- تحرك المحكمة الدولية والقمة العربية في ليبيا يهددان بتصدع الواقع السياسي في لبنان
بيروت ـ عمر حبنجر ـ داود رمال
فيما تعقد قوى 14 آذار مؤتمرها السنوي اليوم، يواجه الائتلاف الحكومي في لبنان سلسلة اهتزازات تصدعية، بفعل اصطدامه باستحقاقات جوهرية، لايبدو مهيأ لاستيعابها، وكنتيجة لهذا الواقع المقلق، بدأت تطفو على سطح الاحداث السياسية سجالات حادة، يكاد يبدو الوضع الحكومي معها على حافة المنحدر.
وما بين هذين الموقفين، اكد رئيس الحكومية اللبنانية سعد الحريري ان الحرب في المنطقة لم تكن يوما بسبب قرار اتخذه لبنان. وأشار الى ان اي حرب في المنطقة هي نتيجة مباشرة لتقاعس المجتمع الدولي والفشل في التقدم جديا في مسيرة التسوية.
وعن التهديدات الاسرائيلية ضد لبنان بسبب انضمام حزب الله للحكومة، قال الحريري لوكالة الانباء الالمانية انها ليست المرة الاولى التي يشارك بها حزب الله في الحكومة.
لافتا الى ان ذلك يفسر كيف ان الاسرائيليين يبحثون دائما عن اعذار. واكد الحريري ان العلاقة مع سورية تسير على الطريق الصحيح، وقال: اننا نتعاطى مع السوريين من خلال موقف ايجابي ونلقى من دمشق مواقف ايجابية جديدة، مشيرا الى انه سيزور دمشق في الاسابيع المقبلة لإجراء محادثات معمقة حول جميع المسائل.
أما بداية التصدع الداخلي فقد بدأت تظهر مع التحرك المتسارع لملف المحكمة الدولية، من اصدار التقرير السنوي للمدعي العام، الى المعلومات عن اصدار استنابات جديدة للاستماع الى شخصيات لبنانية في ملف جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
مسح جديد لمسرح الجريمة
واضافة الى ذلك ثمة معلومات لـ «الأنباء» ان النيابة العامة الدولية، قررت اجراء مسح جديد لمسرح الجريمة في محلة السان جورج، وقد طلبت الى قوى الأمن الداخلي المساهمة في ذلك من خلال اجهزتها المختصة، تبعا لتوافر معطيات جديدة. ومن هنا، ترى قوى 14 آذار الحملة التي تشنها بعض اطراف 8 آذار على اللواء أشرف ريفي المدير العام للأمن الداخلي، وعبره على رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، انطلاقا من الاتفاقية الموقعة بين وزارة الداخلية والسفارة الاميركية في بيروت.
وفي هذا السياق، ذكرت اذاعة «النور» الناطقة بلسان حزب الله انه تتكشف كل يوم المزيد من التفاصيل الخطيرة حول الاتفاقية المتعلقة بـ«تنصت» السفارة الاميركية على قطاع الخليوي في لبنان، في وقت بدرت فيه مصادر ديبلوماسية في السفارة توقيع مثل هذه الاتفاقية بالقول انها مماثلة لتلك الموقعة بين واشنطن ودول اخرى.
وحول فقرة في اتفاقية التدريب تحظر ان يكون بين العناصر المدربة منتمون الى تنظيمات معينة، قال مصدر في السفارة الأميركية لوكالة «أخبار اليوم» المحلية: علينا ان نتأكد من ان المنتمين الى برامجنا ليسا منتسبين الى تنظيمات إرهابية، وعلينا ان نتأكد من انه ليس هناك من يستفيد من موارد أميركية لمصالح إرهابية.
بدوره وزير التنمية الإدارية محمد فنيش عضو حزب الله اعتبر ان الاتفاقية الموقعة مع السفارة الأميركية خلال فترة حكومة فؤاد السنيورة امر غير سليم، وسأل: هل يجوز ان نتجاهل هذه الحقائق وان نصمت على إعطاء امتيازات وحصانات لمن لا يحق له الحصول عليها. وفي موقف لافت من استهداف اللواء ريفي في هذا الموضوع، قال فنيش، انه يستغرب تحويل النقاشات حول هذه القضية ضد دور قوى الأمن الداخلي «الذي هو محط تقديرنا جميعا».
في المقابل، اللواء أشرف ريفي الذي يعزى لأجهزة إدارته الأمنية كشف أكبر عدد من شبكات التجسس الإسرائيلية في لبنان، رد على ما يثار حول الاتفاقية مع السفارة الأميركية بقوله: يا جبل ما يهزك ريح. وأضاف واصفا لجريدة «المستقبل» الهجوم عليه بـ «السياسي والكيدي بامتياز».
وقال: انها حملة سياسية يفترض ان تخاض بطريقة أذكى. وأضاف: ان الكل مقتنع بأنها همروجة سياسية لا علاقة لها بالرقابة ولا بالتدريب، موضحا انه تعهد في الاتفاقية بأن يرسل الى التدريب عناصر من قوى الأمن فقط دون سواهم، بمعنى انه لا يحق لي إرسال عناصر من أحزاب او ميليشيات او اي عناصر من خارج المؤسسة الأمنية، فأين الغلط؟
التحدي الآخر الذي تواجهه الحكومة اللبنانية الآن، والذي لا يبدو ان له ارتباطا بمسار المحكمة الدولية، يتعلق بالقمة العربية في دورتها المقرر انعقادها في ليبيا، والتي يقود رئيس مجلس النواب نبيه بري حملة رفض المشاركة بها، تبعا لانعقادها على الاراضي الليبية حيث يعتقد ان الامام موسى المصدر مؤسس حركة «أمل» التي يتزعمها بري، قد غيب فيها مع رفيقين له منذ 31 سنة.
بري يسخر من القمم
الرئيس نبيه بري اعرب امس عن رغبته في المقاطعة الكلية للقمة العربية معتبرا ان المشاركة غير مقبولة تحت اي ذريعة بل هي ان حصلت فستهدد الواقع السياسي القائم راهنا. بري سخر من القمم العربية وقال في حديث لجريدة «الاخبار» ما الذي قدمته القمم العربية للعرب على مدى سنوات، رافضا حتى امكان تمثيل لبنان في القمة بوزير الخارجية بالوكالة طارق متري، معتبرا ان مفاعيل هذا التمثيل توازي مشاركة الحكومة.
وسأل: هل نسينا ان هناك قرارات قضائية صادرة بحق القذافي، واين كان الحرص الداخلي على المشاركة في القمة عندما قاطعت حكومة السنيورة القمة الدورية في دمشق؟
وفي هذا السياق رغم ان المدة الزمنية الفاصلة عن موعد انعقاد القمة العربية في ليبيا اصبحت ضيقة، فانه الى الآن لم يوفد الرئيس الليبي الى لبنان اي شخصية رسمية لتسليم رئيس الجمهورية اللبنانية دعوة رسمية وفق الاصول المتعارف عليها، مع الاشارة الى ان دعوات كهذه كانت تسلم قبل شهر واكثر من موعد القمة. وينقل احد زوار رئيس الجمهورية لـ «الأنباء» عنه قوله «انه عندما تطرح مشاركة الدولة اللبنانية في مؤتمر ما كإشكالية سياسية، فانه يعود لمجلس الوزراء بتها ومسألة مشاركة لبنان في القمة العربية في ليبيا من حيث المبدأ اصبحت موضع جدل في لبنان».