بيروت ـ أحمد عز الدين
علق رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد على ما اثير بشأن الطلبات التي تقدم بها المدعي العام الدولي القاضي دانيال بلمار والمتعلقة برغبته في الحصول على معلومات محددة موجودة في بعض الوزارات، معتبرا ان «هذه الطلبات تطول كل الشعب اللبناني، بذريعة التحقيق الجاري في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، وقد لاقت هذه الطلبات اعتراضات من الوزراء المختصين وطرحت تساؤلات كثيرة لدى غالبية اللبنانيين، حول مشروعيتها، وعززت الشكوك والريبة إزاء المبررات والأهداف، خصوصا أنها تتصل بمعلومات تفصيلية جدا عن كل مواطن في لبنان وتنتهك حقوقه الشخصية المفترض أنها مصانة بموجب الدستور، كما أنها تفضي عمليا إلى استباحة كل الوطن وكل المواطنين».
رعد، وخلال مؤتمر صحافي في مبنى مجلس النواب، لفت إلى أن «البعض حاول تصوير الاستجابة لهذه الطلبات كأنها من المسلمات، وسعى إلى اعتبار المتريث في تلبيتها خارجا على الدولة وعلى الشرعية الدولية على الرغم من أن توقيت هذه الطلبات يأتي بعد مرور ست سنوات على الجريمة، وبعد تسليم القرار الاتهامي، وفي اللحظة التاريخية التي يشهد فيها لبنان والمنطقة تجاذبات وتحولات ما يعزز الريبة والتسييس في التحقيق»، مضيفا «حتى لا يقع الشعب اللبناني، فريسة للتضليل والاستخفاف بحقوقه، والانتهاك لخصوصياته، تحت أي ذريعة من الذرائع، وجدنا، ككتلة نيابية، وكممثلين لشعبنا الأبي والحر، أن من الضروري تبيان حقيقة هذه القضية وعرض موقفنا منها».
وتابع رعد «لقد شرحنا في أكثر من محطة مضت، وبينا في أكثر من مؤتمر صحافي سابق، حول المحكمة الدولية الخاصة بلبنان نشأة وقواعد إجراء وإثبات، أنها غير شرعية وغير دستورية، وأنها صنيعة مصالح دولية تجاوزت إرادة ومصالح اللبنانيين ومؤسساتهم الدستورية القائمة، وإنها محكمة مسيسة وفيها كل عناصر الاستنساب، ولا تلتزم بأعلى معايير العدالة، وخلصنا إلى أن مثل هكذا محكمة لا ينتظر منها إحقاق حق ولا إقامة عدل، بل لن يفاجئنا أن تكون قوس عبور لوصايات دولية على لبنان وعلى أمنه واستقراره وسيادته»، مشددا على القول انه «في كل يوم يتأكد لدينا ولدى غالبية اللبنانيين والمتابعين صحة هذا التقييم».
وأضاف «كذلك ورد في مذكرة التفاهم الموقعة بين مكتب المدعي العام بلمار ووزير العدل في يونيو 2009 ما يلي: تضمن الحكومة اللبنانية بأن يكون مكتب النائب العام في المحكمة الخاصة حرا من أي تدخلات خلال قيامه بتحقيقاته في لبنان، وأن يتم تقديم كل المساعدة الضرورية له من أجل تحقيق تفويضه، وذلك يشمل تقديم كل الوثائق والإفادات والمعلومات المادية والأدلة التي هي بحوزة الأجهزة والإدارات والمؤسسات اللبنانية في القضايا التي لها صلة بتفويض المحكمة الخاصة بأسرع وقت ممكن، وجمع أي معلومات وأدلة إضافية حسية وتوثيقية، ما يعني أن طلب قواعد بيانات كامل الشعب اللبناني ولأكثر من 5 سنوات هو مخالفة واضحة بل سقوط فاضح لصدقية ادعاء الالتزام بقواعد الإجراءات ومذكرة التفاهم، كونه تجاوز صارخ لدائرة تفويض المدعي العام المنحصر بالأشخاص المسؤولين عن هجوم 14 فبراير 2005».
وأضاف رعد أن المحققين حصلوا على «آلاف المستندات من هيئة إدارة السير والشؤون الجغرافية ووزارة المال والاقتصاد ومصرف لبنان والسجل التجاري ووزارة العمل والمستشفيات وكازينو لبنان، فضلا عن عناوين لا مجال لإحصائها كلها، وعن قواعد أخرى لبيانات حساسة لم يتمكنوا من الحصول عليها لأسباب تقنية»، مستطردا القول «اليوم يأتي المدعي العام الدولي ليطلب بيانات ومعلومات جديدة تشمل بصمات اللبنانيين جميعا، أي بصمات 4 ملايين لبناني بمن فيهم فخامة رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب وأسلافه رؤساء الحكومات في الراهن والسابق، والنواب والوزراء والزوجات والأبناء والمراجع الدينية والعسكرية والمشايخ والرهبان والراهبات وكل الناس»، وسأل رعد «هل يوجد إنسان وطني عنده إحساس بالكرامة، يقبل مثل هذا الأمر؟ حقيقة كل اللبنانيين لا يقبلون هذا الأمر، فلماذا يراد أن يحصل؟ كذلك يطلب المدعي العام الدولي استمارات جميع مالكي السيارات، وجميع أصحاب دفاتر السوق في لبنان».
وأكد رعد أنه «لم يعد مقبولا بعد اليوم أن يستباح البلد بهذه الطريقة»، داعيا «كل الأحرار والشرفاء والوطنيين حيث تكون مواقعهم ومسؤولياتهم (الوزراء والوزارات، المديرون والإدارات، المسؤولون والمواطنون ...) إلى عدم التعاون مع طلبات المحكمة الدولية، لأن في ذلك استباحة لسيادة لبنان وتجاوزا للدستور والقانون»، مضيفا «نحن في كتلة الوفاء للمقاومة نقف جنبا إلى جنب في صف الوزراء، خصوصا أولئك الذين تصرفوا بمسؤولية وطنية عالية وشجاعة إزاء المخالفات الدستورية والقانونية التي تجاوزوا ورطة الوقوع فيها، على الرغم من كل التحريض والضغط الذي مارسه البعض عليهم وضدهم، إننا سنبقى مع هؤلاء الشرفاء ومع كل أبناء شعبنا الأحرار»، وأردف قائلا «نشد على أياديهم لعدم الخضوع لأي ضغوطات من أي سفارات سواء جهات داخلية أو خارجية، لاستباحة البلد وتقديمه لقمة سائغة مشرعة الأبواب وجعله يفتقر للحد الأدنى من مقومات السيادة والخصوصية، كما أننا في هذا السياق نقول بكل وضوح: يجب تجميد العمل بمذكرات التفاهم بين جميع أجهزة المحكمة ولبنان، وذلك إلى حين تشكيل حكومة جديدة تتولى مسؤولية البت في كل هذه الصيغ واتخاذ القرار الوطني المناسب بشأنها».