بيروت ـ عمر حبنجر ـ محمد حرفوش
خرقت الزيارة المفاجئة للرئيس ميشال سليمان الى دمشق الجمود السياسي في عطلة الأضحى، وأحيت الى جانب زيارة الرئيس سعد الحريري الى كل من موسكو والرياض الأمل بنجاح المسعى السعودي ـ السوري لايجاد مخرج مقبول للأزمة الناشئة في نطاق ملف المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. ولكن رغم تفاؤل الرئيس سليمان فقد بات واضحا انه لا طاولة حوار قبل عيد الاستقلال، خلافا لما كان معلنا وتقول الوزيرة منى عفيش في هذا السياق ان انعقاد الحوار واجتماع مجلس الوزراء مترابطان وينتظران نتائج المشاورات السعودية ـ السورية. الرئيس سليمان اتصل بالرئيس الحريري الذي كان في موسكو وأبلغه بشأن الزيارة التي طال انتظارها.
كما أجرى الرئيس سليمان اتصالا بالرئيس الايراني احمدي نجاد مهنئا بالعيد وأبلغه ان زيارته الى لبنان كانت مدعاة للاستقرار والهدوء فيه.
من جانبه، الرئيس بشار الأسد تلقى اتصالا من رئيس مجلس النواب نبيه بري هنأه فيه بعيد الأضحى المبارك، كما اتصل بري بخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للغاية نفسها.
القرار الظني
بدوره رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أنهى زيارته المثمرة الى موسكو وانتقل الى الرياض بعدما تلقى دعم الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف السياسي والتسليحي فضلا عن دعم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان اضافة الى رفضه تدخل الغير في شؤون لبنان الداخلية. وقد نفى رئيس الحكومة سعد الحريري وجود أي علم لديه بالقرار الظني المرتقب عن المحكمة الدولية، مستبعدا ان يؤدي الاعلان عن القرار الظني الى حدوث حريق في لبنان.
وقال الحريري في حديث لصحيفة «فريميا نوفوستي» الروسية ان القيادة اللبنانية لن تسمح بحدوث مثل هذا الحريق». واوضح «ان الرئيس ميشال سليمان وانا رئيس الحكومة ورئيس البرلمان نبيه بري والامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لن نسمح بحدوث حريق يهدد لبنان».
ومن جهة ثانية اعرب الحريري عن خشيته من لجوء اسرائيل الى تفجير الوضع في الشرق الاوسط.
وأشار إلى «ان المباحثات التي اجريتها مع القادة الروس تركزت على الموقف الاسرائيلي المتصلب وانا اخشى من حدوث انفجار في المنطقة بسبب التعنت الاسرائيلي».واعتبر ان تجاهل اسرائيل لمبادئ السلام التي اقرت في مدريد وخاصة مبدأ الارض مقابل السلام ادى الى موجة من التطرف التي تشهدها المنطقة، معتبرا انه لو ان اسرائيل التزمت بهذه المبادئ لما كان هناك وجود لتنظيم القاعدة وفروعه في جميع ارجاء المنطقة.
الحريري أجرى كذلك اتصالا بالرئيس بشار الأسد هنأه فيه بعيد الأضحى أيضا، ونقل عن الرئيس الحريري قوله بعد صلاة العيد في مسجد موسكو: اننا في لبنان نمثل نموذجا للإسلام المعتدل. كما التقى الحريري السفراء العرب في روسيا ووجه دعوة للرئيس بوتين لزيارة لبنان، وعد الأخير بتلبيتها.
الدور السوري محوري
وبالعودة الى المحور الداخلي قال عضو كتلة القوات اللبنانية النائب انطوان زهرة امس ان الدور السوري في موضوع القمة السورية ـ اللبنانية والأزمة الحاصلة محوري جدا، لأن كل التهديدات التي اطلقت من قبل حزب الله وحلفائه لا يمكن لها ان تترجم اذا لم تأخذ ضوءها الأخضر سوريا، وطبعا بقرار ايراني، فإذا لجأ حزب الله، لا سمح الله، الى استعمال القوة دون موافقة سورية، يكون الحزب يستعمل «الخرطوشة الأخيرة» وهذه الخرطوشة تستعمل عادة للانتحار وليس لإيذاء الآخرين.
وأضاف: الموقف السوري الحريص على الاستقرار يساعد على ذلك لافتا الى الكلام الكثير عن التسوية، علما ان التسوية ليست بيد أحد، ولن تكون على حساب المحكمة الدولية لأن ذلك خارج إطار الإرادة المحلية والإقليمية وهي أصبحت عملية دولية خارجة عن أي تأثير سياسي.
مدنية سلمية
وردا على سؤال حول التحضيرات لمقاومة مدنية سلمية في حال برزت تطورات سلبية من جانب قوى المعارضة، قال النائب زهرة لابد لنا في حال التعرض بالظلم على يد اي فريق وان كان فريقا لبنانيا ان نقوم بمقاومته سلميا عبر التمسك بالموقف المحتكم الى الدستور والقانون والمؤسسات الدستورية والقضائية وعدم اللجوء الى التهويل والإملاءات وممارسة القوة.
وأضاف: الوضع الذي كان في 7 أيار انتهى الى مفاوضات وتراجعات وتقديمات سياسية واليوم من الواضح ان قوى 14 آذار متمسكة بشكل واضح وتريد إرسال رسالة واضحة بأنها ليست مستعدة تحت أي ظرف للتفاوض لا حول المحكمة ولا حول الطائف وإمكان تعديله، لذلك، اضاف النائب زهرة على الفريق الآخر الذي يهول ويهدد ان يعرف انه لن يحصل على اي مكسب سياسي باستعمال العنف والقوة والاحتكام الى القانون والمنطق فقط.
رئيس المجلس السياسي في حزب الله السيد ابراهيم أمين السيد دعا البعض في لبنان الى الكف عن المراهنة على الأميركيين الذين لا مصلحة لهم في المنطقة سوى المصلحة الإسرائيلية. السيد الذي جال على المرجعيات الدينية الإسلامية مهنئا بالعيد، قال ان الأمل يكبر في أن تصل المبادرات المطروحة (سعودية ـ سورية) الى الخاتمة المطلوبة، لكن على اللبنانيين ان يساعدوا أنفسهم بملاقاة مبادرة من هذا النوع، لا أن يضع أحدهم اعتباراته الشخصية أولا. هذا، ويسود اعتقاد في بيروت ان الاسبوعين المقبلين يعتبران بمثابة فترة انتقالية لإنضاج طبخة تسوية تكون مقبولة وتوفق بين العدالة والاستقرار.
وتشير مصادر سياسية في هذا الاطار الى ان التواصل السوري ـ السعودي لصوغ مشروع مخرج للأزمة التي يتخبط فيها لبنان قطع شوطا مهما وحقق تقدما ينتظر المزيد من المشاورات للوصول الى خواتيمه بين دمشق والرياض.
حل مرتقب
وتوقعت المصادر ان تتم زيارة مستشار خادم الحرمين الامير عبدالعزيز بن عبدالله الى سورية في وقت قريب من اجل وضع اللمسات الاخيرة على صيغة حل مرتقب لأزمة المحكمة الدولية وعناوين سياسية اخرى.
وقالت المصادر ان رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري مطلعان على اجواء المسعى السوري ـ السعودي وكذلك رئيس مجلس النواب نبيه بري والامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي سبق وتوقع ان تثمر نتائجه قريبا.
وتحدثت المصادر عن مناخ في دمشق يعتبر ان بعض السيناريوهات التي جرى اطلاقها قبيل جلسة مجلس الوزراء الاخيرة اساءت الى اجواء الاستقرار والامن اللذين تحرص عليهما دمشق في لبنان كحرصها على استقرار سورية، وهذا الامر بات معلوما ومحسوما في العلن كما في الجلسات المغلقة امام جميع زوار سورية او حتى خارجها، كذلك فإن هذا المناخ في دمشق يعتبر أن بعض التهديدات أو المقاربات الأمنية التي جرى اطلاقها جزافا حول التحرك على الارض لاسيما لناحية الكلام عن 7 أيار جديد وغيره من التهديدات يدخل في مجال المزايدات التي لا تخدم حتما لا سورية ولا لبنان ولا المقاومة على الاطلاق.
وكشفت المصادر ان العناوين الدولية التي يركز عليها المسعى السوري ـ السعودي تتمحور حول الاستقرار الداخلي وآليات توفير شبكة أمان لهذا الاستقرار والحفاظ على تماسك حكومة الوحدة الوطنية والحؤول دون انفراط عقدها، ومعالجة الملفات الخلافية داخل المؤسسة الدستورية في مجلس وزراء وهيئة الحوار وغيرها، وعدم استخدام القوة او السلاح لحسم الخلافات بين القوى المتخاصمة.