بيروت ـ عمر حبنجر ـ خلدون قواص
رماد احمدي نجاد غطى جمر ملف «شهود الزور» المطروح على مجلس الوزراء المهدد بالانقسام.
ولم يكن ممكنا اقناع وزراء المعارضة الذين اجتمعوا في دارة الرئيس نبيه بري مساء امس الاول، بتأجيل حسم هذا الموضوع في مجلس الوزراء، المنقسم على نفسه، لولا الاعتبارات المتصلة بزيارة الرئيس الايراني الى لبنان اليوم.
والحسم المطلوب يتعلق بمرجعية التحقيق مع من تعتبرهم المعارضة «شهود زور»، المجلس العدلي، كما تصر المعارضة، ام القضاء العادي، كما يرى وزير العدل ومن خلفه وزراء 14 آذار، اضافة الى رئيس مجلس القضاء الاعلى غالب غانم.
استحالة التوصل الى قواسم مشتركة في مسألة لا تحتمل اللون الرمادي، حركت رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط عبر سلسلة اتصالات ومشاورات هادفة الى تجنب عرض الموضوع على التصويت في مجلس الوزراء، لانه لا الرئيس سليمان ولا جنبلاط، السائران في خط الوسط، يريدان خوض مثل هذا الاحراج، وقد حصن الرئيس سليمان موقفه بالقول ان الوزراء المحسوبين عليه «5 وزراء» لن يصوتوا الا مع الاجماع، وعلى خطاه مشى النائب وليد جنبلاط الذي اكد امتناع وزيريه عن التصويت في حال طرح الموضوع على اساس التحدي.
وفي هذه الحالة، حالة اصرار المعارضة على احالة الموضوع الى المجلس العدلي، ورد رئيس الحكومة سعد الحديري بطرح الموضوع على التصويت، فان امتناع وزراء الرئيس سليمان والنائب جنبلاط، يعني فوز فريق رئيس الحكومة بالاكثرية.
بري: للحكومة تأجيل الموضوع
من هنا كان الموقف المستجد لرئيس مجلس النواب نبيه بري، والذي اكد على تفضيل بت الموضوع في جلسة امس، «الا اذا رأت الحكومة تأجيله الى ما بعد زيارة الرئيس نجاد».
واضاف بري في تصريح تلفزيوني يقول: «لا اخفي اجواء التشنج، ولذلك لا بأس من التأجيل».
وهناك من طرح فكرة احالة موضوع المرجع القضائي لمحاكمة «شهود الزور» الى هيئة الحوار الوطني المقرر انعقادها في 19 الجاري، غير ان اعتراضات صدرت عن قانونيين، اعتبروا انه لا هيئة الحوار، ولا حتى الحكومة بذاتها، تملك صلاحية تحديد المرجع القضائي المختص، انما هذا شأن المراجع القضائية المعنية.
وانطلاقا من هذه الخلفية، واضافة الى مصادفة يوم 19 اكتوبر موعد افتتاح الدورة الاولى لمجلس النواب فقد تم تأجيل مؤتمر الحوار الى الرابع من نوفمبر المقبل.
مبادرة جنبلاط
التطور البارز الذي سبق انعقاد الجلسة، قام به رئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط، الذي لم يخف قلقه من الاتجاهات التصعيدية لدى فريقي 8 و14 آذار، بعد الاستقطاب العميق الذي انذر بتحويل تقرير وزير العدل حول شهود الزور الى مشكلة اضافية عوضا عن ان يكون مدخلا الى التسوية المناسبة.
وامس الاول جال جنبلاط على رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء، قائما بدور كابح الصدمات، ان لم تتوافر له وحده القدرة على ما يتجاوز ذلك.
وشدد جنبلاط في جولته على ثلاث قضايا اساسية هي: عدم اعتماد التصويت في مجلس الوزراء حال اعادة طرح مسألة تمويل المحكمة، واعتماد النقاش الهادئ لتقرير نجار وعدم الدفع به ايضا الى التصويت والبحث في امكان النفاذ من التقرير الى التسوية او المخرج الملائم.
وكان اجتماع وزراء المعارضة في مقر رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة دعا الى التمسك بالمطالبة بإحالة ملف شهود الزور الى المجلس العدلي، خلافا لما يلحظه تقرير وزير العدل، ولكن على اساس السعي الى استبعاد الانقسام في مجلس الوزراء ومحاولة التوصل الى توافق على هذا الامر. وذكرت مصادر عين التينة ان الاجتماع ضم جميع وزراء الثامن من آذار، وتكتل التغيير والاصلاح باستثناء الوزير شربل نحاس الموجود في الخارج. وان الرئيس نبيه بري ابلغ المجتمعين انه يسعى الى إجماع في مجلس الوزراء على التعامل مع ملف شهود الزور بعيدا من مناخات الانقسام والخلافات داخل مجلس الوزراء، وان الكباش السياسي لا يفيد أي طرف، مكررا بأنه لايزال على رأيه بإحالة شهود الزور الى المجلس العدلي ولنعمل جميعا على تجنيب الحكومة أي خلافات. واتفق الوزراء على العمل من اجل احالة «شهود الزور» الى المجلس العدلي والسعي بقدر الامكان الى تجنب التصويت في مجلس الوزراء والتعامل بروح ايجابية.
بدوره، الرئيس ميشال سليمان اجرى مشاورات داخلية سعيا لردم الهوة الناشئة حول مرجعية محاكمة من يثبت انهم شهود زور.
وعمل الرئيس سليمان بالتنسيق مع بري وجنبلاط لتجنب عرض هذا الموضوع للتصويت في مجلس الوزراء وما قد يترتب عليه من اضرار سياسية، خصوصا ان اجواء جنبلاط كانت توحي بعزم وزيريه التصويت الى جانب 14 آذار بعدم الموافقة على احالة ملف «الشهود» الى المجلس العدلي، ومن هنا كان شغل جنبلاط الشاغل تفادي هذا الامر.
موقف الحريري
أما عن موقف رئيس الحكومة فإنه لا يرى مبررا أو مسوغا لإحالة قضية «الشهود» الى المجلس العدلي، وهو مع ترك الامر الى القضاء العادي، وكذلك وزراء 14 آذار الذين اعلنوا الالتزام بتقرير زميلهم ابراهيم نجار لناحية عدم صلاحية المجلس العدلي للنظر في القضية وعدم جواز إحالة هذه القضية اليه.
في هذه الاثناء، عقد لقاء تضامني مع الشخصيات التي صدرت بحقها مذكرات توقيف غيابية سورية في دعوى اللواء المتقاعد جميل السيد بجرم «تضليل التحقيق» وما نتج عنه من احتجاز له لمدة 4 سنوات.
الى ذلك وضمن المؤتمرات الصحافية المستشرية في بيروت رأى رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع ان لبنان يعيش اليوم حالة يمكن تسميتها «برج بابل» مشيرا الى ان قوى الرابع عشر من آذار لم تتكلم في موضوع شهود الزور لانها كانت تعتبر ان هذا الملف ليس له أي معنى ومن الافضل ترك الموضوع للقضاء لكنه بعد ان تكلم مع ديبلوماسي عربي، اعتبر في مؤتمره الصحافي امس ان مذكرات التوقيف السورية التي صدرت بحق العديد من الشخصيات السياسية والاعلامية والامنية اللبنانية والسورية والاجنبية صدرت ظلما وزورا من دون ان يكون لها علاقة بشيء.
واشار الى ان الفريق الآخر يعتبر ان قضية شهود الزور ستسبب فتنة في لبنان معتبرا ان الفريق الاخر هو من يسبب فتنة، وقال سلاح حزب الله بالنسبة لنا اكبر مسبب للفتنة، كما حدث في 7 آيار وفي احداث برج أبي حيدر، فلنحول هذه الاحداث الى المجلس العدلي قبل ان نحول جرما لم يحصل وشهود الزور غير موجودين وليسوا كهذه الاحداث.