بيروت ـ عمر حبنجر
بعد «تسونامي» 14 آذار المشهود في بيروت امس، بات ثمة قولان حيال الحكومة الميقاتية العتيدة، الأول يرى انه من الأجدر للرئيس المكلف ان يعلن عن حكومته قبل تبلور الترجمات السياسية للحشد الجماهيري في ساحة الشهداء، والثاني يفضل التريث لمزيد من المشاورات والاتصالات، لأنه إذا تمكن الرئيس ميقاتي من تشكيل حكومة اللون الواحد، او «الألوان المتجانسة»، متخطيا الحاجز البشري الكبير الذي انتصب في ساحة الشهداء امس، فهل سيتسنى له تجاوز خط الدفاع الشعبي العريض عن المحكمة الدولية، عند صياغة البيان الوزاري، الذي تترقبه أكثر من جهة لبنانية وعربية ودولية؟
توقعات أوساط الرئيس المكلف، ان تعلن الحكومة في مدة أقصاها نهاية الأسبوع المقبل، مع إبقاء الباب مفتوحا لإمكانية إعلانها في الأسبوع التالي.
والمرجح حتى اليوم ان الحكومة ستكون ثلاثينية مختلطة من سياسيين وتكنوقراط ومستقلين، اذ يبدو ان حكومة من 24 وزيرا لا تفي بالمطلوب، او على الأصح بالمتطلبات، علما ان التفاهم مع العماد ميشال عون، بات أفضل إمكانية من اي وقت.
لقاء منتظر
ويفترض ان يلتقي ميقاتي بالعماد عون بين ساعة واخرى، نتيجة إصرار قيادات في قوى 8 آذار على حسم مسألة تأليف الحكومة، بالرغم من انه ليس من مستجد طارئ، او نقلة كبرى في عملية معالجة العقد وتلبية المطالب. إنما التقدم المحقق هو في توسيع دائرة الاتصالات وفتح ثغرات بحيث ان بعض الشروط السابقة لم تعد قائمة مثل استبعاد تسمية وزير الداخلية من قبل الرئيس ميشال سليمان، او إصراره على استبعاد الوزير بارود عن هذه الحقيبة الأمنية.
وأشارت المصادر الى ان العماد عون أبدى استعداده للبحث في كل الأفكار التي يمكن ان يطرحها عليه ميقاتي، من خلال التواصل المباشر وليس عبر الواسطة، لاسيما بعد إجماع حلفائه، في حزب الله خصوصا، على عدم جواز تأخير تأليف الحكومة، بعد احتفالات 14 آذار، وبعدما بين ان القرار الاتهامي للمدعي العام الدولي دانيال بلمار سيتأخر صدوره لشهرين إضافيين على الأقل.
وأوضحت أوساط ميقاتي ان اتصالاته الخارجية في شأن الوضع اللبناني، كانت إيجابية.
المصادر المتابعة قالت لـ «الأنباء» انها ليست واثقة بعد من ان القوى الاقليمية الداعمة للاكثرية الجديدة في لبنان اعطت الضوء الاخضر لتشكيل الحكومة رغم وصول احد المستشارين اللبنانيين للقيادة السورية الى بيروت وقيامه بجولة على قيادات 8 آذار، مما يفترض انه نقل رسائل تشجيعية على ازالة العقبات من طريق الحكومة، بدليل المرونة الظاهرة في موقف العماد عون.
المصادر اعتبرت ايضا ان ترجيح اسماء مرشحة للتوزير منذ الآن صعب للغاية، لكن المطروح في التداول شخصيات قريبة من دمشق ومن حزب الله، لا تشكل استفزازا لاحد.
الأولوية لمتابعة الدومينو
وحول الحديث عن قرب تشكيل الحكومة او عن تأخيرها، قالت المصادر لـ «الأنباء» ان القوى الاقليمية ربما لا تستطيع ابقاء حلفائها بلا حكومة، الا ان الحسابات العربية لهذه القوى تبقى اولويتها الاولى في ظل حركة الدومينو الشعبي التي تلف المنطقة.
ولاحظ مصدر معني لـ «الأنباء» امتناع حزب الله عن ارسال اي اشارة واضحة حول توقيت تشكيل الحكومة ونوعيتها وما سيكون عليه موقفه من البيان الوزاري وتحديدا موضوع السلاح والمحكمة الدولية وما يتفرع عنها على مستوى العلاقة مع الامم المتحدة.
بيد ان المتواضع عليه ان الحزب لا يستطيع ان يخرج عن الاستراتيجية السورية في لبنان تماما كما لا تستطيع سورية الابتعاد عن الاستراتيجية الايرانية في العراق، والامر يتناول تشكيل الحكومة ايضا وهذا ما يزيد من احراج الرئيسين ميشال سليمان ونجيب ميقاتي بالطبع.
وهنا يبقى السؤال ما اذا كان الرئيس سليمان سيوقع مرسوم حكومة لا تعطيه مع الرئيس المكلف الثلث الضامن كعنصر امان لها واطمئنان للغير، داخليا كان ام عربيا ام دوليا؟