بيروت ـ عمر حبنجر
قوى الثامن من آذار تجزم بأن التسوية موجودة، وقوى 14 آذار تكاد تجزم بأنه لا شيء من هذا القبيل، المتحدثون عن هذه التسوية لم يثبتوا وجودها بالبرهان، والمؤكدون على عدم وجودها كذلك ايضا، ويكتفون باعتبار ان ما يطرح من عناوين مفترضة لها توحي وكأن هناك استسلاما من 14 آذار، خصوصا أن التسريبات تشير الى رفض القرار الاتهامي وبالتالي المحكمة الدولية ككل، وهذا الأمر برأي الأكثرية غير مطروح.
أعرف العارفين هو رئيس الحكومة سعد الحريري الذي وصل من نيويورك الى بيروت ظهر الاربعاء، حيث امضى ساعتين تحدث خلالهما هاتفيا الى الرئيس ميشال سليمان ثم طار الى الرياض، حيث توجد عائلته ولم يصدر عنه اي جديد، باستثناء الاعلان عن عودته الى بيروت وسفره الى الرياض، فضلا عما قيل عن رفضه توقيع مراسيم ترقيات الضباط بانتظار استكمالها. وتقول اخبارية المستقبل ان الامور باقية على ما هي عليه، وبخلاف ما كانت روجت له وسائل اعلامية موالية للثامن من آذار فإن اي تطور لم يطرأ على مواقف الاطراف المحلية والاقليمية التي هي على علاقة بالمساعي المواكبة لسير التحقيق الدولي والمحكمة الدولية.
«المستقبل» نقلت عن مصادر معنية ان المسعى
السعودي ـ السوري مستمر وغير متوقف وبالتالي لا صحة لأي تسريبات حول تشدد سوري وانكفاء سعودي ولا صحة ايضا لأي تسريبات حول صيغة تردد أن الرئيس الحريري تسلمها من خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وأن المعلومات المتوافرة في هذا السياق تشير الى اهمية انبثاق التوافق من تفاهم لبناني ـ لبناني أولا ويحظى برعاية سعودية ـ سورية ومسؤولية غياب هذا التفاهم تقع على عاتق القوى السياسية الرافضة للحوار والساعية الى تعطيل المؤسسات، وهذا ما لاحظه البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير في اشارته الى ان المسعى السعودي ـ السوري لا يكفي ما لم نكن متزودين بالتعالي على مصالحنا الشخصية والفئوية.
لكن «قناة الجديد» المقربة من المعارضة قالت ان الحريري ذهب الى نيويورك كي يتبلغ الاتفاق بهذا الشأن، وقد ترك له هامش لتعديل بعض النقاط، على أن يبدأ تطبيقها منتصف يناير.
وفي معلومات «الجديد» أن أوساط الرئيس الحريري نفت صحة التسريبات المسوقة في عدد من صحف المعارضة واعتبرتها استمرارا للحرب النفسية التي يشنها حزب الله بوسائل مختلفة من اجل اسقاط المحكمة ووصفت لقاءه العاهل السعودي بالناجح وبأنه لم تتم خلاله ممارسة اي ضغط عليه، بل تم استمزاجه في بعض النواحي لتصويب خط السين سين التفاوضي وجعله أكثر واقعية، وقالت الأوساط يخطئ من يعتقد أن الكرة في ملعب الرئيس الحريري.
من وافق ومن لم يوافق
ووسط هذه الاجواء الغامضة، أو المضعضعة كشفت صحيفة «الحياة» السعودية عما وصفته بموافقة الرئيس سعد الحريري على بنود التسوية والاتفاق مع السيد حسن نصرالله والتي ابقيت طي الكتمان.
ونقلت الصحيفة عن مصادر وصفتها بالمقربة جدا من الرئيس الحريري ان هذا الأخير وافق على الاتفاق السعودي ـ السوري، لكن لسوء الحظ لم يقم الجانب الآخر حتى هذه اللحظة بأي خطوة ايجابية من الخطوات التي تم الاتفاق عليها والتعهد بها أمام الملك السعودي، بل إن هناك محاولة للهروب إلى الأمام للالتفاف على معادلة السين سين في حوارات مع جهات أخرى.
ونفت المصادر للأنباء وجود زيارة قريبة للأمير عبدالعزيز بن عبدالله الى دمشق او بيروت.
تفسيرات منطقية
ما مدى دقة مثل هذه المعلومات؟ مصادر قريبة من 14 آذار أوضحت لـ «الأنباء» ان من يوصف بالقريب جدا من الرئيس الحريري عادة ما يكون الرئيس الحريري نفسه.
أما الجانب الآخر الذي لم يخط الخطوات المتفق عليها، فالمقصود به المعارضة اللبنانية المتمسكة بملف شهود الزور بهدف النيل من الرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة ومن الوزير السابق مروان حمادة والمعارضة العونية المتشبثة بملف فارغ لكنه صدّاح كالطبل، وهو ملف قطع حسابات الموازنة العامة، بذريعة انه ليس لديها ما تعارض به غير هذا الملف.
من جانبه، المستشار الديبلوماسي للرئيس الحريري محمد شطح وردا على سؤال حول صحة أو دقة الكلام المنقول عن المصدر «المقرب جدا» من رئيس الحكومة قال ايا كان الاجتماع الذي حصل في نيويورك فبحسب ما لدي من معطيات ومعلومات، أكيد انه لم يكن من أجل ابلاغ الرئيس الحريري باتفاق ما، بين السعودية وسورية، ولا بهدف الضغط على الرئيس الحريري للقبول بأمر ما، بل كان للاطمئنان على صحة جلالة الملك. وأضاف: البعض يتحدث عن تقدم والبعض الآخر وضع التقدم في مرحلة متقدمة، والبعض الآخر يضع التقدم بين مزدوجين، أي ضمن شروط رضوخ الرئيس الحريري، وأنا أقول اذا كان التقدم بقبول الرئيس الحريري رفض المحكمة، فلا تقدم، ولكن التقدم الذي نطمح اليه، هو بجهود وخطوات من الاطراف كلها، لتأمين عدة أمور قبل صدور القرار الاتهامي وبعده، هادفة الى تأمين استمرار الاستقرار بين الطوائف اللبنانية واستمرار التواصل الطبيعي بين الفرقاء السياسيين، واستمرار مؤسسات الدولة، وأخيرا تأمين استمرارية العلاقات اللبنانية ـ السورية على الطريق السليم، مؤكدا ان الكرة ليست عند الرئيس الحريري.
شطح اعتبر القول ان توقع صدور القرار الاتهامي قبل التسوية أو بعدها يعتبر نوعا من التبصير. القيادي في تيار المستقبل مصطفى علوش توقع استمرار الامور على هذه الصورة ريثما تظهر بعض الامور، وبالذات القرار الاتهامي عن المدعي الدولي، الى جانب نضوج بعض الامور الدولية. وقال ان المملكة العربية السعودية ملتزمة بما يؤمن الاستقرار في لبنان، وملتزمة أيضا بالمحكمة الدولية، التي تعتبرها سورية تهديدا للأمن في لبنان والمنطقة.
كل هذه المشكلات والاستحقاقات اللبنانية ستدور حكما الى السنة الجديدة، وعلى أمل ان تكون الحركة فيها أكثر بركة.
مشكلة ترقيات ضباط الأمن
وفي واجهة القضايا المجمدة في ثلاجة التعطيل الحكومي ترقيات ضباط الأمن الداخلي المجمدة، والتي جمدت معها ترقيات ضباط الجيش والمؤسسات الأمنية كافة.
وعلمت «الأنباء» في هذا السياق ان الرئيس الحريري عرج على بيروت وهو في الطريق من نيويورك الى الرياض لتوقيع بعض المراسيم، وفي طليعتها مراسيم ترقيات ضباط الجيش والاجهزة الأمنية، التي تصبح مستحقة اعتبارا من 1/1/2011، وانه عندما لاحظ ان ترقيات ضباط قوى الأمن الداخلي ليست جاهزة، بسبب موقف وزير الداخلية زياد بارود من المدير العام للأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، في هذا السياق، رفض ان يوقع الترقيات الاخرى.
وتخطت البنود المعلقة على جداول مجلس الوزراء المعطل الخمسمائة بند، لكن الرئيسين ميشال سليمان وسعد الحريري اتفقا بالأمس، قبيل مغادرة سليمان الى برشلونة في زيارة شخصية، والحريري الى السعودية، على إعادة تحريك عجلة مجلس الوزراء، بانتظار الحل المأمول على خط الـ «س ـ س».
بري يحضّر لجلسة نيابية
ولفت أمس ما نقل على لسان الرئيس نبيه بري عن نيته الدعوة الى جلسة تشريعية قريبة لمجلس النواب، وستكون هذه الجلسة من غير أوراق واردة، وقد تبحث في مشاريع عادية، كالمعاهدات ومنع التدخين في الاماكن العامة، لكنها لن تتطرق الى قضايا جوهرية كقطع حساب موازنات الاعوام 2006 و2009، بينما سيكون موضوع استيلاء اسرائيل على غاز المناطق البحرية المختلف عليها في صلب الاهتمامات النيابية. ويفترض ان يمهد هذا الحراك النيابي الى اجتماع لمجلس الوزراء منتصف الشهر المقبل، ونقل قريبون من الرئيس سليمان ما يوحي بانفراجات قريبة لن تتعدى الشهر المقبل، وبالتزامن مع صدور القرار الاتهامي للمحكمة الدولية.