كشفت مصادر رسمية فرنسية عن مجموعة من الأفكار تتم بلورتها حاليا من أجل تفادي نشوب حرب في لبنان من خلال البحث عن مخارج من التأزيم المتصاعد مع اقتراب القرار الظنــي عن المــدعي العــام للمحكمــة الــدولية في قضيــة اغتيــال الحــريري واقتـــراح بـ «اتفاق ـ وديعة» لإنقاذ لبنان، مؤكدة ان «الطبق الأساسي» في محادثات الرئيس السوري د.بشار الأسد والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يتناول الوضع اللبناني لأن ساركوزي «قلق من انفجار الوضع» و«من النتائج التي يمكن أن تترتب عليه».ولكن ما صورة الحل المنشود؟
تقول المصادر الفرنسية إنه حتى الساعة «ليس ثمة تصور نهائي ومكتوب» للصيغة النهائية للحل المنشود. لكن في المقابل، ثمة «تقدم كبير لجهة الأفكار» التي تحتاج إلى بلورة وتفصيل وإلى «آلية» تنفيذ. والأفكار المقبولة اليوم هي التالية: لا مجال لوقف سير المحكمة نحو القرار الظني ولا إمكانية لا للتأخير ولا للتعديل. ولذا تبدو كلمة «الوديعة» بمثابة المفتاح السحري الذي سينقذ لبنان مما هو متجه إليه. وهي تعني عمليا أن طرفي الأزمة في لبنان سيتوصلان إلى «تفاهم مكتوب» عبر الوساطة السعودية ـ السورية وبموافقة وبعلم أطراف عربية ودولية فاعلة. والتفاهم المنشود سيوضع «وديعة» بين يدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس السوري د.بشار الاسد اللذين سيكونان «الضامنين» له. وسيبرم الاتفاق قبل صدور القرار الظني ولكن لن يذاع إلا بعد صدوره. وبذلك يطبق اللبنانيون مجددا مفهوم «لا غالب ولا مغلوب» على طرفي المعادلة وهما تيار المستقبل من جهة ومعه حركة «14 آذار» وحزب الله ومعه المعارضة بجميع أطيافها الحكومية وغير الحكومية. وبهذا الإخراج يتم إرضاء رئيس الوزراء سعد الحريري بألا يعلن الاتفاق إلا بعد صدور القرار الظني ويرضي أمين عام حزب الله حسن نصر الله بحيث يبرم الاتفاق قبل صدور القرار المذكور. وبهذا الإخراج يكون كل طرف قد حقق نصف انتصار ومني بنصف خيبة. وكانت باريس منذ الصيف الماضي قد بدأت بالدعوة إلى دراسة كيفية التعاطي مع الملف فيما يسمى بالإنجليزية «داي أفتر» وهو ما تبلور مع الوساطة السعودية ـ السورية.
ولكن بعيدا عن الإخراج، ما مضمون الاتفاق؟ تفيد المعلومات المتوافرة بأنه سيتضمن التزامات متبادلة من الطرفين. الأول، «تيار المستقبل» يعلن ويلتزم بعدم المزج بين أفراد من الجانب الآخر قد ترد أسماؤهم في القرار الاتهامي أي رفض اتهام حزب الله باغتيال الرئيس الأسبق رفيق الحريري ويلتزم بعدم استخدامه في الجدل السياسي ولا في السعي لحشر حزب الله في موضوع السلاح. بينما الجانب المقابل يلتزم بعدم استخدام السلاح في الداخل وترك الحكومة تعمل بشكل طبيعي ويمتنع عن أي تحرك أو بادرة تؤزم الوضع السياسي.أما الشؤون التفصيلية الأخرى مثل كيفية التعاطي مع «شهود الزور» وخلافه فلا تبدو أنها عقدة العقد وستسوى إذا اتفق الطرفان على الأساس.
وبالطبع، الدور السوري من المنظور الفرنسي «أساسي» وهو ما سيقوله الرئيس ساركوزي لضيفه غدا عندما يلتقيه في قصر الإليزيه وذلك بحسب «الشرق الأوسط».