تحل الذكرى الـ 66 لنشأة الجامعة العربية، التي تصادف في كل عام 22 مارس، في ظلال ثورات عربية اتسمت بروح جديدة ورغبة في التحرر من الفساد والنظم الاستبدادية والسلطوية والشمولية، وأضرت بمصالح الشعوب العربية، وقد نجحت بعض الشعوب في استرداد إرادتها الحرة، والبعض الآخر يحاول الوصول لها..والسؤال الأكثر إلحاحا في هذه المرحلة هو: هل حققت الجامعة العربية الآمال والأهداف منذ إنشائها؟
وتواجه ذكرى إنشاء الجامعة العربية تحديات وتطلعات تعوق تحقيق الأهداف والآمال المرجوة من إنشائها، فقد شكل مبدأ التراضي الذي قام عليه ميثاق الجامعة العربية عاملا أساسيا في الحفاظ على تماسك الجامعة ومنح نظامها درجة عالية من المرونة وحال دون انفراد دولة واحدة أو عدد محدود من الدول بالسيطرة عليها، لكنه أدى في الوقت نفسه إلى إصابة عمل الجامعة أحيانا بالجمود وشكلية الأداء وحدّ من قدرتها على التحرك بفاعلية في مواجهة عدد من القضايا والمواقف الهامة بسبب عدم توافر الاجماع حولها.
ويرى محللون أن الجامعة نجحت في أن تجعل من نفسها إطارا عاما للتشاور ولتبادل وجهات النظر فيما بين الدول العربية، ومنذ إنشائها في عام 1945 ظلت النظرة إلى هذه الجامعة على أنها «بيت العرب» الكبير، ونجحت الجامعة عبر مسيرة حياتها التي جاوزت الخمسة والستين عاما في أن تبرم العديد من الاتفاقات التي استهدفت من خلالها وضع قواعد عامة تنطبق على الدول العربية كافة.
وتتمثل نجاحات الجامعة العربية في تأييد قضايا الاستقلال الوطني للشعوب العربية، حيث اضطلعت الجامعة بدور كبير ومهم في مجال تقديم كل عون ممكن لمساعدة البلاد العربية في صراعها ضد الاستعمار وذلك على امتداد الوطن العربي.
وعلى الرغم مما حققته جامعة الدول العربية منذ إنشائها حتى الآن من إيجابيات إلا أن بعض المحللين يرون وجود عوامل قصور تؤدي إلى إعاقة أداء الجامعة منها: عدم وجود نظام فعال للجزاءات في نظامها، مما يجعلها عاجزة عن فرض هيبتها والاحترام الواجب لها في مواجهة أي دولة عضو تمعن في انتهاك أحكام الميثاق، بالإضافة إلى أن الخلافات الناجمة عن التوجهات السياسية المتباينة لبعض الدول تعتبر بدورها من بين العوامل التي تفسر أن القرارات والتوصيات التي تصدر عن هذه الاجتماعات تظل مجرد أمنيات ولا ترقى إلى مستوى التنفيذ في الكثير من الحالات.
ويضيف المحللون أن الجامعة العربية لم تصل إلى حد إيجاد أو بلورة سياسات مشتركة فيما بين الدول الأعضاء سواء في إطار المؤسسات والمنظمات العربية ذاتها أو في إطار المنظمات الدولية غير العربية كمنظمة الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وذلك كمبدأ عام. ويعد قيام الجامعة العربية في 22 مارس سنة 1945 تتويجا لحركة القومية العربية والفكر القومي العربي على امتداد التاريخ خاصة منذ نهايات القرن الـ 19 وبدايات القرن الـ 20.
ففي مثل هذا اليوم تم التوقيع على المشروع النهائي لميثاق الجامعة العربية من جانب ممثلي 6 دول عربية هي: سورية - الأردن - العراق - لبنان - السعودية - مصر - ثم انضمت إليها اليمن وهي أول منظمة عربية جامعة تنشأ في تاريخ العرب الحديث والمعاصر.
ولم تنشأ الجامعة العربية من خلال قيام قوة إقليمية مسيطرة بفرض إرادتها على الآخرين بل جاءت ثمرة لمجموعة من التوازنات بين الأطراف المعنية والأخذ بقاعدة الاجماع في التصويت وحل المنازعات بالطرق السلمية فهي منظمة إقليمية عربية تجمع في عضويتها 22 دولة.
والمعروف أن الاثنتين والعشرين دولة التي تضمها الجامعة العربية تمتد على مساحة جغرافية متصلة تبلغ 13.602.171كم مربع وتحتل موقعا استراتيجيا بالغ الأهمية في خارطة العالم وتمثل مركز الحضارات القديمة في العالم وهي تزخر بثروات وامكانات تجعلها من أكثر مناطق العالم ثراء وأهمية.
وتشير إحصاءات إلى وجود 535.510.339 نسمة فيها، حيث إن مجموع مساحة الوطن العربي يجعل مجموعها الثاني عالميا بعد روسيا ومجموع سكانها هو الرابع عالميا بعد الصين، الهند والاتحاد الأوروبي.