بيروت ـ عمر حبنجر
الترقب والانتظار مستمران في بلد مشبع بالتناقضات والازمات المفتوحة على الخارج، يواكبهما القلق على المستقبل القريب والبعيد، فالكلام عن تسوية نضجت المنسوب الى الرئيس بشار الاسد، لم يصدر تأكيد سوري له، ولا نفي، لكن عدم اعتماده من قبل الإعلام السوري وضعه في خانة التساؤل. لكن المساعي السورية ـ السعودية مستمرة بتركيز ملحوظ على التهدئة وحماية الاستقرار وهو ما شدد عليه رئيس الجمهورية في زيارته الجنوبية امس الأول، حيث دعا في الوقت عينه الى عدم التأثر بالتسريبات التي تشبه هذه الايام التبصير بالنفجان.
الرئيس ميشال سليمان اختار الاطلالة على العالم مع السنة الجديدة، من الجنوب وتحديدا من مبنى القوات الدولية العاملة فيه، حيث اوصل الرسالة إلى المجتمع الدولي عبر قنوات «اليونفيل».
تحرك جديد وقريب لسليمان
وتوقعت مصادر بعبدا تحركا اضافيا للرئيس ميشال سليمان الاسبوع المقبل، وبعد فترة رأس السنة الميلادية، بغرض كسر الجمود المفروض على الحكومة ومن خلالها على السلطة، ولحماية الدولة من الشلل المستطير.
وقالت المصادر ان جهد رئيس الجمهورية يصب في خانة المسعى السعودي ـ السوري آخذا في الاعتبار بعض المبالغات في الحديث كالقول بأن هذا المسعى بات قاب قوسين من انجاز مشروع التسوية.
الرئيس سليمان شدد في جولته الجنوبية على رفض الفتنة وعلى دعوة اللبنانيين الى عدم الاخذ بالتسريبات المتدفقة من كل حدب وصوب. وقال: مقابل اي ثمن سنمنع الفتنة؟ أغلى شيء في لبنان هو منع الفتنة.. ولذلك علينا ان نكون جاهزين لهذا الموضوع، الجيش وقوى الأمن الداخلي، والتي اثبتت جدارة في موضوع مكافحة التجسس تهنأ عليه، وايضا كشف شبكات الارهاب بمعاونة الجيش، قد تم التفاهم في بعبدا على تدارك الوضع ومنع الفتنة من الدخول الى لبنان، لقد اريد للفتنة ان تدخل من خلال اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والشهداء الآخرين، لكنها لم تحصل بفضل الجيش وبفضل الوعي عند اهل الشهيد والشهداء الآخرين، والآن لن نسمح للفتنة بالدخول لا تحت الستار الاسرائيلي ولا تحت ستار القرارات والاحكام المسربة والتبصير في الفنجان.
وتعجب الرئيس سليمان وهو رئيس الدولة، كيف لا يكون لديه علم بما ينشر ويقال عن اتفاقات لقد اتفقنا (في القمة الثلاثية)، على تنفيذ هذا الاتفاق.
رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي التقى سليمان ضمن اجتماع الاربعاء الأسبوعي بينهما قال لدى سؤاله عن مصير المسعى السعودي ـ السوري
لـ «الديار» ان الوعكة الصحية التي ألمت بخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ابطأت الحل، ولم تعطله.
واضاف: ان البعض في لبنان يريد استعراض هواياته في عرقلة الحلول داعيا الى التوقف عند دور الملك السعودي الصامد والايجابي.
السفيران عسيري وآبادي
السفير السعودي علي عواض عسيري قال من جانبه في بطاقة معايدة للبنانيين بمناسبة السنة الجديدة ان مستقبل لبنان يجب ان يكون صنيعة جهد ابنائه بتكاتفهم وتضامنهم، وتفانيهم، مشيدا بكفاءة الإعلام اللبناني.
بدوره سفير إيران غضنفر ركن ابادي تابع حراكه السياسي امس، بزيارة الاستاذ غسان تويني صاحب «النهار» والوزير السابق في منزله ببيت ميري، وقال ان اللقاء بدأ بمسيرة الاستاذ غسان تويني التي نعتز بها. وكان ابادي زار امس الاول وزير الخارجية علي الشامي والرئيس عمر كرامي، مكررا القول ان موقف ايران من المحكمة لا يتعارض مع المسعى السعودي ـ السوري.
في غضون ذلك تنتظر قوى 14 آذار عودة الرئيس سعد الحريري الذي ينتظر بدوره امكانية الهبوط في مطار نيويورك للقاء الملك عبدالله بن عبدالعزيز، في وقت لم تبد الاوساط القريبة منه لـ «الأنباء» ارتياحها للتسريبات او التصريحات المتعلقة بالتسوية المرتقبة. وقد لوحظ ان قوى 14 آذار رفضت التعليق على ما نسب للرئيس السوري عن تشبيه اسقاط القرار الاتهامي للمحكمة الدولية بإسقاط اتفاق 17 ايار 1983، الذي انعقد بين لبنان وإسرائيل برعاية اميركية، كونه نقل عن لسان الاسد، وليس عنه شخصيا، حيث امتنع مستشار رئيس الحكومة الوزير السابق محمد شطح عن التعليق على هذا الكلام، وقال: لا يمكن لأي طرف لبناني أو غير لبناني ان يدخل في مقايضة لاسقاط المحكمة الدولية والعدالة.
من جهته، منسق 14 آذار د.فارس سعيد، قال ان جميع اللبنانيين وربما ايضا العرب والعالم ينتظرون صدور القرار الاتهامي الذي هو بمثابة مفصل حقيقي كبير في لبنان، وجميع الاطراف تسعى الى استيعاب تداعياته كي يستمر الاستقرار عندنا سيد الموقف.
وبخلاف فرقاء 14 آذار الذين تجنبوا التعليق على ما نسب الى الرئيس السوري بشار الاسد عن قرب انجاز التسوية فإن سعيد تناول هذا الموضوع من زاوية التناقض بين ما ينسب للرئيس الاسد وبين الكلام الصادر عن الادارة السورية.
وعن مقاربة الرئيس الاسد في الكلام المنسوب إليه القرار الاتهامي باتفاق 17 آيار قال إذا كان هذا القول صحيحا فإن فيه ظلما كبيرا، لأن القرار الاتهامي صادر عن محكمة شكلها مجلس الامن واحترام قرارات الشرعية اللبنانية واجب وطني ودستوري، وبالتالي لا يمكن ان نصف هذا الموضوع بـ 17 آيار.
كلام غير رسمي
غير أن سعيد عاد ليؤكد ان الكلام المنسوب للرئيس الاسد ليس كلاما رسميا ونحن ننتظر التوضيح من القيادة السورية.
وقال ردا على سؤال: لا اعتقد ان هناك اتفاقا او تسوية على حساب المحكمة الدولية او على حساب العدالة في لبنان واعتقد ان الجميع يدرك ان اي فتنة في لبنان ستنعكس على العالمين العربي والاسلامي وهناك اصرار سعودي على استقرار لبنان.
أفضال حقيقية
وحول الموقف في حال تناول القرار احد عناصر حزب الله قال سعيد هنا تصبح المشكلة مشكلة الحزب، وبالتالي هناك عدة حلول على رأسها ان يتنازل الحزب عن اي مرتكب او مشارك في الاغتيالات السياسية التي حصلت منذ العام 2005، وحتى هذه اللحظة نحن نعتبر ان الحزب يمثل بيئة هي جزء لا يتجزأ من النسيج اللبناني، ونعتبر ان له افضالا حقيقية على استقلال لبنان بمواجهة الاحتلال الاسرائيلي، وفي الوقت نفسه نعتبر ان على الحزب مسؤولية اخلاقية قبل ان تكون سياسية او وطنية او قانونية لأن يتنازل عن اي عنصر مرتكب.
في المقابل نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم قال امس ان الحزب لن ينجر الى المهاترات الداخلية ولا الى عوامل الفتنة مذهبيا او طائفيا.
وأضاف قاسم ان من يريد تحييد لبنان انما يتحدث عن التخلي عن الارض والكرامة لمصلحة اسرائيل.
عون يوضح
اما العماد ميشال عون فقد تراجعت حملته على الرئيس سليمان من زاوية رفضه التصويت في مجلس الوزراء على ملف شهود الزور وقال ان اثارته للتصويت في مجلس الوزراء هي لحسم قضية الشهود وليست لنزع صلاحيات رئيس الجمهورية. واضاف عون هذا الموضوع فهم خطأ وقد اكدنا مسبقا لفخامة الرئيس ولدولة الرئيس اننا لن نعطل مجلس الوزراء اذا جاء التصويت ضد احالة الملف الى المجلس العدلي.