بتصـــفيق آلاف المشاركين وبهتافات آلاف المناصرين اطلت قوى الرابع عشر من آذار مجتمعة في ذكرى اغتيال رئيس الوزراء السابق الشهيد رفيق الحريري من «البيال» امس بعد ان قررت اقامة اليوم الشعبي الجماهيري الحاشد في ذكرى انطلاق ثورة الارز في الرابع عشر من آذار المقبل.
رئيس حكومة تصريف الاعمال وولي الدم سعد الحريري اراح الكثيرين في كلمة انقسمت الى 3 محاور وضعت النقاط على الحروف.
المحور الاول هو تقييم المرحلة الماضية بايجابياتها وسلبياتها، والثاني هو التأكيد على الثوابت التي كلفت اللبنانيين دماء وشهداء، والثالث تمثل في إطلالة على المرحلة المقبلة وخارطة الطريق الخاصة بها.
كذلك خرج الحريري عن صمته فيما يتعلق بمبادرة الـ «س ـ س»، حيث أكد أنه «لا عودة إلى هذه المبادرة»، لأنها كانت قائمة على فكرة واحدة أننا مستعدون للمشاركة في مؤتمر مصالحة وطنية يتصالح فيه كل اللبنانيين ويتسامح فيه كل اللبنانيين، مؤتمر يعقد في الرياض برعاية الملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز، وبحضور رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس السوري بشار الاسد، وعدد من الرؤساء العرب وقادتهم وبحضور الجامعة العربية يؤدي إلى مسامحة شاملة لكل الماضي، ومصالحة الجميع دون استثناء وتسامح الجميع عن كل الماضي دون استثناء، لكي تصبح بعدها تداعيات القرار الاتهامي مسؤولية وطنية جامعة، هذا هو أساس الـ «س ـ س» الذي كان في تفاصيله إعلاء مصلحة الدولة على أراضيها»، متوجها الى «من لديهم التباس أو يحبون أن يكون لديهم التباس أنه وقع على التخلي عن المحكمة الدولية بالقول: لدي قلمان، قلم الصحافيين الراحلان جبران التويني وسمير قصير». وأضاف «أمامي عقدان عقد الوزير الراحل بيار الجميل وعقد النائب السابق وليد عيدو، فبأي من القلمين أوقع؟ وأي من العقدين أمزق؟ اعتقدوا أننا سنتنازل عن كل شيء لأجل السلطة ونحن نرى أن السلطة هي آخر ما يستحق التنازل عن شيء من أجله»، واشار الحريري في الذكرى السادسة لاغتيال والده رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري في البيال الى انه «فاوضنا بصدق وأمانة من أجل مصلحة لبنان، إذ بنا نقابل بطلب الاستسلام لا المصالحة من قبل من لا يريدون حوارا لأنهم يرون أنفسهم أكبر من لبنان، فقلنا لهم اننا من مدرسة «ما حدى أكبر من بلدو»، وأنهوا الـ «س ـ س» لأنهم لا يريدون المصالحة الشاملة». وجدد الحريري «دفاعه عن المحكمة الدولية، رافضا الاتهامات التي وجهت لها بانها محكمة أميركية»، مشددا على أنها «ليست فرنسية ولا إسرائيلية وهي لا تستهدف فريقا أو طائفة، إنما تمثل أعلى درجات العدالة الإنسانية وستنزل القصاص فقط بالقتلة الإرهابيين الذين استهدفوا قافلة من أبطالنا على رأسها رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري». وأشار الى ان «هذه المحكمة وفق نظامها الأساسي ستوجه التهمة إلى أفراد ولن تلقيها جذافا وعليها الاستناد للأدلة والبراهين وعندها إذا أراد أحد أن يضع نفسه في خانة المتهمين فهذا خياره وطريق يختاره بنفسه»، مؤكدا «دعم المحكمة وقرارها وحكمها ولن نقول يوما ان التهمة موجهة إلى طائفة او حزب أو فئة». ورفض الحريري ما يقال أن «المحكمة موجهة للطائفة الشيعية في لبنان»، داعيا في هذا السياق، الى عدم الاستماع الى ما يقال ان هذه المحكمة موجهة ضد طائفتكم بل تبصروا الى اين يقودنا هذا القول»، مشيرا الى انه «لم نكن ولن نكون في معرض مواجهة مع هذه الطائفة أو أي طائفة من طوائف لبنان، وهذه هي مدرسة رفيق الحريري الوطنية والعربية والإسلامية، مدرسة تعلو فوق الطوائف والطائفية»، موضحا ان «الطائفة الشيعية هي مدماك أساسي في البناء اللبناني وجميع اللبنانيين شركاؤها في بناء الدولة ومواجهة العدو الاسرائيلي في هوية كل لبناني حقيق تجتمع كل الطوائف وأي اتهام لطائفة هو اتهام لكل اللبنانيين»، ولفت الحريري إلى أنه «دخل المعترك السياسي فجأة ودون سابق إنذار، وفي بعض الأحيان أصبت وفي أحيان أخرى أخطأت، وأصبت عندما ناديت بالوحدة الوطنية، لأن هذا البلد لا يحكمه أحد بمفرده، لا شخص ولا حزب ولا طائفة بمفردها وإذا افترض أي شخص أو حزب أنه أصبح بمقدوره أن يحكم بمفرده فليحاول لكنه يعيش وهما كبيرا»، مضيفا «نحن مددنا اليد في ذروة انتصارنا بعد انتخابات 2009 حتى بعد الجريمة بحق بيروت في مايو 2008، مددنا اليد وقد يكون خطؤنا أننا في كل مرة مددناها بصدق» وختم الحريري بالتأكيد على انتقاله إلى المعارضة واضعا 3 مبادئ للسير في المرحلة المقبلة «أولا التزام الدستور، ثانيا الالتزام بالمحكمة الدولية وثالثا التزام حماية الحياة العامة والخاصة في لبنان من غلبة السلاح».
من جانبه، أكد رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات» اللبنانية سمير جعجع انه «لا تراجع في الثوابت او العزيمة بسبب الانقلاب الأسود، الذي قام به ذوو القمصان السود، والذي أفرز أكثرية وهمية سوداء»، مشيرا الى ان «فريق الرابع عشر من آذار أخطأ عدة مرات خاصة عندما اعتقد ان سورية اجرت مراجعة شاملة لمواقفها من لبنان»، مؤكدا انه «إذا كانت ممارسات سلطة الوصاية الأولى أدت الى ثورة أرز، فمجرد بزوغ ملامح سلطة وصاية ثانية فسيؤدي الى ثورات أرز لا نهاية لها، حتى اقتلاع المرض من أساسه هذه المرة».
كما اعتبر انه حان الوقت لقيام دولة لبنانية فعلية، بسلطة واحدة، وسلاح واحد، من خلال تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي، كما لترسيم حدود لبنان، بشكل واضح ونهائي ولإطلاق المعتقلين والمفقودين في السجون السورية.
وأكد ان «وقت العدالة الاجتماعية، وتحسين وتطوير وتحديث حياة الناس قد حان»، مشيرا الى ان «عنوان المرحلة هو حرب كاملة على الفساد، بعد أن عاد شياطين فساد المرحلة الماضية، يطلون برؤوسهم من جديد». وشدد جعجع على «ان المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، إنجاز تاريخي لشعب ثورة الأرز، وثمرة نضال أكثر من ثلاثة عقود، في مواجهة الاحتلال والقهر والقتل والاغتيال والاخضاع، ولن يرضى أحد عبثا بها، أو تهديدا لوجودها حتى احقاق الحق والعدالة»، معتبرا ان «الصراع يدور حاليا بين لبنان الذي نريده ولبنان الذي يريده الآخرون بين لبنان البابا الراحل يوحنا بولس الثاني، ولبنان السيد علي الخامنئي وبين لبنان البطريرك الماروني نصرالله صفير ومفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني والسيد محمد مهدي شمس الدين، ولبنان ولاية الفقيه، كما بين لبنان المتمثل في النائب الاسبق مروان حمادة والاعلامية مي شدياق، ولبنان اللواء الاسبق جميل السيد ورستم غزالي».
بدوره، لفت رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» أمين الجميل الى أن «ثورة الارز نادت بالحرية والسيادة والاستقلال، وهي تناضل اليوم أيضا من أجل الحق والحقيقة والعدالة».
وأشار الجميل الى أن «أي مسؤول أو قيادي، سواء أكان دينيا أو مدنيا أو عسكريا، وسواء أكان رسميا أو حزبيا، لا يملك وكالة ليقايض أو ليساوم على إنجازات المقاومة اللبنانية وتضحياتها، لاسيما إنجازات ثورة الأرز»، مشددا على أن «أي مسؤول أو قيادي لا يملك حق التصرف بتراث الشهداء ودمائهم». وشدد الجميل على أن «مسيرتنا ستصل نحو هدفها لأنها مسيرة الحق والثوابت التاريخية، وكل ما هو غير ذلك باطل وزائف، وزائل». وقال: «إننا الاكثرية الشعبية والنيابية والديموقراطية والشرعية والاستقلالية»، مشيرا الى أن «الاكثرية هي التي تنبثق من إرادة الناس الحرة والقادة الأحرار، لا تلك التي تخرج من فوهات البنادق».
الى ذلك كان لافتا حضور الوزير السابق محمد عبدالحميد بيضون المهرجان وإلقاؤه كلمة قوية بمضمونها السياسي الموجه الى الداخل والخارج اذا قال «اليوم يقولون لنا هنالك انتقال سلس للسلطة، تداول دستوري وفقا للقواعد، فأنا أريد ان أذكر بشيئين انه منذ حوالي ستة أشهر وهناك حالة ترهيب، وما حصل ليس انتقالا سلسا، بل هو انقلاب، كما أريد ان اذكر بالفقرة «ي» من الدستور، إذ إن النواب عندما وضعوها كانت أعينهم على بعبدا»، موضحا ان «الفقرة «ي» تقول إن كل حكومة تشكل بعد اليوم بقوة السلاح ليست شرعية ونطلب من فخامة رئيس الجمهورية ألا يوقع أي مرسوم تحت هذا النوع من الضغوطات، والهدف من الانقلاب أصبح انتقاما شخصيا من سعد الحريري». وقال بيضون: «يعنيني كثيرا وأنا اللبناني الشيعي الجنوبي ان أقف أمام تجربة الشيعة السياسية، فهل تكرر أخطاء من سبقها ام ان تجربتها فريدة؟ لقد كان الامام السيد محمد حسين فضل الله يقول «الاختلاف المذهبي يجب ألا يكون وسيلة لإسقاط الاخوة الإسلامية، وليكن الحوار أساسا لحل المشاكل»، كما كان يقول ان «على الحركات الإسلامية ألا تتجند في مذهبياتها واقليميتها»، وهذا يعني أنه إذا أردنا مقاومة يجب ان تكون من كل اللبنانيين، والامام المغيب السيد موسى الصدر كان يقول «لبنان وطن نهائي لجميع بنيه اي انه رفض إعطاء أولوية للمشاريع الايديولوجية على مشروع بناء الدولة»، وبالتالي كان يريد ان يزيل الحرب من العقول، مشيرا الى ان «الامام الصدر وضع في ميثاق «حركة امل» أنه «ممنوع تصنيف المواطنين»، ولكن مع الاسف الشيعية السياسية تركت الامام الصدر، واتهموا نصف اللبنانيين بأنهم خونة وعملاء للأميركيين والنصف الآخر اعتبروه مقاومة، ويقول الامام الصدر أيضا «لا مصلحة تتقدم على مصلحة لبنان»، أليس في ذلك إعلاء لشعار «لبنان أولا» قبل ثلاثة عقود». وإذ ذكر بأن «الامام الصدر كان يقول: إن علاقتي مع المسؤولين السوريين هي في خدمة لبنان ولا يمكن ان تكون على حساب سيادته»، استذكر بيضون كذلك «الامام محمد مهدي شمس الدين الذي قال: إن على الشيعة في لبنان ألا يكون لهم أي مشروع خاص غير مشروع الدولة»، مشددا على أن «هذا ما يقوله أئمة الشيعة، وبالتالي على الشيعية السياسية الجديدة ان تصحح أخطاءها والوقت لم يفت بعد».