لم تتأخر ردة فعل فريق المعارضة وحلفاء سورية على «لقاء البريستول»، وتحديدا لجهة المشاركة الشخصية للرئيس سعد الحريري وترؤسه لاجتماع فريق سياسي لأول مرة من موقعه الجديد كرئيس للحكومة، أو لجهة ما عناه هذا اللقاء وما انبثق عنه من دينامية سياسية لفريق 14 آذار وعودته مجتمعا الى المسرح السياسي وتحت عنوان الذكرى السنوية لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري.
يعبر هذا الفريق عن صدمة ممزوجة بالخيبة إزاء ما يعتبره أول خطأ سياسي يرتكبه الحريري برعايته اجتماعا سياسيا «فئويا» والعودة الى مناخات وموقع وأداء ما قبل وصوله الى رئاسة الحكومة وزيارته الى دمشق، والامتثال لرغبة جهات متطرفة في فريق 14 آذار تسعى الى تعويم أوضاع وأجواء سابقة متلطية وراء ذكرى الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وبحجة إعادة المعنى الشعبي لها، مع ما ينطوي عليه هذا التوجه من مخاطر سياسية ومن استحضار روحية المرحلة السابقة وما يتطلبه من تعبئة سياسية وطائفية وإثارة غرائز وعصبيات الشارع المدعو الى الاحتشاد في ظروف مختلفة تماما عن تلك التي كانت سائدة في السنوات الـ 4 الماضية.
أكثر ما فاجأ خصوم الحريري انه خالف توقعاتهم في اتباع نمط وسلوك سياسي جديد يتناسب مع موقعه الجديد كرئيس حكومة كل لبنان ومع الظروف اللبنانية والعربية الجديدة المستندة الى التفاهم السوري ـ السعودي، ومع نتائج زيارته الى دمشق التي لم تتابع ولم تترجم كما يجب ويفترض بدليل ان أي تغيير ملموس لم يطرأ بعدها على الأداء والإعلام وخارطة العلاقات والمواقف.
وأكثر ما أثار حفيظة هذا الفريق ان الحريري قرر عملية إنعاش ورد اعتبار ودور لـ 14 آذار متمسكا بحلفائه المسيحيين ومعوضا انقطاع جنبلاط وابتعاده عن 14 آذار وغير منسجم مع المسار السياسي الجديد الذي أرسي بعد قيام حكومة الوحدة الوطنية برئاسته.
ولكن الرد على انتقادات المعارضة لم يتأخر من جهة 14 آذار التي تلخص ملاحظاتها الانتقادية في النقاط التالية:
1 ـ الزيارة الى سورية والمصالحة معها لا تعني، كما يحلو للفريق الآخر التعاطي معها، تكريس غلبة فريق على فريق والعودة الى «بيت الطاعة» أو عودة لبنان الى «الحضن السوري».
2 ـ لم يحصل التغيير المرتجى والمطلوب من سورية في سلوكها وتعاطيها منذ زيارة الحريري إليها. لا بل ظهرت مؤشرات عدة تدل الى رغبة دمشق في العودة الى مرحلة ما قبل 14 فبراير 2005، من زيارة «أبوموسى» الى لبنان، الى انعقاد مؤتمر دعم المقاومة في بيروت، الى تصاعد الدعوات المطالبة بإلغاء القرار 1559، الى إصرار غير مفهوم على فتح ملف إلغاء الطائفية السياسية.
3 ـ فريق 14 آذار يرفض ان يكون في الموقع الذي يريده فريق 8 آذار: موقع الدفاع ورد الفعل وفقدان زمام وروح المبادرة. كما ان قوى 14 آذار لا تقبل تحت عناوين وحجج المصالحات الداخلية والعربية والاستقرار السياسي والأمني ان يصار الى إلغائها أو تحوير مسارها السياسي ونسف قضيتها وهي قضية قيام الدولة.
4 ـ الرهان على ضرب 14 آذار وإنهائها فشل ولم يحقق أهدافه، والتهدئة القائمة هي نتيجة توازن قوى إقليمي ومحلي وأي خلل في هذا التوازن على خلفية تطورات مرتقبة في المنطقة سينعكس على المشهد اللبناني. وإذا كانت قوى 14 آذار متمسكة بـ «ثوابت ثورة الأرز» فإنها مدركة للحقائق السياسية الجديدة وضرورة التكيف معها. وهذا الموقف الدقيق ستترجمه في محطة 14 فبراير التي ستكون بمثابة «محطة تأسيسية لمرحلة سياسية جديدة».