بعث مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان برسالة إلى صحيفة «نيويورك تايمز»، رد فيها على ما جاء في مقالة مراسلها السابق في بيروت روبرت وورث عن جريدة «الأخبار» («نيويورك تايمز»، 29/12/2010). وقد نشرت الصحيفة الأميركية رد فيلتمان في عددها الصادر أمس، وجاء فيه:
«كسفير للولايات المتحدة الأميركية في لبنان بين عامي 2004 و2008، أنا هو الشخص الذي أمل رئيس تحرير «الأخبار» إبراهيم الأمين أن يشعر بالاستياء كل صباح لدى قراءته تغطيات جريدته. الأستاذ الأمين لفت انتباهي فعلا، لكن ليس بالطريقة التي أرادها. فالأخبار المغلوطة إلى حد كبير التي تناولت نشاطاتي، والتي نشرت في جريدته على أنها حقائق، كانت تضحكني في الصباح.
خلال فترة وجودي في لبنان، قابلت العديد من مجالس تحرير الجسم الصحافي الحيوي في البلد، ومن بينهم بعض الذين يعارضون الولايات المتــحدة الأمــيركية معارضة حــادة، وذلك في حــوارات غير معدة للنشر.
ومن بين الطلبات العديدة التي تقدمت بها للقاء الصحافيين، وحده مجلس تحرير «الأخبار» رفض استقبالي.
للأسف، «الأخبار» ليست مستقلة بقدر ما وصفتموها، وهي أقل بطولية بكثير مما اعتبرتموها في مقالكم. «الأخبار» لا تنتقد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، كما لا تنتقد صحيفة «تشرين» السورية الرسمية الرئيس بشار الأسد.
ما أثار فضولي فعلا أثناء وجودي في لبنان، هو اكتشافي عددا من الصحافيين والأكاديميين وممثلي المنظمات غير الحكومية الغربيين الذين، خلال استمتاعهم بالحياة الليلية في بيروت وتناولهم كؤوس النبيذ، يرون في حزب الله وشركائه فكرة رومانسية، فتصبح «الأخبار» مثلا من الأصوات الحقيقية التي تعبر عن الفئات المظلومة والمضطهدة في لبنان. لكنني، لا أعتقد أن العديد من هؤلاء الغربيين الليبراليين يتمنون العيش في بلد تسيطر عليه ميليشيا دينية غير مسؤولة، وحيث جريدة «الأخبار» هي مصدر الأخبار.
سمير قصير وجبران تويني اللذان عملا في صحيفة «النهار» قتلا في سيارتين مفخختين، والإعلامية الشجاعة مي شدياق شوهت بطريقة محزنة، هؤلاء هم من دفعوا ثمن الصحافة الحقيقية في لبنان، لا كتاب «الأخبار».
جيفري فيلتمان (مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى)
من المحرر:
أولا: لا ترى إدارة «الأخبار» في ما قاله السفير فيلتمان في رسالته الى «نيويورك تايمز» ما يخالف تقديرها بأن «الأخبار» أزعجته، ولم يكن أمامه سوى متابعتها، بل هو أقر أيضا بأنه كان يتضايق من احترام أجانب كثر في لبنان للجريدة وعملها.
ثانيا: إن إدارة «الأخبار» التي تدين التعرض للصحافيين أينما كانوا، تستغرب الربط بين استشهاد صحافيين كانوا يعملون في صحف أخرى ونفي صفة «الصحافة الحقيقية» عن «الأخبار»، كأن السيد فيلتمان يتمنى لنا الموت حتى يعترف بمهنيتنا. وفي جميع الأحوال، نذكر السفير فيلتمان بأن مراسل «الأخبار» في الجنوب، الشهيد عساف أبو رحال، قتله جنود الاحتلال الإسرائيلي برصاص وقذائف أطلقوها من داخل الأراضي المحتلة، بينما كان يقوم بعمله الصحافي عبر تغطية الاعتداءات الإسرائيلية على وحدة من الجيش اللبناني في محلة العديسة، لكن يبدو أن الصحافي الذي يقتل بالرصاص الإسرائيلي ليس ممن يدفعون ثمن الصحافة الحقيقية وفقا لفيلتمان.
ثالثا: لقد زارنا مندوب من السفارة الأميركية في بيروت في يونيو 2006 وطلب إيضاحات بشأن ما سماه مرجعية الجريدة المالية والسياسية وطابع الخط التحريري، وبرر أسئلته بأن السفارة في بيروت مضطرة إلى إبلاغ وزارة الخارجية في واشنطن لكي يتخذ القرار بشأن طريقة التعامل مع الجريدة، لأن هناك شائعات قوية بأنها تابعة لـ «حزب الله».
رابعا: رفضت إدارة «الأخبار» لقاء السفير الأميركي في مكتبه كما يرغب، إضافة إلى كونها لم تكن مهتمة بسماع آرائه المعروفة في كثير من المسائل، ومع ذلك، حافظ محررون وكتاب من «الأخبار» إلى يومنا هذا على التواصل مع ديبلوماسيين أميركيين، بما يحفظ كراماتهم ويحقق لهم غايتهم المهنية.