بيروت ـ عمر حبنجر
لا حلول نهائية لأزمة ملف شهود الزور حتى الساعة قالها الرئيس ميشال سليمان قبل انعقاد جلسة مجلس الوزراء عصرا وهذا القول المتطابق مع الواقع افضى الى اقناع الاطراف المشاركة بلعبة شد الحبل على حلبة المحكمة الدولية، بأن عليهم توسيع هامش التشاور والتواصل والافساح بالمزيد من الوقت للمساعي الخارجية، التي في بعضها الخصام وفي هذا البعض الخصم والحكم.
فقد استمرت الاحاديث عن مساع سعودية ـ سورية لمخارج متكاملة ومتكافئة، وعن صيغ لـ «طائف» جديد او دوحة جديدة، او حتى سان كلو فرنسي تعمل عليه باريس الآن من باب حفظ الدور والموقع لكن الثابت ان كل الاطراف متخوفة من اي اضطراب يحصل في البلد، وربما في المحيط، وبعد تطمينات الرئيس ميشال سليمان والعماد جان قهوجي الذي اكد ان الجيش لن يسمح للتباينات السياسية ان تتحول الى اضطرابات امنية، تتجه الانظار الى ما سيقوله الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في احتفال في الضاحية مساء اليوم الخميس، وبالتأكيد فإن ما سيقوله سيكون من وحي التطورات السياسية على الساحة اللبنانية.
سيناريو المخرج المرسوم
وعلمت «الأنباء» ان السيناريو الاخير للجلسة الوزارية المشهودة، قبل انعقادها استقر على ان يبدأ مجلس الوزراء بجدول الاعمال وفي نهاية الجلسة يطرح الرئيس سليمان موضوع شهود الزور، عندها يطلب وزراء 8 آذار طرح الملف على التصويت، فيرد وزراء 14 آذار برفض الطلب، مما يدفع برئيس الجمهورية الى ممارسة حقه الدستوري برفع الجلسة وتأجيل هذا البند الى وقت آخر.
مصادر المعلومات تحدثت عن اجراءات امنية واسعة، تحسبا لأعمال شغب شارعية بعد انفضاض مجلس الوزراء!
وكان الرئيس ميشال سليمان استبق الجلسة بالتأكيد على التصميم بألا يتم الذهاب الى التصويت في ملف شهود الزور مشيرا الى انه اجرى اتصالات مكثفة مع مختلف الافرقاء ولمس من الجميع عدم الرغبة في التصعيد خلال الجلسة.
وعن الحلول المطروحة شدد سليمان، في حديث سبق الجلسة، على أنه في جميع الاحوال لن يتم الذهاب الى حلول يمكن ان تقسم البلاد، وقال انا لا أتحملها.
الرئيس سليمان جزم ايضا بعدم حصول تصعيد في مجلس الوزراء.
وكانت شائعة سرت حول تأجيل جلسة مجلس الوزراء امس كتعبير عن استعصاء التوصل الى حل وسط، وقال الرئيس نبيه بري في هذا الصدد ان التصويت ليس نهاية الكون، وعلينا الاسراع في طي هذا الملف.
وفي مشاورات ما قبل الجلسة جرى تواصل بين رئيس الحكومة سعد الحريري وبين نائبه وزير الدفاع الياس المر المحسوب على الرئيس ميشال سليمان، والتقى ايضا الوزير عدنان القصار، المحسوب على الرئيس سليمان ايضا وطبيعي ان يكون الحديث تركز حول موقفها في مجلس الوزراء من عملية التصويت على ملف شهود الزور.
الحريري بحث التطورات ايضا، مع سفير مصر احمد البديوي ومن ثم سفير ايران غضنفر ركن ابادي الذي سلمه رسالة من الرئيس احمدي نجاد، تشدد على اهمية استقرار لبنان ووحدة بنيه وضرورة البدء بتنفيذ الاتفاقيات التي وقعت خلال زيارته الى لبنان.
بدوره، السفير السعودي علي عواض عسيري اجرى سلسلة اتصالات شملت رئيس المجلس نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري الى مسؤولين في حزب الله وقوى معارضة اخرى بهدف ان يأخذ الفرقاء فسحة من الوقت بانتظار التوافق على القضايا المطروحة.
جنبلاط نام في دمشق
أما النائب وليد جنبلاط فقد امضى ليلته في سورية، يرافقه الوزير غازي العريضي، حيث التقى معاون نائب الرئيس بشار الاسد، اللواء محمد ناصيف ومسؤولين سوريين آخرين. وقد عاد قبيل انعقاد الجلسة بقليل مؤكدا ان هناك جهودا سورية ـ سعودية «لحماية» الحكومة دون اضافة المزيد.
بدورها كتلة المستقبل اعلنت ان ما يثار حول شهود الزور، مسألة يجب ان ينظر فيها القضاء، لكن بعد حدوث القرار الاتهامي وقال عضو الكتلة النائب امين وهبة: تتعين محاكمة من يثبت انه حاول تضليل التحقيق او حرفه عن اهدافه بمعلومات مغلوطة او مشوهة.
من جهته البطريرك الماروني نصر الله صفير ـ وردا على سؤال حول التغيير الحكومي ـ قال ان الرئيس سعد الحريري هو الرجل الابرز في هذا الظرف.
وزير التربية حسن منيمنة وغداة اجتماع مجلس الوزراء قال انا اتصور بعد كل الكلام الذي سمعناه بالامس، وكل الاحتمالات التي وصفت في التداول لم يعد من مفاجآت داخل مجلس الوزراء، فنحن امام جملة احتمالات بين ان يدور نقاش حول شهود الزور ليتابع في جلسة لاحقة سعيا للتوافق، او الذهاب الى التصويت، الامر الذي نرفضه ككتلة مستقبل ايا كان الطرف الرابح، وهناك احتمالات ثلاثة بفقدان النصاب، او التصويت بالتعادل السلبي، وهو بعض الحلول.
وعلى الضفة الثانية من نهر الازمة اعلن عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب نواف الموسوي ان «حزب الله» لن يقبل بالمس بسمعة مجاهديه عبر القرار الاتهامي في جريمة اغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري، مؤكدا ان الانتصار سيكون حليف الحزب في المواجهة السياسية، لافتا الى ان «فرصنا في الانتصار اكبر بكثير مما كانت عليه من قبل، بالاتكال على الله».
وفي حديث إلى «اذاعة النور»، أكد انه «عندما يطلق اتهام على جهة لا يعود الحديث معها حوارا بل يتحول الى تحقيق او محاكمة»، معتبرا ان «من يدعو» حزب الله إلى الحوار عليه ان يتوقف عن اتهامه، لافتا الى ان «من يسقط الحوار هو من يطلق الاتهام»، موضحا ان توجيه الاتهام الى حزب الله في جريمة مشينة كجريمة اغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري هو اهانة بالمعنى الاعتباري واعتداء بالمعنى السياسي وتجسس بالمعنى الامني تقوم به لجان التحقيق.
وردا على سؤال، أكد النائب الموسوي ان «المواجهة هي مواجهة ولكن المواجهة السياسية نحن قادرون على تحقيق الانتصار فيها».
وقالت «اذاعة النور» الناطقة بلسان حزب الله ان سيناريو اسقاط حكومة الوحدة الوطنية مازال يواجه بخطوط حمراء عربية واقليمية تمنع حدوثه.
وأكدت المصادر التي نقلت عنها الاذاعة ان اتصالات سورية ـ سعودية استمرت لمنع الوصول الى ما يمكن ان يؤدي إلى ذلك في هذه المرحلة الضبابية.
وكان «وزراء المعارضة» اجتمعوا في مبنى البرلمان بحضور المعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للسيد حسن نصر الله الحاج حسين الخليل، على وقع التزام المعارضة واصرارها على الانتهاء من ملف شهود الزور في مجلس الوزراء، من خلال التصويت.
وقال الوزير جبران باسيل بعد الاجتماع: نحن نقبل بنتائج التصويت ايا كانت، إذا خسرنا نكون خسرنا وإذا غيرنا خسر فعليه تقبل النتيجة.
لن نسمح بالاضطرابات
إلا أن مسحة من الاطمئنان شعر بها اللبنانيون امس بتأكيد العماد جان قهوجي امس بأن الجيش سيبقى بمنأى عما يحصل من تجاذبات سياسية وعلى مسافة واحدة من الجميع، لافتا خلال حفل تكريم للمؤسسة العسكرية في اليرزة الى ان الجيش لن يسمح بتحويل التباينات السياسية الى اضطرابات امنية تستبيح ارواح المواطنين وارزاقهم وتنال من المكتسبات الوطنية.