أحمد شعبان
رغم أن صورة الاستشارات الرئاسية لتكليف رئيس الحكومة اللبنانية المقبل، باتت أكثر وضوحا مع إعلان النائب وليد جنبلاط تحوله التام الى جانب «سورية والمقاومة»، الا أن الرمال اللبنانية لا يبدو أنها ستتوقف عن الحركة، مع استمرار الجهود السياسية والزيارات المفاجئة والمشاورات المستمرة في أكثر من عاصمة إقليمية بموازاة حرب التصريحات والمؤتمرات الصحافية المستعرة في الداخل، خاصة أن الاستشارات المقرر لها أن تنعقد غدا وبعد غد، مازالت متأرجحة بين مؤكد انعقادها في موعدها ووفق الجداول التي انجزت، وبين قائل إن الرئيس ميشال سليمان يتعرض لضغوط خارجية تصب في خانة التأجيل.
من جهته وقبل ساعات من الموعد المعلن للمشاورات، لفت رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان إلى أن «الميثاقية تفرض اشتراك الجميع في المسؤولية للخير والاصلاح والخط المستقيم والدفاع عن الوطن، وليس فقط تقاسم الحصص والمنافع والمصلحة الخاصة». وأمام أعضاء السلك القنصلي الذين زاروه في القصر الجمهوري، أشار سليمان إلى أن «النموذج اللبناني يمثل تحديا، وعلينا إنجاح هذه الصيغة في وجه الإرهاب الذي لا يعترف بالآخر، وفي وجه صيغة يهودية إسرائيل، وفي وجه بعض النزعات التي بدأت تظهر في أوروبا، وتتناول عدم نجاح التعددية الثقافية».
وإذ أكد أن «الوعي يجب ان يكون كاملا وحقيقيا»، أشار إلى أن «لا احد يستطيع تغييب احد، وعلى الجميع ان يكون لديهم الاقتناع بالمشاركة بالمسؤولية، وعلى الرغم من صعوبة الظرف الراهن، فالغد سيأتي وتكون الأمور وجدت طريقها الى الحل».
في غضون ذلك، نفى المكتب الإعلامي للرئيس سعد الحريري المعلومات التي تداولتها بعض وسائل الإعلام حول توقيعه الاتفاق الذي جرى بحثه في شأن المحكمة الدولية، وأكد في بيان أنه «سبق للرئيس الحريري أن أعلن ذهابه بصيغة التسوية التي طرحت إلى أبعد مدى ممكن، على أساس خريطة طريق متكاملة، سبق أن أعدت في إطار المشاورات السعودية ـ السورية، ثم جرى التأكيد عليها من خلال الجهود القطرية التركية الأخيرة»، لافتا إلى أن «خريطة الطريق المذكورة، تتناول مستويات عدة في التسوية المطروحة، ولا تقف عند حدود الورقة التي أتى على ذكرها وليد جنبلاط، وجرى التداول ببعض بنودها في وسائل الإعلام».
وأوضح المكتب الإعلامي للحريري أن «البنود مجرد خطوة في مسار ديبلوماسي وسياسي، كان من المفترض أن يؤدي إلى صيغة متكاملة للمصالحة الوطنية، مؤكدا أن «ما ورد خطأ عن مصادقة الرئيس سعد الحريري على بنود الاتفاق مع كل من الرئيس بشار الأسد والسيد حسن نصرالله، أوحى كما ولو أنه جرى التوقيع على الورقة المتداولة، وهو أمر لم يحصل حتما، ولا أساس له من الصحة، فليس هنا أي توقيع أو مصادقة، والأمور بقيت في إطار المداولة».
لكن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري الذي كسر على ما يبدو الجرة مع الحريري، اتهم رئاسة حكومته بأنها سلمت وزيري خارجية قطر وتركيا خلال قيامهما بمساعي الوساطة الاخيرة في بيروت ورقة بنود تضليلية في محاولة استباقية لإفشال مهمتهما.
وقال بري مفندا بيان مكتب الحريري، بان المعارضة هي من طالب بصيغة متكاملة للمصالحة الوطنية تلغي صفة المعارضة والموالاة عبر حكومة انقاذ وطني وتطبيق اتفاق الطائف دون استنسابية والالتزام باتفاق الدوحة وتنفيذ مقررات الحوار الوطني.
واشار بري الى ان ورقة المعارضة تضمنت ايضا مطلب وضع نظام داخلي لمجلس الوزراء منعا للتزوير الذي يحدث حاليا في المقررات ونشرها بخلاف واقع صدورها وإعادة توزيع الحقائب الوزارية السيادية حتى لا تبقى وزارات حكرا على طوائف دون اخرى خاصة للنهب المالي القائم على قدم وساق منذ نحو عقدين من الزمن والغاء الهيئات غير الشرعية.
وأكد استعداد المعارضة لتنفيذ الاتفاق المعقود بينه وبين الحريري حول القوانين الـ 69 التي اتخذتها حكومة فؤاد السنيورة بأن يوقع الحريري مع الرئيس ميشال سليمان على مراسيم ارسالها مجددا الى مجلس النواب وليس بمخالفة القواعد الدستورية وتجاهل موقع رئاسة الجمهورية كما فعل السنيورة.
وطالب بري الحريري بالكف عن التحريض والتلطي بالدفاع عن موقع رئاسة الحكومة للتستر في الدفاع عن مصالح وأشخاص وتجيير مؤسسات لإمارة وهمية بحسب تعبيره.
من جهته، طالب رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات» اللبنانية سمير جعجع رئيس الجمهورية بإعادة الحق الى أصحابه وكشف في مؤتمر صحافي أمس، ان «الرئيس سليمان ورئيس المجلس النيابي نبيه بري عينا يومين للاستشارات من دون أي تداول مع فريق 14 آذار حتى من دون التداول مع الحريري»، معتبرا ان تأجيل الاستشارات يرجع الا أن «الرئيس سليمان أجل الاستشارات انطلاقا من حسه الوطني ورغبته أن تسيير الأمور بأبسط وأسلس طريقة ممكنة»، وأضاف: «نحن نتكل على استقامة سليمان ليفعل شيئا كي يبقى الحق مع أصحابه ولإيجاد حل مناسب».
أما خارجيا ووسط حديث عن زيارة مفاجئة قام بها رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم الى دمشق أمس الأول واستمرت الى أمس، استقبل الرئيس المصري حسني مبارك أمس أيضا الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل وبحث معه تطورات الوضع في لبنان، وكان الجميل دعا عقب اجتماعه أمس الأول مع الرئيس ميشال سليمان ـ إلى أن تتم الاستشارات النيابية لتكليف رئيس الحكومة المقبلة في جو هادئ، نافيا أن يكون ترشيح قوى 14 آذار لرئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري لرئاسة الحكومة الجديدة تحديا لأي جهة.