- أجدابيا تنفض عنها غبار الحرب
عواصم ـ وكالات: بعد تخلي أهم حلفاء الزعيم الليبي معمر القذافي عنه ومطالبة الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف الصريحة له بالتنحي وإرسال مبعوثين روس الى بنغازي، دخلت الازمة الليبية مرحلة أقرب الى الحسم، فيما يتواصل انشقاق الضباط المحيطين بالعقيد. فقد أعلنت وكالة الأنباء الحكومية في تونس امس الأول ان مجموعة مؤلفة من 43 ليبيا من المدنيين والعسكريين وصلوا الى بن قردان على متن سفينتين، مؤكدة ان اغلب هذه المجموعة عسكريون يحملون رتبا عالية دون ان تعطي تفاصيل أخرى.
بموازاة المأزق السياسي الذي يعيشه نظام القذافي، تتفاقم خسائره على الأرض حيث جددت طائرات حلف شمال الأطلسي (الناتو) غاراتها على العاصمة الليبية طرابلس وقصفت معسكرا تابعا لقوات العقيد الليبي.
وفي أول هجوم نهاري يقوم به الناتو، هز انفجار قوي صباحا المنطقة التي يسكنها الزعيم الليبي معمر القذافي في طرابلس والتي تستهدفها يوميا غارات ليلية لحلف شمال الأطلسي.
ودوى الانفجار في الساعة العاشرة بالتوقيت المحلي في القطاع الذي يسكنه العقيد القذافي والقريب من وسط العاصمة. وقد ارتفعت سحب الدخان فوق الحي، وذكر مراسل وكالة «فرانس برس» في طرابلس، ان الغارة استهدفت على ما يبدو ثكنة للحرس الشعبي قريبة من مقر إقامة القذافي الذي تستهدفه يوميا غارات ليلية للحلف الأطلسي منذ اربعة ايام، وكان الحلف الأطلسي اكد انه استهدف مستودعا للآليات العسكرية.
وقد انهارت أجزاء من الجدران الضخمة لسور الثكنة جراء عشرات القنابل التي ألقيت في الأيام الاخيرة على الموقع الذي تكثر فيه المستودعات التي تؤكد السلطات انها افرغتها، من جهتها نقلت قناة العربية ان الثوار قد سيطروا على مدينة ككلة في الجبل الغربي بعد معارك ضارية مع قوات القذافي.
وفيما بات الحديث الوحيد لحل الأزمة الليبية ديبلوماسيا يتمثل في بحث مصير الزعيم الليبي، قالت مصادر في المجلس الوطني الانتقالي بليبيا ان المجلس قد يغض الطرف عن احتمال موافقة إحدى الدول الأفريقية على استضافة العقيد معمر القذافي وذلك حقنا للدماء وإنهاء للأزمة السياسية والعسكرية المستمرة منذ نحو 3 شهور. ونقلت المصادر لصحيفة «الشرق الأوسط» أمس عن المستشار مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس قوله إن «المجلس بإمكانه التعهد بعدم ملاحقة أي جهة ليبية مستقبلا للقذافي إذا ما قرر الخروج مع أسرته وكبار مساعديه للإقامة في إحدى الدول الأفريقية التي لم توقع بعد على اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية».
وأضاف عبد الجليل ان «المجلس ليس مستعدا للجلوس إلى مائدة مفاوضات يكون فيها القذافي حاضرا بأي صفة وإنه لو قرر القذافي الخروج نهائيا من ليبيا والتخلي عن السلطة استجابة لمطالب الشعب الليبي فإن الثوار لن يسعوا إلى استعادة القذافي أو مقاضاته».
وذكرت المصادر أن عبد الجليل اعتبر أنه في «حالة إصرار القذافي على التمسك بالحكم وتحديه لإرادة الليبيين والمجتمع الدولي فإنه ليس هناك من خيار آخر أمام الثوار سوى الإجهاز على القذافي وقواته العسكرية». وقالت المصادر إن «المجلس مازال ينتظر قيام تركيا بنقل العرض الذي قدمه عبد الجليل إلى العقيد القذافي بصورة غير مباشرة خلال زيارته الأسبوع الماضي إلى أنقرة إلى كبار المسؤولين الأتراك»، مشيرة إلى أن الوقت ليس في صالح القذافي.
وفي السياق ذاته اعلن ميخائيل مارغيلوف المبعوث الخاص للرئس الروسي مع دول افريقيا ان روسيا قدمت مقترحاتها منذ فترة لاقامة الحوار بين طرفي النزاع في ليبيا، ونعتقد ان النزاع السياسي اصبح سببا للحرب الاهلية في ليبيا ولكن النزاعات السياسية لا يمكن حلها باساليب عسكرية، وبعد القصف يأتي وقت المفاوضات حتميا، هذا هو الواقع، وكان ممثلو طرابلس وممثلو بنغازي قد زاروا موسكو مؤخرا، ما يدل على ان اتصالاتنا مع الطرفين مستمرة وستتطور، وهذا ما يلفت انتبه شركائنا في مجموعة الثماني الكبار، فلذلك يمكن لروسيا ان تلعب دور الجسر بين طرفي النزاع الليبي وسنبذل قصارى جهدنا من اجل ذلك.
وتابع ان الاوضاع في ليبيا تتطور باسوأ السيناريوهات الممكنة والحرب الاهلية تستمر وهذه الحروب دامية وتتقلب موازين القوى فيها بمبدأ خطوة الى الأمام وخطوتان الى الوراء، وهذا الأمر يتعلق بكل من بنغازي وطرابلس ولا يزال القذافي يحتفظ بقوة كافية للبقاء في السلطة، اما المتمردون فليست لديهم قوة كافية لتحقيق نجاح حاسم ولذلك يجب على الطرفين الجلوس الى طاولة المفاوضات للتوصل الى حلول وسط ولا اعتقد ان المتمردين وذوي العقل السليم في طرابلس سيوافقون على بقاء القذافي في الحكم وهو قد فقد سمعته المعنوية بعد ان استخدم القوة ضد المواطنين الليبيين العزل، طبعا من البديهي ان النخبة السياسية الليبية ستعمل على ايجاد حلول وسط.
اما في اجدابيا فقد اقام مئات الليبين صلاة الجمعة في الساحة الرئيسية وسط مدينة اجدابيا المدينة التي كلفتها اسابيع من الحرب دمارا كبيرا وبعد عودة الهدوء النسبي اليها ظهرت اثار القصف الصاروخي على كثير من البنايات والمنازل علاوة على الضحايا ممن سقطوا خلال المواجهات، وعلى الرغم من سيطرة الثوار على المدينة الا ان ثلاثة ارباع سكانها مازالوا نازحين عنها مفضلين العودة فقط بعد رحيل نظام معمر القذافي.