في البحث عن خلفيات ودوافع الموقف الهام الذي صدر عن الرئيس سعد الحريري (الاعتراف بخطأ ارتكبه بحق سورية بتوجيه اتهام سياسي لها باغتيال الرئيس رفيق الحريري والاعتراف بوجود شهود الزور) ثمة حديث عن موقف سوري ضاغط في اتجاه احداث تغيير في أداء الحريري وفي اتجاه احتواء الأزمة بينه وبين حزب الله، ساهم في صدور مثل هذا الموقف، وهذا الموقف السوري أبلغ الى الجانب السعودي عبر الأمير عبدالعزيز بن عبدالله، وهو الذي مرره الأسد للحريري في لقاء السحور الرمضاني مرفقا بنصائح.
وحسب المعلومات المتوافرة من مصادر متابعة، فإن زيارة السحور التي قام بها الرئيس الحريري الى دمشق، شهدت كلاما صريحا الى ابعد الحدود من الرئيس السوري بشار الأسد. ففي تلك الأمسية قال الرئيس السوري لضيفه رئيس الحكومة اللبنانية: «لقد زرتنا أكثر من مرة وسمعنا منك كلاما كثيرا بقي في اطار الكلام ولم نر شيئا يطبق فعليا. فعدا الكلام الجميل الذي نسمعه منك هنا، نرى في المقابل مواقف المحيطين بك لاتزال هي هي».
وتورد هذه المعلومات ان الرئيس الأسد وخلال استعراض أحداث برج ابي حيدر، أبدى حرص دمشق على حماية الرئيس الحريري والشارع الذي يستند اليه، وأن التفاهم السوري - السعودي في هذا الإطار واضح ودمشق متمسكة به. لكن الرئيس الأسد استدرك قائلا: «انما بالنسبة لسورية فان المقاومة هي الخط الأحمر وليس فؤاد السنيورة».
وبحسب المعلومات، فإن الرئيس الأسد أكد خلال استقباله الحريري ضرورة قيامه بواجبه رئيسا لحكومة وحدة وطنية، وشدد على ضرورة وقف تسييس ملف شهود الزور والبدء بمحاسبة المسؤولين عنه تمهيدا لرفع الأذى عن المتضررين من هؤلاء، ومنهم سورية.
وتضيف المعلومات ان الأسد تحدث مع الحريري بصراحة متناهية مركزا على موضوع المقاومة في لبنان، وأن مسألة دعمها وحمايتها هو قرار سوري استراتيجي لا رجعة فيه مهما كانت الأثمان، وأن عنوان انتظام أي علاقة مع لبنان تنبع من هذه الثابتة، وتم توصيف هذا الأمر على انه جزء لا يتجزأ من منظومة الأمن القومي الاستراتيجي السوري. وهي إذ تريد لبنان بلدا هادئا مستقرا بعيدا عن الفتنة، فإنها فوق كل ذلك متمسكة بالمقاومة التي هي عنصر القوة للبنان ولسورية ولمحور الممانعة برمته. وما يجب ان يكون معروفا هو ان الخط الأحمر الحقيقي والمادي الموجود على الارض في لبنان هو المقاومة، ونقطة على السطر. فلا نقاش في المقاومة، وهذا الموقف غير قابل للتأويل وللاجتهاد ولا للمقايضة أو المبارزة. ان المقاومة ودعمها خط احمر. ومن لا يعتبرهما كذلك، فالمشكلة حتما قائمة معه. وتم في خلال السحور الانتقال من مرحلة بناء الثقة الى تكريس هذه الثقة عبر الأفعال لا الأقوال وفي مقدمها إقفال الملف الأكثر توترا في العلاقة بين الحريري وسورية وهو ملف الاتهام السياسي لها في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.