تنظر حكومة برن بقلق الى ما يجري من أحداث تؤثر مباشرة على الإنتاج النفطي في ليبيا، ويبرز هذا القلق فور إعلان شركة «إيني» الإيطالية النفطية عن غرقها في المستنقع الليبي الذي قد يكون له انعكاسات مأساوية على الإنتاج النفطي، خصوصا الاحتياطات النفطية التي تلعب دور عقرب الساعة في جميع الأسواق المالية.
وفي ضوء معارك «فر وكر» ليبية، يلفها الغموض وتأبى الحقائق ان تكشف النقاب عن هويتها الحقيقية، يؤمن خبراء الاقتصاد، بأن الأحداث الليبية ستستمر طويلا، لا بل يوجد احتمال انشطار ليبيا الى دولتين، كما حصل في كوريا، عاصمتاها: بنغازي الموالية للاتحاد الأوروبي وأميركا، وطرابلس الغرب الموالية لمعمر القذافي وأسرته. هذا ويذهب الخبراء، في توقعاتهم، إلى حد أبعد، تجاه احتمال تحول ليبيا القذافي الى كوريا شمالية ثانية، ما يعني ان لغة التعامل التجارية مع كوريا شمالية اخرى، عربية اللغة، ستتعقد أكثر من اي وقت مضى.
في سياق متصل، يشير الخبير جان بوش لـ «إيلاف» الى ان سويسرا ستكون مرغمة على مراجعة جميع أوراقها في حال انقلبت ليبيا الى نظام يتبنى ذلك المعمول به في كوريا الشمالية اي سنلاحظ سياسة الاكتفاء الذاتي والعزلة الدولية القاتمة ما عدا مجموعة محدودة من المخارج التجارية نحو دول معينة! وبالنسبة لأسعار النفط الحالية، فإنه من الصعب إعادتها الى السقف المقبول، وفق رأي هذا الخبير، بما ان مشكلة ليبيا قد تدوم الى إشعار آخر، وبما ان العديد من الشركات النفطية قررت تعليق أنشطتها، مؤقتا، في ليبيا، فإن ضغط التدفق، في الآبار النفطية هناك، معرض للتراجع، ما يسبب اكثر من مشكلة لأعمال استخراج النفط هناك لاحقا.
وفيما يتعلق بنفط المملكة العربية السعودية، يرى هذا الخبير انه البديل الرئيسي للنفط الليبي، حاليا، ناهيك عن دوره الطليعي في إعادة التوازن الى الأسواق العالمية. مع ذلك، تكمن مشكلة النفط السعودي في انه ذو محتوى كبريتي عال! لاستخدامه على ماكينات وعربات الديزل، فإنه من الضروري إزالة كمية الكبريت، غير المرغوب بها، عن طريق عملية معروفة باسم desulfurization، وهذه عملية مكلفة تتطلب منشآت خاصة بها.
وفي الوقت الحاضر، يشير الخبير بوش الى ان الأسواق، السويسرية والأوروبية، تمتلك نوعية جيدة من الديزل وبحوزتها احتياطات نفطية قابلة للتكرير بصورة أفضل من النفط السعودي. إذن، فإن تجار النفط لا يبدون اهتماما بالنفط السعودي، حاليا. وبالطبع، فإن استغناء التجار، مؤقتا، عن النفط السعودي له تأثير، اعتمادا على معطيات هذا الخبير، على زيادة قريبة في أسعار النفط ذي النوعية الجيدة التي لا تفرض على التجار والصناعيين تكاليف إضافية، غير منتظرة، لتسويقها.