بيروت ـ عمر حبنجر
الحملات المتصاعدة على الحكومة والدولة ومؤسساتها، من خلال قضايا شهود الزور، وفرع المعلومات المطارد لجواسيس اسرائيل، بدأت تلامس الخطوط الحمر التي وضعتها القمة الثلاثية، السعودية ـ السورية ـ اللبنانية وتدعو لاسقاط الدولة، وتدوس على اطراف «التهدئة» التي تم التوافق عليها، وصولا الى تسوية الدوحة التي خرجت حكومة الوحدة الوطنية من رحمها، الى حد تصور البعض انه لا مخرج من الدائرة المفرغة التي شكلتها هذه الحملات الا من خلال معالجة سعودية ـ سورية للتدهور الحاصل.
القوى اللبنانية الداعمة للحكومة، وبالذات قوى 14 آذار، بدأت تشكك في جدوى الرهان على التهدئة، انطلاقا من معطيات دولية واقليمية، متصلة بالمفاوضات المباشرة، الفلسطينية ـ الاسرائيلية، او بمستقبل الوضع الحكومي المتعثر في العراق، حيث عادت كفة نوري المالكي الى الرجحان في دمشق على حساب منافسه اياد علاوي، ومن دلالات هذه المعطيات، مبالغة المعارضة في الهجوم على الدولة ومؤسساتها وصولا الى حد الدعوة للعصيان المدني واسقاط الدولة من قبل العماد ميشال عون امس الاول.
والراهن ان المشكلة لم تتوقف عند حدود الكلام الجارح، ففي معلومات «الأنباء» ان اوساط رئيس الحكومة الذي مازال في الخارج، استبعدت انعقاد مجلس الوزراء، قبل معالجة الوضع السياسي المتدهور.
بري مطمئن لمعادلة «س.س»
لكن رئيس مجلس النواب نبيه بري قال ان ما يعزيه هو اطمئنانه الى المعادلة السورية ـ السعودية (س. س) التي لم تتخلخل ، مؤكدا ان الايام المقبلة ستتكفل باعادة التهدئة الى نصابها.
وكان العماد ميشال عون انضم الى اللواء جميل السيد في الحملة على الدولة وفرع المعلومات وشهود الزور، واتهم عون فرع المعلومات بالتحول الى «عصابة مسلحة» لترهيب اللبنانيين الذين حثهم عون على التمرد وعدم الامتثال اليهم، الا انه نفى عزمه الانسحاب من الحكومة.
وتشكل حملة عون المستجدة على «المعلومات» تطورا تصعيديا، على خلفية اعتقالهم احد قياديي تياره العميد المتقاعد فايز كرم المدعى عليه بجرم التعامل مع العدو الاسرائيلي، الذي اعترف صراحة بما نسب اليه، وتم اطلاع عون على اعترافاته.
وطالب عون بتأليف لجنة تحقيق برلمانية، ووضع مدعى عام التمييز والمدير العام لقوى الامن الداخلية ورئيس فرع المعلومات بتصرف هذه اللجنة، للبحث في المخالفات المنسوبة اليهم، ومنها طبعا قضية شهود الزور.
في هذا الوقت قدم العماد عون اعتذاره الى الرئيس ميشال سليمان عما قاله عنه، وذلك بواسطة صهره الوزير جبران باسيل، الذي زار الرئيس سليمان امس، ليضعه ايضا في اجواء لقائه الرئيس بشار الاسد في دمشق.
هذه التطورات السلبية طرحت اكثر من علامة استفهام حول ابعادها، وما اذا كانت بغطاء اقليمي.
دمشق: لا علاقة لنا
اوساط كتلة المستقبل النيابية ذكرت ان الاتصالات بين بيروت ودمشق انتهت الى تأكيد سوري، ان العاصمة السورية غير مسؤولة عن تصعيد اللواء السيد والعماد عون بمعزل عن تزامن هذه الحملات مع زيارات قام بها السيد، والوزير جبران باسيل، صهر عون الى دمشق.
النائب عمار حوري الذي يعد بمثابة المتحدث باسم الرئيس سعد الحريري، قال تعليقا على هذه التطورات، الصورة بدأت تتضح، بالامس استمعنا الى البلاغ الانقلابي رقم واحد مجددا من العماد ميشال عون ضد الدولة والحكومة والاجهزة القضائية والامنية، رفض الشرعية ومؤسساتها، في الوقت الذي لم يتجرأ كالعادة على استنكار استعمال السلاح غير الشرعي في بيروت وغير بيروت.
وبدا للنائب حوري ان العماد عون يقوم بالدور المكلف به من قبل الجوقة اياها ضد المحكمة الدولية، واذا اضفنا ما قاله «رمز البيئة الحاضنة» بالامس، الى ما قاله قبل ايام ذاك المتقاعد الآخر لتشكلت لدينا نفس الصورة التي تشكلت اواخر عام 2004، في الاشهر التي سبقت اغتيال الرئيس رفيق الحريري بكل تهديداتها وشتائمها ومفرداتها ومستوى اصحابها المعروف.
وردا على سؤال لاذاعة «صوت لبنان» قال حوري: مواقفنا كانت وستبقى مواقف تهدئة وانتاج وتأكيد على الحوار والتزام القانون والدستور والشرعية، لكن في مكان ما، ولدى اكثر من طرف، انها المحكمة، ولذلك انا اقول ان التطاول على الرئيس الحريري ومن اي جهة اتت لن يزيده الا تمسكا بالدولة والشرعية والعيش المشترك وبالناس، كل الناس وبالحقيقة والعدالة، وباتفاق الطائف وبأفضل العلاقات العربية ـ العربية واللبنانية ـ السورية.
للحريري ربّ يحميه
وختم بالقول: لسعد الحريري ربّ يحميه، وللبنان ربّ يحميه، مشيرا الى ان من يتحدث بهذا الاسلوب، في لبنان لا علاقة له بالتوجه السوري، ونحن لن ننجر الى هذا التوجه المعاكس، والرئيس الحريري لم ولن يتأخر عن مد يده باتجاه الجميع، باتجاه السيد حسن نصرالله او باتجاه الرموز الاخرى.
الى ذلك اعتبر النائب نبيل نقولا عضو الكتلة العونية ان التحقيقات التي اجريت مع القيادي في التيار الوطني الحر العميد المتقاعد فايز كرم باطلة، لان فرع المعلومات الذي حقق معه ليس «ضابطة عدلية» وبالتالي لا يحق له التحقيق مع المواطنين.
وتحدث نقولا عن «مخالفات قضائية» في التحقيق مع كرم، الذي يواجه ادعاء عاما بالتعامل مع اسرائيل وفق اعترافات صريحة ادلى بها امام المعلومات، ثم امام قاضي التحقيق العسكري بحضور وكيلة الدفاع عنه.
وعلق مصدر في قصر العدل على كلام نقولا قائلا: ان مثل هذا الكلام يحمل الابطال الى عشرات الجواسيس لاسرائيل الذين سقطوا في قبضة جهاز المعلومات.