عاصم علي والوكالات
أمهل المجلس الانتقالي المعارض الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي مدة 72 ساعة للتنحي عن السلطة ووقف قصف المدن مقابل عدم ملاحقته جنائيا.
وأبلغ مصطفى عبدالجليل رئيس المجلس قناة «الجزيرة» في اتصال هاتفي معها من مدينة البيضاء التي تسيطر عليها قوات المعارضة ان منظمات حقوقية في طرابلس عرضت تخلي القذافي عن الحكم مقابل عدم ملاحقته.
واضاف ان امام القذافي 72 ساعة ليترك الحكم مع وقف قصفه للمدن مقابل عدم ملاحقته.
وكان عبدالجليل ابلغ قناة «العربية» أن القذافي لم يعد له مكان في ليبيا وان عليه التنحي مضيفا أن الشعب الليبي مستعد للتنازل عن ملاحقته إذا قرر التنحي.
وأكد عبدالجليل أنه لم تكن هناك أي مفاوضات مباشرة مع معمر القذافي، وهو ما نفته الحكومة الليبية كذلك.
على صعيد المواجهات الميدانية بين الثوار وكتائب القذافي، قال معارضون مسلحون إن القوات الموالية للعقيد استخدمت الدبابات وأطلقت صواريخ في قصف المعارضين المسلحين على خط الجبهة بين شرق ليبيا وغربها مشيرين إلى أنه ليس بمقدورهم معادلة القوة النارية لقوات القذافي.
وصاح عبدالسلام محمد العائد إلى راس لانوف من الجبهة «الناس يموتون هناك. قوات القذافي لديها صواريخ ودبابات»، وأشار إلى مدفع رشاش كان يحمله وقال «هل ترى هذا؟ لا فائدة منه».
كما شنت الطائرات التابعة للقذافي غارات جوية على مدينة راس لانوف الليبية. وذكر راديو «سوا» الأميركي أن الطائرات العسكرية قصفت المنازل السكنية المجاورة للمنطقة المتمركز بها الثوار، موضحا أن مستشفى رأس لانوف قد استقبل عدة اصابات.
وأشار الراديو في الوقت ذاته إلى أن الثوار يحاولون التصدي لتلك الطائرات عن طريق استخدام مضادات للطائرات وبعض الاسلحة الخفيفة.
الحرب الأهلية
هذه الاحداث المتلاحقة تضع ليبيا على أعتاب حرب أهلية في الأسبوع الثالث منذ اندلاعها، ومع ذلك ليس هناك من الطرفين المتناحرين في ليبيا من يريد أن يذكر كلمة «أهلية» على لسانه.
فالقذافي لا يريد أن يعترف بفقدان السيطرة إلى هذا المدى في حين يفضل المنتفضون ضد القذافي تصوير الصراع على أنه «ثورة» شعب أقل تسلحا بشكل أو بآخر ضد وحدات خاصة مسلحة تسليحا ثقيلا وجماعات مرتزقة، بل إن، صالح بادي، قائد الثوار في مدينة مصراته غرب ليبيا والتي تشهد صراعا عنيفا عليها منذ أيام يتجنب تعبير «ثوار» ويفضل استخدام كلمة «متظاهرون» رغم أن الضابط السابق في الجيش الليبي ليس الوحيد بين الثوار الذي يمتلك قدرات عسكرية حيث يقول إن عددا كبيرا من المنتسبين للجيش انفصلوا عن القذافي «وأنا أحدهم».
ولكن ذلك لا يمنع من وقوع مشاهد غريبة ومأساوية في الوقت ذاته كما حدث في بلدة بن جواد الصغيرة والتي تقع غرب حقول النفط في راس لانوف «فعندما وصل الثوار إلى هذه القرية تبين لهم أن البدو ورعاة الأغنام هناك لم يعرفوا بعد أن هناك ثورة» حسبما قال الطبيب عبدالرحمن في مدينة بنغازي التي تعتبر كبرى المدن التي يسيطر عليها الثوار.
لكن ذلك ليس حال الساعدي نجل الزعيم الليبي الذي حذر صراحة من أن تنحي والده عن الحكم قد يؤدي إلى حرب أهلية في البلاد.
وقال الساعدي في مقابلة مع قناة «العربية» بثت أمس الاول إن القبائل الليبية ستتقاتل وتتفرق في حال تنحي والده عن السلطة محذرا من أن ليبيا ستتحول إلى صومال جديد وأن القبائل في البلاد ستتناحر.
وقال إن الوضع خطير جدا من ناحية الحرب الأهلية ولابد أن يكون للقائد دور كبير في التهدئة الليبية وإقناع الناس بالحوار لبناء المستقبل.
وحمل الساعدي شقيقه سيف الإسلام بعض المسؤولية لإخفاقه في التعامل مع مشاكل الليبيين العاديين.
وقال إن الخيار الأوحد مع الجماعات المسلحة هو المواجهة مؤكدا أن دور الجيش مقتصر في الوقت الحالي على حماية الأماكن الحيوية في ليبيا وسيكون جاهزا لمواجهة أي تدخل خارجي. وأضاف أن القوات المسلحة «مرهونة بكلمة من القائد القذافي».
وفي اطار المساعي الدولية لمواجهة جرائم القذافي، أكد وزير الخارجية البريطاني وليام هايغ أن الثوار الليبيين طلبوا علنا التدخل لوقف الهجمات الجوية للقوات الموالية للزعيم الليبي معمر القذافي، لكنه أشار الى «شروط عديدة» لأي حظر جوي محتمل داخل ليبيا بينها وقوع انتهاك خطير لحقوق الانسان.
وقال هايغ أمام مجلس العموم البريطاني (البرلمان): «نعمل عن قرب مع شركائنا في مجلس الأمن بشكل احترازي على إعداد عناصر قرار لفرض منطقة حظر جوي، ولتوضيح الحاجة الى دعم اقليمي وحجة واضحة لمثل هذا القرار (انتهاك كبير لحقوق الانسان في القصف الجوي) ووجود أساس قانوني ملائم».
ضغوط الكونغرس
من جهته، يقاوم البيت الابيض الأميركي الضغوط المتصاعدة من جانب أعضاء في الكونغرس تطالب واشنطن بالتدخل المباشر في ليبيا قائلا انه يريد أولا بحث ما يمكن ان تحققه الخيارات العسكرية المختلفة.
وقال جاي كارني المتحدث باسم البيت الابيض «من السابق لأوانه ارسال شحنة من الاسلحة الى مكتب بريد في شرق ليبيا. يجب الا نسبق أنفسنا فيما يتعلق بالخيارات التي سنسلكها».
وحذّر مسؤولون أميركيون من ان فرض حظر جوي فوق ليبيا وهي فكرة يؤيدها مشرعون ديموقراطيون وجمهوريون في الكونغرس ستكون صعبة التطبيق وقد لا تمنع طائرات الهيليوكوبتر الحربية من مهاجمة مناهضين لحكم الزعيم الليبي.
وواجهت ادارة الرئيس الأميركي باراك أوباما انتقادات حادة خاصة من الجمهوريين والمعلقين المحافظين بسبب تبنيها سياسة مغالية في الحذر تجاه ليبيا لكنها رغم ذلك ألمحت الى انها لن تدفع لاتخاذ قرارات متعجلة يمكن ان تورط الجيش الأميركي في حرب جديدة تذكي المشاعر المناهضة للأميركيين.
ومن بين المعضلات التي تواجهها واشنطن التعرف على الشخصيات الرئيسية داخل المعارضة التي تقاتل من اجل الاطاحة بالقذافي. فأهداف تلك المجموعات غير واضحة وليس من المؤكد انهم ينظرون بود الى الولايات المتحدة.
وقال الرئيس الأميركي انه يريد ان يبعث «برسالة واضحة جدا للشعب الليبي بأننا سنقف معهم في مواجهة العنف غير المبرر واستمرار القمع للمباديء الديموقراطية التي شهدناها هناك». وصرح أوباما أول من أمس أيضا بأن حلف شمال الاطلسي يبحث خيارات عسكرية فيما يخص الوضع في ليبيا.
لكن كوري شيك الاستاذ بأكاديمية وست بوينت العسكرية انتقد تصريحات أوباما المتعلقة بالوقوف الى جوار الشعب الليبي قائلا «انها نموذج لتلك التصريحات الفضفاضة التي لا يعقبها اي تحرك عملي».
مراقبة جوية
من جانبه، قال السفير الأميركي لدى حلف شمال الاطلسي أمس الأول ان الحلف بدأ مراقبة جوية لليبيا على مدار الساعة بطائرات الاستطلاع اواكس في حين يخطط التحالف العسكري لخطوات مستقبلية للتعامل مع الاضطرابات العنيفة في ليبيا.
واضاف السفير ايفو دالدر للصحافيين في مؤتمر عبر الهاتف «اتخذ القرار بزيادة فعلية لقدرة الحلف في المراقبة بطائرات اواكس وجعلها على مدار الساعة. ستكون لدينا صورة افضل لما يحدث فعلا في هذا الجزء من العالم».