اتفق المحللون والمراقبون على وصف العملية الأمنية التي نفذتها مخابرات الجيش اللبناني في قضاء الضنية (بلدة عاصون) بـ «الإنجاز النوعي» و«الصيد الثمين». فالمجموعة التي ضبطت وضربت في إحدى الشقق هناك هي أول خلية مرتبطة بـ «داعش» في لبنان وتعد مجموعة تنفيذية لديها قدرة التخطيط لهجمات إرهابية وتنفيذها، وهي مزودة بأسلحة ومتفجرات وأحزمة ناسفة. كما أن هذه المجموعة على علاقة مباشرة بعمليات «الانشقاق» عن الجيش أخيرا وبعض أشرطة الفيديو التي ظهر فيها عسكريون منشقون صورت في الشقة التي تمت مداهمتها.
في تفاصيل العملية ونتائجها:
بنتيجة تحليل الشريط الذي جرى بثه على مواقع التواصل الاجتماعي لانشقاق الجندي الأكومي، تبين أن مصدره الأساسي هاتف خليوي في جرود الضنية، ونتيجة الرصد تبين أنه في بلدة عاصون، وبدأت التحريات لمعرفة مكان وجود الهاتف وصاحبه، وتم تحديد الشقة الموجودة ضمن بناء قيد الإنشاء قرب مستشفى عاصون الحكومي، وتبين أن مجموعة من 7 أشخاص تتحصن فيها، وتم تحديد الساعة الصفر لتنفيذ العملية عند الخامسة والنصف فجرا.
وحدة من القوة الضاربة في فرع المكافحة تحركت من بيروت باتجاه الشمال، حيث قامت فجرا بتطويق الشقة المستأجرة منذ حوالي الـ 15 يوما من قبل أحد اللبنانيين، فبادر المسلحون الى إطلاق النار، ما دفع بالجيش الى الرد على مصادر النيران، وتطورت العملية الى تبادل واسع لإطلاق النار استمر زهاء الساعتين، انتهى بنجاح الجيش في القضاء على الخلية.
وقد حاول أحدهم وهو أحمد ميقاتي الفرار بعد إصابته باتجاه أحراج عاصون لكن الجيش تمكن من اعتقاله وباشر التحقيق معه. وقد ضبطت في مكان مداهمة الموقوف أسلحة خفيفة ومتوسطة، وقاذفات ورمانات يدوية وأحزمة ناسفة، وأعتدة عسكرية.
ويوضح مصدر عسكري أن «مقتل الإرهابيين الـ 3 خلال عملية الدهم لم يحصل عبر إطلاق النار مباشرة، فخلال اشتباك بين عناصر الجيش والإرهابيين، أطلقت النار بغزارة، حيث إن الشقة التي كانوا يحتمون بها مدججة بالذخائر والقنابل والمواد المتفجرة، فهذه المجموعة كانت تخطط لتنفيذ تفجيرات وأعمال إرهابية في مناطق عدة، فيما كان أحد الإرهابيين مزنرا بحزام ناسف، ونتيجة إطلاق النار انفجرت المواد المتفجرة، فاشتعل حزامه، ما أدى الى مقتله، وبالتالي لم يفجر نفسه قبل وصول الجيش إليه».
أمير هذه المجموعة اسمه أحمد سليم ميقاتي، من مواليد طرابلس العام 1968. سجن في سورية وعمره 16 سنة. كان أمير طرابلس في مجموعة الضنية ولم يلق القبض عليه، بعدما فر الى عين الحلوة وبقي فيها لسنوات. ألقي القبض عليه بجانب السفارة الرومانية في بيروت حيث استدرج الى هناك. مكث في السجن خمس سنوات بتهمة المشاركة في تفجيرات «ماكدونالدز». صدرت بحقه مذكرة توقيف غيابية بجرم تأليف عصابة مسلحة فيما يعرف بـ «قادة المحاور». وهو والد أبوهريرة ميقاتي العضو في تنظيم الدولة وعم بلال ميقاتي المتهم بذبح العسكري الشهيد علي السيد.
وتؤكد هذه العملية أن ثمة منظومة إرهابية متكاملة قد تكون مرتبطة بالتنظيمات المتطرفة («كتائب عبدالله عزام»، «داعش»، أو غيرها) تعمل على تنظيم هذه المجموعات ودعمها بالمال والسلاح، وهي تصطاد ضعاف النفوس ضمن الجيش اللبناني وتعمل على غسل أدمغتهم وإغرائهم لإعلان انشقاقهم.
وأكد مصدر عسكري ان «عملية الضنية تثبت بما لا يقبل الشك أن الشمال ليس متروكا، وأنه لم يصبح في قبضة «داعش» والإرهابيين مثلما يقال، وهذا دليل على أنه لن يكون بتاتا منفذا بحريا لأحد».