراد لا يمتون بصلة الى أي من المنظمات التي تعتبرها الولايات المتحدة منظمات إرهابية، وبما ان المقاومة تعتبر من وجهة النظر الاميركية ارهابية يصبح بالتالي جميع المؤيدين لها العاملين في مجال الأمن الداخلي مستثنين من الحصول على التدريبات واستخدام التجهيزات الأميركية، فأي لبناني عاقل يستطيع تقبل هذا المنطق بالشكل المطروح به ويسكت عنه؟! لذلك ما أثرناه ونثيره في هذا الصدد هو حق مشروع إن لم يكن واجبا وطنيا أيضا.
كيف تقيمون المواقف الفرنسية الأخيرة؟
يمكن القول انه مع وصول نيكولا ساركوزي الى سدة الرئاسة الفرنسية ووفقا لتحليلات المراقبين الفرنسيين أنفسهم يُستنتج ان السياسة الفرنسية باتت ميالة الى المواقف الأميركية، وعلى ما يبدو ان هناك من لديه تقييم استراتيجي بأن المصالح الفرنسية لا يمكن الحفاظ عليها الا بالتحالف المطلق مع الولايات المتحدة الاميركية، صحيح هذا شأنهم لكن نحن أيضا في لبنان معنيون بالدفاع وبحماية مصالحنا الوطنية والقومية، لذلك يجب علينا التمسك بحقوقنا كاملة وبمواقفنا دون تهاون وتراخ لأنه وكما هو معلن ان ليس لدى الحكومات الغربية بما فيها الأوروبية سوى حماية أمن إسرائيل، ولن نقبل تحت أي ظرف كان ان تنفذ قوات الطوارئ الدولية في لبنان مهمة حماية أمن الكيان الصهيوني.
مناورات القوات الدولية
أليست القوات الدولية في الجنوب أيضا لحماية لبنان من الاعتداءات الاسرائيلية؟
إطلاقا، فهي بموجب القرار 1701 متواجدة فقط لمساعدة الجيش اللبناني في حال طلبت منها الدولة اللبنانية مساعدته لبسط سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية، لذلك على القوات الدولية حين تجري المناورات العسكرية ان تضع في حسبانها كيفية تعاملها مع النوايا والأفعال الاسرائيلية وليس أن ننظر الى أفعال تصدر عن الجانب اللبناني. هناك من قال من كتلة المستقبل ان القرار 1701 يندرج تحت الفصل السادس والنصف والسابع الا ربع من ميثاق الامم المتحدة، لكن الرئيس الحريري حسم هذا الموضوع خلال احدى جلسات مجلس الوزراء بقوله ان القرار المذكور يندرج تحت الفصل السادس، وهذا الكلام يعتبر ردا على هذا البعض.
وقد نظرنا بإيجابية الى كلام الرئيس الحريري ونعتبر انه وضع حدا لمحاولات بعض من في كتلته تجاوز ما نص عليه القرار 1701.
ماذا عن ملف الحقوق الفلسطينية في ظل الانقسامات الطائفية حوله؟
من المؤسف أن الامور بدت في جلسة المجلس النيابي ما قبل الاخيرة وكأنها اصطفاف طائفي وفي اطار الانقسام الاسلامي ـ المسيحي وهذا ما لا نرغب فيه اطلاقا، لا بل كنا نرغب ان يصار الى تقديم موضوع الحقوق الفلسطينية على انه موقف لبناني وطني جامع لا يسمح باستمرار الشعب الفلسطيني المقيم قسرا على الاراضي اللبنانية رازحا تحت ما يشبه العقوبات المفروضة عليه أو ما يشبه حالة الحصار، فمن الطبيعي ان يُنظر الى الشعب الفلسطيني في لبنان ليس على انه مجموعة من اللاجئين بفعل كارثة طبيعية، بل على انه شعب يقيم قسرا على الاراضي اللبنانية بفعل الاحتلال الاسرائيلي لأرضه وبالتالي يجب دعمه لاستعادة حقوقه مع التأكيد على اهمية تمتعه بالحقوق الطبيعية والبديهية لكل انسان.
لكن هل ان دعمه يكون عبر اعطائه حق التملك؟
هناك مجموعة من الحقوق لا يمكن التنصل منها، وللشعب الفلسطيني الحق في الحصول عليها، واذا كان هناك مخاوف لدى البعض من التوطين فإنه لابد من التذكير ان حق تملك الفلسطينيين في لبنان كان مكفولا فيما مضى وتم إيقافه بموجب قرار صدر آنذاك عن الرئيس رفيق الحريري، وبالتالي لماذا لا يعاد تشريعه مجددا كما كان عليه في السابق؟ في المقابل نحن حريصون على ان تتم هذه العملية في اطار التوافق الوطني، اذ لا يجوز ان يبدو لبنان منقسما طائفيا حيال الامر، نحترم آراء كل الطوائف في لبنان ونقف عندها، لكن بإمكاننا أن نجد الصيغة التي من جهة تطمئن الهواجس وتكفل من جهة اخرى حقوق الشعب الفلسطيني. على الجميع ان يعي ان استمرار الظروف المعيشية المتردية للشعب الفلسطيني إساءة للبنان قبل ان تكون اساءة للفلسطينيين على أرضه، ولا نفشي سرا حين نقول اننا نبذل جهدا غير عادي وان لم يكن في الضوء من اجل تذليل كل العقبات الحائلة دون التوصل الى تأمين العيش الكريم للشعب الفلسطيني في لبنان.
المحكمة الدولية وحزب الله
كيف تفسرون التوقعات بأن القرار الاتهامي للمحكمة الدولية سيتهم احدى قيادات أو عناصر حزب الله؟
في هذا المجال ثمة قرار واضح لدينا ان الحديث عما يتصل بهذا الموضوع ينحصر فيما يقوله سماحة الأمين العام، وقد أعلن سماحته رؤية حزب الله في هذا الصدد وليس لدينا أي شيء نضيفه على ما قاله.
وماذا عن الحوار الذي نشرته جريدة «الأخبار» بين الرئيس الحريري وسماحة الأمين العام السيد نصرالله وعبارته حصول «سبعون 7 أيار» فيما لو اتهم اعضاء من الحزب بالجريمة؟
لا نعلق على معطيات صحافية، وهناك الكثير من المعطيات التي وردت ولم نعلق عليها. هناك سعي أميركي وغير أميركي منهجي لتشويه صورة حزب الله، وأكرر الاشارة الى اعتراف صريح وعلني وموثق من جانب مساعد وزيرة الخارجية الاميركية بأن الادارة الاميركية صرفت ما يزيد على 500 مليون دولار من أجل تشويه صورة الحزب. اذن لا تترك الجهات المعادية للبنان والحريصة على أمن اسرائيل وسيلة أو فرصة الا وتعمل من خلالها على تشويه صورة الحزب والمقاومة، ومن جملة هذه الامور الاعتراف من جانب فلتمان بإنفاق هذا البدل. هذا الامر يجب ان يكون بحد ذاته جرس انذار للجميع.
أي دولة يريد حزب الله؟ دولة الطائف أم التحالفات الاقليمية أم الاسلامية؟
نريد الدولة التي نص اتفاق الطائف على اقامتها ونص على وجوب مواجهة العدوان الاسرائيلي وحق لبنان في اتخاذ كل الاجراءات لمواجهة هذا العدوان بما فيها المقاومة المسلحة كما ورد توضيح في هذا الخصوص في البيان الاول لحكومة الاتحاد الوطني التي أنشئت بعد ابرام اتفاق الطائف، وهي ايضا الدولة التي تكون فيها السلطة بيد مجلس الوزراء مجتمعا وليس بيد فريق دون آخر، وهي الدولة القائمة بحسب الطائف على نسبية التمثيل في مجلسي النواب والوزراء وفقا لقاعدة التمثيل النسبي بشكل تكون فيه الديموقراطية توافقية وليست عددية، لأن القرارات لا تتخذ استنادا الى الاكثرية العددية، بل نسبة الى الارادة الجامعة لمكونات المجتمع السياسي والاهلي في لبنان.
المرجعية غير اللبنانية
لكن مرجعيتكم تبقى غير لبنانية على ما يقال؟
لا أحد في لبنان قدم تضحيات غالية من اجل مصلحة وطنه كما فعل حزب الله، ولذلك اذا شئنا ان نتحدث عن ارادة وطنية خالصة مستقلة يأتي حزب الله في طليعة الاسماء، واذا كان البعض لا يرغب في سماع كلامنا كونه لا يسمع سوى ما ينطق به الفم الاميركي أطلب منه قراءة ما ورد في شهادة السفير الاميركي الاسبق في لبنان ريان كروكر الذي تحدث فيها عن ان حزب الله ديعتبر استمرارا لتقليد عريق في جبل عامل منذ ما قبل القرن الخامس عشر الميلادي، وهذا الكلام لا يمثل مجرد رأي لهذا السفير إنما ايضا هو ما أجمع عليه الباحثون من كل الجهات.
هل لديك ما تضيفه الى هذا الحديث؟
من يعد كمينا لحزب الله فعليه أن يدرك انه سيكون أول ضحايا هذا الكمين وعليه أن يتذكر ان كل من حاول محاصرة حزب الله اكتشف انه هو من أصبح محاصرا، وان من حاول إضعاف حزب الله هو الذي أصبح ضعيفا وان من حاول القضاء على حزب الله هو من قضي عليه.