- جنبلاط: القوى الظلامية عطلت مبادرة الـ «س ـ س» والخلل تقني وليس سياسياً
- بري: يبدو أن لعبة الدول الكبرى أكبر من إرادة عبدالله والأسد الصادقة
بيروت ـ عمر حبنجر
عصفت الرياح القادمة من أميركا بسفينة الحكومة اللبنانية على ما قال وزراء المعارضة الذين أعلنوا استقالتهم منها إلى جانب «الوزير الملك» عدنان السيد حسين، لتسقط حكومة الرئيس سعد الحريري بـ «الثلث +1» بعد قرابة 24 ساعة على نعي مبادرة الـ «س ـ س» لتسوية الأزمة.
وبعدما قطع الحريري زيارته إلى واشنطن متوجها الى باريس للقاء ساركوزي، قالت مصادر تيار المستقبل ان الحريري سيعود على عجل اليوم ليجتمع بالرئيس ميشال سليمان وبحث ما آلت إليه التطورات.
مصادر المعارضة ربطت توقيت الاستقالة برفض الحريري عقد جلسة مجلس الوزراء التي اشترطها بجدول اعمال يتضمن بندا واحدا هو المحكمة الدولية، بيد ان المصادر الحكومية في بيروت اكدت لـ«الأنباء» ان توقيت الاستقالة هدفه احراج رئيس الحكومة امام الرئيس الاميركي، بحيث يصبح رئيس حكومة مستقيلة، مع الاشارة الى ان اتفاق الدوحة الصادر في مايو 2008، والذي انهى اعمال العنف في لبنان نص في فقرته الثانية على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية على ان «تتعهد كل الاطراف بعدم الاستقالة من الحكومة وعدم اعاقة عملها».
وطبقا لبرنامج المعارضة التي حولت منزل العماد عون الى مقر مؤقت لاجتماعاتها المفتوحة، عقدت قوى 8 آذار اجتماعا ثانيا عصر امس الأربعاء، في الرابية حيث انتهى الاجتماع بمؤتمر صحافي للوزراء الـ 10 تحدث خلاله الوزير جبران باسيل معلنا استقالة وزراء المعارضة، عازيا الاستقالة الى النتائج التي وصلت اليها الأمور من تعطيل وعدم قدرة الفريق الآخر على تخطي الضغوط الأميركية.
وأضاف باسيل: «بعد قيامنا بمحاولة أخيرة لاستدراك الأمور وإصرار الفريق الآخر على النهج نفسه الذي مارسه وإفساحا للمجال أمام قيام حكومة جديدة تستطيع القيام بواجبها نقدم استقالتنا»، مطالبا رئيس الجمهورية ميشال سليمان بالاسراع في تدارك الأمور.
وعن خيار المعارضة لتسمية رئيس حكومة مقبل، لفت باسيل الى أنه «عندما يدعو رئيس الجمهورية الى استشارات سيكون للمعارضة موقفها»، مشيرا الى أن «الخيار أمام رئيس الحكومة سعد الحريري وأمام اللبنانيين أن يختاروا بين بيروت وواشنطن، أو بين بيروت أو أي عاصمة أخرى». الا ان قناة الجزيرة ذكرت نقلا عن مصادر في المعارضة أن «الكتل النيابية التي تمثلها تتجه إلى ترشيح رئيس الوزراء الأسبق عمر كرامي ليكون خلفا للحريري».
وتضم الحكومة عشرة وزراء للمعارضة بموجب اتفاق الدوحة يمكن ان تستمر الحكومة من دونهم، لكن المعارضة ضمت الى صفوفها احد الوزراء الوسطيين الخمسة المحسوبين على رئاسة الجمهورية وهو الوزير عدنان السيد حسين، وفور قبول حسين الاستقالة على اساس انه وديعة المعارضة عند رئيس الجمهورية اصبحت الحكومة مستقيلة دستوريا عملا بمعادلة الثلث زائد واحد، ما يفترض ان تستتبعه استشارات رئاسية للنواب حول من يرشحون لتشكيل حكومة العهد الثانية.
بري: الأمن خط أحمر
رئيس مجلس النواب نبيه بري وخلال لقائه النواب في إطار اللقاء الاسبوعي كل اربعاء، قال ان السجالات السياسية ستأخذ مداها، بيد أنه أكد للنائب القواتي انطوان زهرا ان الأمن خط أحمر.
وعادة يصعد رئيس المجلس صباح كل اربعاء إلى بعبدا حيث يلتقي الرئيس ميشال سليمان، قبل ان يباشر لقاء النواب في مقره، لكن هذا لم يحصل أمس ولا الاربعاء السابق.
وأكد بري في بيان عن حصيلة لقاءاته النيابية الحرص على ان اي خطوة لاحقة يجب أن تكون في الاطار الديموقراطي ووفق القوانين والدستور.وشدد رئيس المجلس على أهمية الدور الذي قام به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس السوري بشار الاسد، مشيرا الى تأكده من ارادتهما الصادقة في الوصول الى حل للازمة.
لعبة الدول الكبرى
لكن بري رأى ان «لعبة الدول الكبرى كانت اكبر، قاصدا الموقف الاميركي الضاغط، والذي اصر على ان تحصل الحلول بعد صدور قرار الاتهام في اغتيال الحريري والشخصيات اللبنانية الأخرى وليس قبله، بخلاف ما تريد المعارضة بإصرار».
وكانت هيلاري كلينتون استثنت سورية من دول المنطقة التي اعتبرتها معنية بمعالجة الاوضاع في لبنان!
وقال بري للنواب انه لم يتحدث عما كان يحضر للتسوية، لكن من المؤكد انه كان لمصلحة جميع اللبنانيين، لاسيما ان ركنا اساسيا في الاتفاق كان استكمال تطبيق اتفاق الطائف.
ويذكر ان بري مهتم بتطبيق الفقرة المتعلقة بالغاء الطائفية السياسية في لبنان، فيما يهتم النائب وليد جنبلاط بتنفيذ الاتفاق المتعلق باستحداث مجلس شيوخ يكون رئيسه درزيا.
وزراء جنبلاط سيان
جنبلاط الذي له في الحكومة ثلاثة وزراء مازال موقفه من الاستقالة علامة استفهام، علما انه بتأمين الوزير الحادي عشر، تصبح استقالة او بقاء وزراء جنبلاط لزوم ما لا يلزم.
وبينما حذر بري من لعبة الدول الكبرى، حذر جنبلاط بدوره من لعبة الامم، داعيا بعد زيارة تشاورية لبكركي مع البطريرك الماروني نصر الله صفير قبل ظهر امس، الى الحلول اللبنانية ـ اللبنانية.
وقال: وقفت بالامس مع الرئيس بري على أهمية المساعي السورية ـ السعودية بالتفصيل انما حصل اختلاف كبير حول تفادي المضاعفات السلبية للقرار الاتهامي الذي قد يصدر في اي لحظة.
واضاف: صحيح ما قيل ان القرار تأخر أو أُخر، وقد كان هناك مسعى من قبل الشيخ سعد الحريري وغير الشيخ سعد الحريري للتأخير، لكن بالامس يبدو ان «القوى الظلامية» دخلت وكرر سأسميها «القوى الظلامية» على الخط وعطلت المبادرة، لكن من خلال المبادرة كان هناك اختراق كبير تمثل بتعطيل المفاعيل السلبية لقرار الاتهام.
خلل تقني وليس سياسياً
وأضاف متنهدا: هنا اشكال في سوء الاتصال اذا صح التعبير، لقد كان مطلوبا من المعارضة أمور معينة صحيح، لكن في الوقت ذاته كانت المعارضة تطالب الشيخ سعد الحريري بمبادرة وهذا صحيح، وبرأيي كان هناك خلل تقني وليس سياسيا، من يقدم قبل الآخر؟ ولو كنت انا مطلعا لاقترحت ان تكون المطالب من هنا وهناك سلة واحدة وبرعاية سعودية ـ سورية في الرياض كما كان مقترحا آنذاك. ونستطيع اليوم ان نقيم تلك السلة برعاية لبنانية.
دعوة للتواصل المباشر بين الفرقاء
وتذكر جنبلاط انه عندما كنا في أوج الحرب الأهلية السيئة الذكر، بين يمين وبين يسار بين فلسطينيين وبين كتائب الى آخره، كانت هناك دائما صلة اتصال بين الفرقاء لم يحدث في التاريخ ان انقطع الاتصال بين الفرقاء، كان هناك اتصال بيني وبين بشير الجميل وبيني وبين أمين الجميل، بين ياسر عرفات واليمين اللبناني من بشير الى أمين الى غيرهما، لماذا اليوم لا نستطيع ان نتحدث الى بعضنا البعض؟ نتكل على الدول الكبرى؟ ممتاز.. ومشكور الجهد الاستثنائي الجبار السعودي ـ السوري، دخلت قوى ظلامية عطلت، ماذا نفعل اذا عملت غدا هذه القوى في القرار الاتهامي، ماذا نفعل؟
وفي المواقف الدولية كان وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل قد حذر من أنه «إذا تحولت التهديدات باستقالة وزراء المعارضة في الحكومة اللبنانية إلى واقع، فحينها سيقع الانقسام، الأمر الذي قد يقود إلى نزاع سيشكل خطرا كبيرا قد يؤدي إلى مواجهة لبنان مشاكل مماثلة لتلك التي شهدها سابقا وهذا سيؤثر بالتالي على باقي بلدان المنطقة».
الفيصل، وفي مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي أحمد داوود أوغلو في أنقرة، تمنى «ألا تحصل هذه الاستقالات».
من جهته، أعرب داوود أوغلو عن استعداده لمساعدة الحكومة اللبنانية على الاستمرار، لافتا الى أن «الجهود الأساسية في هذه اللحظة تنصب على منع تصاعد حدة التوتر وتوفير ظروف النجاح للمبادرة التي تقوم بها المملكة العربية السعودية وسورية».
بدورها، اتصلت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بسلطات مصر والسعودية وفرنسا من أجل التوافق على إعلان دولي من أجل دعم لبنان ودعم المحكمة، والبحث وراء حل للأزمة اللبنانية.