بيروت ـ عمر حبنجر والوكالات
فرضت معلومات نقلتها صحيفتا المعارضة «السفير» و«الأخبار» عن أوساط الرئيس السوري بشار الأسد عن أن المساعي السورية ـ السعودية حول لبنان توصلت الى نتائج «شبه نهائية» نفسها على طاولة النقاش السياسي في بيروت، وكان هناك من يؤكد هذه المعلومات من أركان المعارضة ومن ينفي علمه من أركان الأكثرية، في حين برز طرف ثالث سلّط الضوء على تعاظم المعارضة الايرانية العلنية للمحكمة الدولية، الموصوفة بالمسيسة، مصنفا مجمل الايجابيات الظاهرة على السطح في خانة التجاذبات الأميركية ـ الايرانية.
الطرف الثالث المراقب أشار لـ «الأنباء» الى ان هناك عاملين يعتبران مؤثرين في مسار الأمور اللبنانية تهدئة او تصعيدا، وهما تطورات الملف النووي الإيراني والوضع العراقي.
ويلاحظ ان حرارة الملف اللبناني ارتفعت مع وصول نائب رئيس مجلس الأمن القومي الايراني علي باقري الى دمشق ولقائه الرئيس بشار الأسد، ثم اجتماعه بالمعاونين السياسيين للرئيس نبيه بري وللسيد حسن نصرالله في العاصمة السورية، وقوله ان اي اجراء للمحكمة الدولية يمس المقاومة والوحدة الوطنية يصب في اتجاه ما يريده الأعداء.
الكلام المنسوب للرئيس الأسد
وإذا ما صحت المعلومات القائلة نقلا عن الرئيس السوري بشار الأسد «ان التسوية بلغت نتائج شبه نهائية لكن تأخيرا في الاعلان عنها، حصل بسبب مرض خادم الحرمين الشريفين الملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز واضطراره الى الانتقال الى نيويورك».
وربطت المعلومات ذلك بزيارة الرئيس سعد الحريري الى نيويورك حيث يقيم الملك عبدالله بن عبدالعزيز وبالتالي يطلع منه على أجواء التسوية، وجرت مقاطعتها مع كلام الرئيس ميشال سليمان في بكركي يوم عيد الميلاد عن «قرب نضوج التسوية الكبرى»، ارتفع منسوب التفاؤل بأن تبدأ ملامح التسوية بالظهور مع عودة خادم الحرمين الى السعودية مطلع العام.
لكن المتفائلين يخشون من الحصى الأميركية التي تعكر صفو مياه التسوية ومن اعادتها الى المربع الاول، خاصة بعد ما ورد في مقال نشر في صحيفة «الحياة» أمس الأول للسفير الأميركي السابق في الأمم المتحدة جون بولتون، الذي بدا ورغم النفي المتكرر من واشنطن والمحكمة ذاتها، بدا كأنه يعرف التوقيت والمضمون والأهداف، بقوله حرفيا: «قريبا سيبدأ المدعي العام للمحكمة الدولية بإصدار القرارات الاتهامية بحق الأشخاص الذين اغتالوا رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، وبات شبه مؤكد ذكر أسماء مسؤولين سوريين بارزين وآخرين تابعين لحزب الله، وقد تؤدي هذه القرارات الاتهامية إلى تجدد حرب عام 2006 بين إسرائيل وحزب الله، ومن المحتمل أن تشارك سورية هذه المرة». وهذه المخاوف عبّر عنها الرئيس السوري كما نقل عنه.
وبحسب صحيفتي «السفير» و«الأخبار» المقربتين من دمشق فقد اعتبر الأسد ان النجاح في مواجهة القرار الاتهامي المسيس ولجم تداعيات المحكمة الدولية على الوضع في لبنان، سيكون انجازا يوازي في أهميته حدث إسقاط اتفاق 17 ايار (1983) وانه أبلغ رئيس الحكومة سعد الحريري بهذا المعنى.
وأضافت الأوساط الناقلة كلام الرئيس الأسد لـ «السفير» تقول ان الأميركيين لم يتركوا وسيلة الا وحاولوا استخدامها لثني خادم الحرمين عن الاستمرار في مسعاه الخيّر بالتعاون مع دمشق.
14 آذار لـ «الأنباء»: لا شيء تحقق!
في المقابل ردت مصادر قريبة من اجواء قوى 14 آذار على ما يقال عن قرب ابصار التسوية السعودية ـ السورية النور بالقول لـ «الأنباء» ان الايحاء بان الامور في طريقها للحلول، هدفه تعميق التهدئة في لبنان وابعاد الكأس المرة عن هذا البلد، والى اجل غير محدد.
ونسبت المصادر الى زوار الرياض ان المسؤولين السعوديين واضحون في ابراز الصورة الحقيقية للحوار مع السوريين، وهم يؤكدون حرصهم على صون لبنان وابعاد المخاطر عنه، وهو ما تمكنوا من التوصل اليه بالتعاون والتفاهم مع القيادة السورية، لالف حساب وحساب.
وتنسب المصادر الى مسؤولين سعوديين ايضا القول انه لا شيء تحقق جراء هذا الحوار، الا التهدئة وتفادي الانزلاق في لبنان نحو الاسوأ.
وتشير المصادر الى انزعاج سعودي واضح من الصفقة التي عقدتها واشنطن مع طهران في العراق، كما تشير المصادر عينها الى قلق الاميركيين من ردود الفعل السعودية على هذا الالتفاف الاميركي عليهم في العراق.
لكن المصادر تؤكد لـ «الأنباء» ان رئيس الحكومة سعد الحريري صلب ومتماسك، وليس بامكانه التنازل في موضوع المحكمة الدولية.
الوزير اوغاسبيان: لا علم لدي
وزير الدولة جان اوغاسبيان (المستقبل) وتعليقا على ما نقل عن الرئيس الاسد من ان التسوية باتت منجزة، قال: لا علم لدي بهذا الخصوص، ولكن دون شك فان كل لبناني ينتظر المخارج السعودية ـ السورية والكل يدرك ان هناك جمودا على مستوى بعض المؤسسات اللبنانية، وبالذات مجلس الوزراء، لكن تفاصيل هذه المخارج، لاتزال سرية، وانا ارحب بسريتها.
واوضح اوغاسبيان انه ليس في اجواء زيارة رئيس الحكومة الى نيويورك سوى الاطمئنان على صحة جلالة الملك عبدالله بعد خضوعه لجراحات متعددة، اما الجزم بأن التسوية نضجت، فأنا اعتقد انها ليست تسوية بل مجرد تبادل افكار وجهود متبادلة.
وردا على قول ديبلوماسي غربي ان الاهم من الـ «س.س»، هو الـ «أ.إ»، اي اميركا وايران، قال اوغاسبيان: الاهم من كل ذلك هو الحراك اللبناني ـ اللبناني، والمطلوب في هذه المرحلة زيادة التواصل والمشاورات الداخلية.
من جانبها نقلت صحيفة المستقبل عن اوساط نيابية في قوى 8 آذار، واستنادا الى لقاء نائب رئيس الامن القومي الايراني علي باقري بالمعاونين السياسيين للرئيس نبيه بري والسيد حسن نصرالله، ان ايران تعتبر الوضع الراهن في لبنان مادتها الاساسية بشكل مباشر وغير مباشر، ولفتت الى التشدد في السرية حيال ما يحصل من مشاورات، واكدت الحرص على اشاعة التفاؤل في الايام العشرة الاولى من السنة.
جعجع يرفض
من جانبه، رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، رفض بعد لقائه البطريرك نصر الله صفير امس، مطالبة رئيس الحكومة سعد الحريري بالغاء المحكمة الدولية أو ترك البلد، وقال ان هذا الكلام غير مقبول، لا أخلاقيا ولا حتى لغويا.
وتمنى جعجع على اللبنانيين الا يأخذوا مثل هذا الكلام على محمل الجد. لانهم يعرفون مصدر هذه الاصوات، وعلينا ان نكمل حياتنا الطبيعية وان نتمسك اكثر فأكثر بالدولة وبمؤسساتنا الدستورية وعلى الله التوفيق.
بلغنا مرحلة متقدمة
وفي السياق الداخلي اعتبرت اوساط قريبة من الرئيس سليمان ان البلد لم يعد يحتمل المزيد من الشلل والجمود، بالنظر إلى التداعيات الخطيرة المترتبة على ذلك.
ونقلت صحيفة «اللواء» البيروتية عن هذه الاوساط قولها: يتعين معاودة جلسات الحكومة على أن يترك أمر معالجة قضية شهود الزور الى الاتصالات التي يجريها الرئيس ميشال سليمان العلنية وغير العلنية لايجاد حل لهذه القضية.
ولاحظت ان المعطيات المتوافرة عن المسعى السعودي ـ السوري يفيد بأنه بلغ مرحلة متقدمة جدا.
وبملاقاة هذا الكلام قالت الوزيرة منى عفيش ان الرئيس سليمان يقوم باتصالات داخلية وخارجية ويملك معطيات كثيرة، لكنه يعمل بهدوء وصمت، وهو من سيتخذ القرار في النهاية، اما اليوم فهو يترك المجال للوصول الى التوافق.