بيروت ـ عمر حبنجر
النار المستعرة بين حزب الله وتيار المستقبل على خلفية الموقف من المحكمة الدولية واحتضان الحزب للواء جميل السيد المتطاول على رئيس مجلس الوزراء وعلى كبار القضاة والامنيين، وصفيح لبنان «الطوائفي» المشتعل، تلقت رشة ماء باردة من فريق الرئيس سعد الحريري الذي عاد الى بيروت امس وترأس اجتماعا لكتلة نواب المستقبل في بيت الوسط، حث خلالها على العودة الى حيز التهدئة، وفي وقت تسربت معلومات عن موفد سعودي الى دمشق يرجح ان يكون الامير عبدالعزيز بن عبدالله ناقلا قلق القيادة السعودية لتداعيات الوضع في لبنان.
وفي حين اعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري تأجيل جلسات اللجان النيابية امس واليوم، وبينها جلسة لجنة المال التي تعيش اجواء خلافية حادة حول الموازنة العامة وسلفة تمويل المحكمة الدولية، ينعقد الرهان على اجتماع مجلس الوزراء في بعبدا اليوم حيث يصر الرئيس ميشال سليمان على تحصين الوضع الحكومي بوجه الازمات السياسية المتدرجة.
وسيكون على جدول اعمال الجلسة 54 بندا ابرزها مشروع موازنة 2011، وستعقد في الخامسة مساء ومشاريع القوانين المتعلقة بقطع حسابات السنواب السابقة.
الوساطات الداخلية
السجالات المستجدة، دفعت الوساطات الداخلية الى الوراء، غير ان الساعات الفاصلة عن جلسة مجلس الوزراء اليوم، شهدت عودة حركة الوساطات من اجل تبريد الاجواء.
وفيما تابع السجال الداخلي حماوته ابلغ رئيس مجلس النواب نبيه بري زواره توافقه الكلي مع كلام النائب سليمان فرنجية، مبديا خشيته من ان بعض الأطراف لا يقرأون جيدا التطورات السياسية.
بدورهم نواب منطقة عكار الشمالية، شنوا هجموا قويا على حزب الله والعماد ميشال عون واللواء جميل السيد واتهموهم بالانقلاب على الدولة من خلال محاكمة ما يسمى بشهور الزور، بهدف الغاء المحكمة الدولية، وتساءل بيان للكتلة بالقول: متى كان جميل السيد رمزا للقانون وهو الذي استباح الحريات ولاحق الاحرار وقمع الصحافة والطلاب يوم كان مديرا للأمن العام، وتساءل أيضا عن العماد عون ومتى كان رمزا للدولة التي يعترف بكيانها؟
بالمقابل اتهم مسؤول العلاقات الاعلامية في حزب الله ابراهيم الموسوي تيار المستقبل بأنه ومن خلال المواقف الأخيرة لبعض قادته يمارس اكبر عملية تزوير ويمارس فعل الانقلاب على مؤسسات الدولة من داخلها عبر تجييرها بالكامل لمصلحته.
بدوره رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد توقع حفلة جنون أيضا، وقال: نحن اليوم نواجه حالة من الصخب السياسي نستشعر من خلالها حفلة جنون خلال الأيام القليلة المقبلة.
ودعا رعد الى التعقل واستحضار المصلحة الوطنية العليا ولننطلق من التزام صادق لتطبيق كل بنود الطائف دون اي استنسابية او انتقائية ونحن جاهزون من اجل السيد في هذا المشروع.
لكن النائب حسن فضل الله عضو كتلة الوفاء للمقاومة حذر من تصاعد الخطاب المذهبي لفريق الرئيس الحريري، معتبرا ان هذا الخطاب يشكل تهديدا جوهريا لبنية النظام السياسي.
كلام اللواء المتقاعد جميل السيد وتصعيد المعارضة استدعيا ردا عاجلا من قبل عضو كتلة المستقبل عقاب صقر من خلال مؤتمر صحافي عاجل أكد خلاله ان «ما نشهده اليوم على الساحة اللبنانية ليس صراعا مذهبيا، وليس بين 8 و14 آذار، إذ ان هناك موقفا واضحا للرئيس نبيه بري والنائب سليمان فرنجية، وليس معركة بين السلطة والمعارضة»، مشيرا الى ان «ما أبرزه حزب الله في المطار هو سلطة الأمر الواقع».
وأضاف: «حتى لو ان البعض تحدث عن إشكال طائفي ما، فهذا لا يمكن ان تختصر فيه قضية وطن، فالمعركة هي معركة وحدة وطن وليست معركة تقسيم سني ـ شيعي او مسلم ـ مسيحي»، وأضاف ان «جميل السيد أثار زوبعة من الاتهامات الخطيرة جدا والتي أطلقت شرارة هذا الاشتباك الحاصل، ولهذا نريد أن نوضح للرأي العام ما يحصل وتحديدا لـ «حزب الله» كي نكتشف ما كان يحاك لنا»، متمنيا «لو كنا لم نشهد هذا التظاهر في المطار الذي أساء للذي قام به وأن ما أبرزه الحزب في المطار هو ان سلطة الأمر الواقع هي التي تتكلم، ولم يكن هناك من داع لأن تأتي هذه السيارات الى المطار لأنها تشبه سيارات 7 مايو».
مقال «دير شبيغل»
ورأى ان «لبنان يعيش منذ سنوات أزمة مقال «دير شبيغل»، مشيرا الى ان «جميل السيد كشف في مؤتمره الصحافي لغز دير شبيغل»، مؤكدا ان «التسريبات ليست من التحقيق بل فبركة من خارج التحقيق»، وإذ فند أقوال جميل السيد، أوضح صقر انه «لم يحصل لقاء بين الرئيس سعد الحريري والسيد حسن نصرالله حول ما نشر في «دير شبيغل» إلا في ابريل 2010، في حين ان الاجتماع الذي حصل عام 2009، كان حول 7 مايو وتداعياته»، مشددا على ان «ما نشر في «در شبيغل» الألمانية مفبرك».
موقف مسؤول
ودعا صقر «حزب الله الذي قال انه سيقطع اليد التي تمتد على جميل السيد، الى أخذ موقف مسؤول ممن سرب المعلومات»، مذكرا بأن «الفبركات لم تكن لتكشف سابقا لأن جميل السيد كان ممسكا بالاعلام، ولكن الآن لم يعد زمن جميل السيد الذي فبرك مقال در شبيغل»، وأضاف: «أعتقد ان القضية كُشفت، وعلى الرأي العام ان يعرف الآن من سمم البلد لفترة سنة ونصف السنة، بعد الذي تم نشره في دير شبيغل، ونريد اعترافا للشعب اللبناني حول من سمم علاقات اللبنانيين والمقاومة، وراح يتهم اللبنانيين كذبا وزورا، وهذه أخطر بكثير من كل الذي حصل في السنوات الـ 5 الماضية، لا نريد اعتذارا، ولكن ليعرف الجميع من سمم الوضع وفبرك مقال دير شبيغل».
وتطرق صقر الى موضوع الوساطة التي تحدث عنها سابقا، فقال: «أنا قلت ان هناك وسيطا بين جميل السيد والحريري، وقلت انني سأكشف عنه في الوقت الذي أريد، ولكني لم أقل من هو»، كما أعلنت بعض وسائل الإعلام، وأضاف: ان «الوسيط الذي نحترمه، الذي حمّله جميل السيد وساطة لطلب تسوية مع الرئيس الحريري، هو السيد مصطفى ناصر».
بدوره رفض المكتب الإعلامي للمدير العام الأسبق للأمن العام اللواء الركن جميل السيد التعليق على حملة الشتائم والتلفيق التي وردت على لسان بعض نواب «تيار المستقبل»، لاسيما النائب المعروف بـ «القبّوط»، معتبرا أن مشكلته ليست مع هؤلاء مهما صرخوا لتضليل الرأي العام عن القضية الأساسية التي هي قضية محاسبة شهود الزور وشركائهم.
واعتبر اللواء السيد ان مشكلته هي حصرا مع «سيدهم» رئيس الحكومة سعد الحريري الذي عليه أولا «أن يعيد هؤلاء الى أقفاصهم في قريطم، ثم ان يحاسب شهود الزور وأعوانهم المعروفين اسميا في القضاء والأمن والسياسة، ثم ان يراهم الشعب اللبناني في سجون لبنان ولاهاي انسجاما مع ما صرح به الحريري نفسه لصحيفة «الشرق الأوسط» من أن هؤلاء قد دمروا التحقيق الدولي واللبناني وخربوا العلاقة اللبنانية ـ السورية وأساءوا الى استقرار لبنان وأمنه».