أقر مجلس الوزراء دفعة جديدة من التعيينات في لجنة الرقابة على المصارف بعدما عين في جلسة أول من أمس دفعة لملء الشواغر في هيئات رقابية ادارية وقضائية عبر التصويت إثر تعذر التوافق، ما أحدث فرزا سياسيا تجاوز الانقسام بين معارضة وموالاة. وهذا ما دفع بمصادر وزارية الى توضيح الأسباب التي أملت على الحريري طرح التصويت، قائلة إن ذلك «أتى تكريسا للمبدأ الدستوري بعدما تعذر الحصول على توافق الوزراء وإجماعهم على الموضوع، ولئلا تتوقف الإجراءات التنفيذية واتخاذ القرارات داخل الحكومة»، وقالت المصادر: «في حال أراد البعض متابعة حملته على الحكومة القول إنها حكومة شلل، فالتصويت هو أفضل طريقة لإظهار الطرف المسبب للعرقلة والفشل وعدم اتخاذ القرارات استنادا إلى النص الدستوري الواضح في هذا الخصوص». وجاءت جلسة تعيينات الهيئات الرقابية لتذيب «الثلث الضامن» المموه الذي تبعثرت مكوناته شمالا ويمينا، فصوت وزراء أمل مع التعيينات (الى جانب المستقبل والاشتراكي والقوات والكتائب) وصوت وزراء تكتل التغيير والإصلاح ضدها وامتنع وزيرا حزب الله، فيما تولى وزير حزب الطاشناق، حليف عون، التبرع بصوته لتأمين ترجيح كفة الثلثين لمصلحة إقرار التعيينات. فيما قالت مصادر حكومية ان ما حصل في المجلس كان نتيجة تحالفات ظرفية لا «تحالفات سياسية»، مشيرة الى ان تيار المستقبل كان قد صوت في مجلس النواب قبل أسابيع الى جانب تكتل عون في موضوع خفض سن الاقتراع، معتبرة ان ما حصل «لا يصلح للبناء السياسي عليه»، وأشارت الى ان الطاشناق، كما الرئيس بري، صوت مع التعيينات تحت عنوان «منع الشلل في الادارة الرسمية». وفي رأي مصدر مراقب ان ما جرى في مجلس الوزراء حول تعيينات رؤساء الهيئات الرقابية يعكس جملة حقائق اهمها ان عملية خلط الاوراق السياسية بصورة عامة انعكست في المرحلة الاخيرة على كثير من الامور، ولابد ان جلسة مجلس الوزراء تأثرت بشكل او بآخر بهذه العملية، كما اثبتت جلسة مجلس الوزراء ان مقولة صعوبة اداء حكومة الوحدة الوطنية وفشلها هي مقولة خاطئة بدليل ان مجلس الوزراء لجأ الى التصويت ونجح في اقرار التعيينات الثلاث من دون اية مضاعفات، على الرغم من اعتراض التيار العوني وامتناع حزب الله عن التصويت.
- نقل زوار الرئيس ميشال سليمان «حرص الرئيس على التمثيل المسيحي في التعيينات الادارية»، وتأكيده ان «توقيت التعيينات لا يعني التفريط بحقوق المسيحيين أو الحاق الغبن بهم»، وانه أشار أمامهم الى ان «مجلس الوزراء يقوم بالتعيينات الضرورية من أجل السير بالتعيينات الأخرى». وقد شدد رئيس الجمهورية، وفق زواره، على ان «ادارة الدولة تعود له ولرئيس الحكومة وهما يختاران التوقيت»، متسائلا: «اذا فرغ منصب مسيحي في المستقبل فهل ننتظر شغور منصب مسلم للقيام بالتعيين».
- تتهم مصادر في التيار الوطني الحر الرئيس بري بترتيب الصفقة الثنائية مع رئيس الحكومة سعد الحريري حول التعيينات الأخيرة وفي رئاسات الأجهزة الرقابية، وبأن بري هو الذي شجع الحريري على اللجوء الى التصويت لبت التعيينات.
- سارعت قيادة الطاشناق الى الاتصال بعون بغية توضيح موقف الحزب للرد على التساؤلات التي رافقت تصويت ممثله في الحكومة الى جانب إصدار التعيينات، وكان أبرز الأسئلة: هل موقفه هو مؤشر الى تصدع في تكتل التغيير وبداية لخروج الطاشناق منه؟ وهل تصويت دده يان جاء تتويجا لاتفاق تم التوصل إليه بين رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري والطاشناق من وراء ظهر عون؟ وتبين خلال الاتصالات أن لا خلفية سياسية لموقف دده يان من التصويت لمصلحة التعيينات يمكن أن تنم عن توجه لدى الطاشناق لإبرام أوراق الطلاق تمهيدا للافتراق عن عون، وبالتالي فإن موقفه نابع من قرار ذاتي لم يسبق التشاور في شأنه، إضافة الى أنه لم يكن خاضعا لحسابات الربح والخسارة، أو تسجيل موقف داعم للحريري في وجه تكتل التغير وإلا لما كان دده يان انحاز الى الكتلة الوزارية الرافضة لتأجيل إصدار الدفعة الأولى من التعيينات، كما تبين أن ممثل حزب الطاشناق النائب هاغوب بقرادونيان الذي تولى الاتصال بعون لتوضيح موقف الحزب، أكد له عدم التعامل مع تصويت دده يان من باب الانقلاب على تكتل التغيير.
أما في شأن امتناع حزب الله عن التصويت، فقالت المصادر نفسها إن ممثلي الحزب في الحكومة الوزيرين محمد فنيش وحسين الحاج حسن اختارا الوقوف في منتصف الطريق بين الحريري من ناحية وحليفهما «التيار الوطني» من ناحية ثانية.