بيروت ـ عمر حبنجر
عقد مجلس الوزراء اللبناني جلستين متتاليتين قبل وبعد ظهر امس الاربعاء، الاولى وزارية أمنية موسعة خصصت للبحث فيما آل اليه موضوع الطائرة الاثيوبية التي شوشت التصريحات اذهان اللبنانيين حول اسباب سقوطها المدوي، وكيفية اقناع اهالي الركاب بأنه لا طائل من متابعة البحث عن اشلاء جثامينهم المبعثرة، والثانية حكومية عالجت 56 ملفا اداريا بحتا، الى جانب التحضير لاجتماع مجلس الوزراء المقرر في بعبدا اليوم الخميس لحسم موضوع الانتخابات البلدية والاختيارية.
الاجتماع الوزاري ـ الامني الذي انعقد عند الحادية عشرة ظهر امس فرضته تطورات اليوم السابق، خصوصا اعلان وزير الصحة د.محمد خليفة من مستشفى رفيق الحريري الحكومي ان الطائرة الاثيوبية انفجرت في الجو، وهذا ما يفسر تشظيها وتناثر اشلاء معظم ركابها.
الا ان تطورا خطيرا برز امس بعد ان اعلنت شركة الطيران الإثيوبية المالكة للطائرة انها «لا تستبعد اي فرضية بما في ذلك العمل التخريبي» بالوقوف وراء تحطم الطائرة داعية الى انتظار نتائج التحقيقات.
انفجار غير إرهابي
وامام اندهاش الناس من تصريحات خليفة، عاد الوزير، الموصوف بهدوئه ورصانته، الى التوضيح انه لم يقصد في كلامه ان عملا عسكريا هو الذي سبب تفجير الطائرة، انما الانفجار قد يحدث نتيجة الاصطدام بعوامل اخرى مناخية، كالصاعقة مثلا.
وأوضح المكتب الاعلامي للوزير خليفة ان ما ورد على لسان الاخير كان في سياق الحديث عن الجثث والاشلاء، مؤكدا ان الجثث كانت كاملة عند انتشالها في بداية الامر ثم تحول العمل الى انتشال جثث واشلاء مشوهة نظرا الى الفترة التي مرت عليها في أعماق البحر.
واضاف المكتب الاعلامي لخليفة ان استعماله كلمة «انفجار» أو «تحطم» لا يعني انها مرتبطة بالسبب الذي أدى الى سقوط الطائرة.
وفي ذات الموضوع، اعلن خليفة في تصريح رسمي ان فحوصات الحمض النووي ادت الى التعرف على جثة الراكب طارق جورج بركات (39 سنة) وحسين يوسف الحاج علي، اضافة الى جثث 3 اثيوبيين بينهم قبطان الطائرة.
كما عثر على المزيد من الاشلاء، لأنه وبحسب وزير الصحة بات يتعذر العثور على جثث كاملة يمكن التوصل الى تحديد هويتها.
وقال الوزير خليفة الحقيقة مرة، لكن لابد من قولها، ولابد من الاعتذار من الاهالي على قساوة هذه الحقيقة.
وحاول الوزير خليفة الايحاء بضرورة صدور موقف رسمي مغطى من المراجع الدينية، يعلن وقف عمليات البحث عن الجثث التي تحللت وصارت اشلاء يتعذر فرزها عن بعضها البعض، واقامة مأتم وطني رسمي لجميع ركاب الطائرة المنكوبة، من انتشلت جثثهم ومن لم تنتشل، مذكرا بأن القوانين الدولية تسمح بوقف عمليات البحث البحري بعد مضي 72 ساعة، في حين يستمر البحث عن ركاب الطائرة الاثيوبية منذ 15 يوما.
تطور جديد في موضوع الطائرة أثار الاهتمام البالغ ويتعلق بالصندوق الاسود للطائرة الذي انتشل وارسل الى فرنسا مع بعثة تحقيق رسمية، فقد عادت هذه البعثة مساء امس الاول على الطائرة التي وضعها الرئيس الحريري بتصرفها، وترافقت عودتها مع خبر لوكالة رويترز من باريس يقول ان التحليل الاولي لمضمون الصندوق الاسود يشير الى ان سقوط الطائرة ناجم عن «خطأ الطيار».
هذا الخبر فاجأ الجميع، لمخالفته قول الخبراء في وقت سابق ان تحليل الصندوق الاسود وتبيان نتائجه يحتاج الى ستة اشهر على الاقل، فإذا به يحصل قبل مضي 24 ساعة على فتحه.
وشهد الملف امس تطورا آخر ملحوظا بإعلان وزير الاشغال العامة والنقل غازي العريضي انه تم العثور على الصندوق الاسود الثاني للطائرة الاثيوبية الغارقة في المياه اللبنانية.
وأوضح العريضي في تصريح له أمس انه تم نقل الصندوق إلى قاعدة الجيش اللبناني البحرية في بيروت تمهيدا لنقله إلى فرنسا.
وقال العريضي إن الصندوق عثر عليه في المنطقة نفسها التي عثر عليها الصندوق الأسود الأول وأجزاء أساسية من الطائرة وبعض الجثث والأشلاء لضحايا التحطم أي قبالة سواحل بلدة الناعمة. وأوضح أن الصندوق انتشله غطاسون من مغاوير البحر في القوات البحرية اللبنانية.
الحريري يدعو لاجتماع عاجل
وبالاستناد اليه قرر الرئيس الحريري الدعوة للاجتماع الوزاري والامني الواسع بمشاركة الفريق اللبناني في لجنة التحقيق العائد من باريس، للوقوف على معطياته حول مسؤولية كابتن الطائرة.
كما عرض في الاجتماع المخرج النفسي والمعنوي الملائم من حلقة البحث المفرغة عن الاشلاء، كالدعوة لمأتم وطني كبير للضحايا، أو اقامة نصب بأسمائهم على شاطئ الناعمة قبالة مكان سقوط الطائرة، أو تنظيم عملية رش جماعي للزهور في البحر على شاطئ الكارثة الجوية، حيث يرقد نحو ستين مواطنا.
وقال مصدر مشارك في الاجتماعات لـ «الأنباء» ردا على سؤال، ان الوزير خليفة، أخطأ في التعبير عندما تحدث عن تفجير الطائرة بالجو، بحيث أوحى وكأن في الامر عملا ارهابيا، وهو ما عاد وأوضحه لاحقا.
أما الحديث عن «خطأ الطيار» الذي تحدث عنه «مصدر مطلع» لرويترز في بيروت، وليس من باريس فهو ما تمحور حوله نقاش المجتمعين في السراي الكبير.
في هذا الوقت عادت سفينة اوشن البيرت الى بقعة سقوط الطائرة بعد انسحابها الثلاثاء باتجاه مرفأ بيروت للتموين فيما تواصل السفينة الاميركية يو اس.ان.اس.غرافيل البحث عن الصندوق الأسود الآخر.
مدير مستشفى الحريري الحكومي د.وسيم الــوزان قــال ان نتائــج الفحوصــات الجينية علــى الاشــلاء الملتقطــة من البحر، تتطلب 48 ساعة للظهور، واشار الى وصول اجزاء بشرية.
الوزير علي العبدالله توقع ان تكون صاعقة رعدية ضربت بطن الطائرة اثناء محاولة الربان الصعود فوقها بقصد تفاديها.
الانتخابات البلدية
بعيدا عن موضوع الكارثة، الاستحقاق البلدي تناوله امس وزير الداخلية والبلديات زياد بارود في مؤتمر صحافي اكد فيه مجددا الاستعداد لإجراء هذه الانتخابات في الموعد، وبحسب اي قانون يتم الاتفاق عليه، معلنا عن نشر القوائم الانتخابية البلدية وتحدث عن الاستعدادات الادارية واللوجستية.
وسيكون هذا الاستحقاق على طاولة مجلس الوزراء عصر اليوم الخميس في بعبدا.
الوزير اكرم شهيب عضو اللقاء النيابي الديموقراطي شدد امس على ضرورة اجراء الانتخابات البلدية في موعدها حتى ولو على اساس القانون القديم.
واضاف: النقطة الأساسية المركزية هي إجراء الانتخابات في موعدها وهذا يحرك 3 نقاط اساسية: موضوع الانتهاء من الموازنة وملء الشواغر في الإدارات، اي التعيينات الادارية ثم اخيرا قانون البلديات، معتبرا ان اجراء الانتخابات على القانون القديم افضل من عدم اجرائها.