فوجئت كما استغرب الكثيرون ممن اطلعوا على خبر اعتذار الرئيس التركي عبدالله غول أثناء قراءته في الصحف التركية شكوى لأحد المواطنين، وردت في مقال للكاتب مصطفى مرتلو بصحيفة «وطن»، فبادر بالاعتذار للمواطن وتوضيح حقيقة واقعة أسيئ فهمهما ولم يكن طرفا فيها عبر صفحته على موقع «تويتر» الإلكتروني.
والشكوى حقيقة تشبه قضايانا العربية اليومية وان اختلفت في الأسباب التي توجب على الكثير من المسؤولين ان يعتذروا لمواطنين فعلا تضرروا جراء تنصيبهم في أماكن هم ليسوا كفؤا لها. وأصبحوا يعتقدون أنهم فوق القانون والمواطن، والقضية التي هي موضع الاعتذار ان «مواطنا تركيا يدعى أحمد أرتاتش اشتكى من أنه فقد والدته بسبب مرور موكب الرئيس غول، حيث لم يتمكن من الوصول بها إلى المستشفى وماتت في الطريق.
لكن الكبير يبقى كبيرا، والمسؤول الذي اؤتمن على منصبه وأقسم اليمين لوطنه أبى إلا ان يسارع، بعد أن استعلم عن تفاصيل الواقعة وقراءته للخبر، بالرد على المواطن «أحمد أرتاتش» على صفحة «التويتر» الخاصة به، أعرب له فيها عن أسفه الشديد لما حدث، وتعازيه ودعائه لوالدته بأن يسكنها الله فسيح جناته.
وأنا أقول من خلال زاوية «كونوا معنا» ما ابعد الحادثة التي جرت في الجارة تركيا عن أحداث نعيشها في أوطاننا العربية يوميا. فكم من مسؤول يقترف بحق مواطنيه الإساءات وما أكثرها، ابتداء من تنصيب الصغار في المقام والقدر أماكن حساسة لا يستحقونها، فقط لأنهم أتقنوا كيف يحصلون على الواسطة بطرق غير مشروعة، بل ومخجلة في كثير من الأحيان. فهل ينسى أحدنا قطاع الزراعة وما آلت إليه الأوضاع في الشمال من وطننا، وكيف قضت حشرة السونة على محصول القمح؟. أم هل ينسى مواطنوا حمص معمل السماد الازوتي، والمصفاة التي تنفث سمومها في أجساد الكبار والصغار، مسببة لهم السرطان بنسبة تقتل الأطفال قبل الكبار بشكل مخيف ومرعب؟ أم هل ننسى الأطباء المؤتمنين على الصحة لكنهم يخافون قول الحقيقة؟. أم نحزن على مدينة طرطوس، ومعمل الاسمنت الذي كاد يقضي على قراها الخضراء؟ أم ننسى غوطة دمشق وكفر سوسة التي كانت حديقة دمشق وسلة غذائها فأضحت غابة اسمنت، يقدر المسكن فيها جراء طمع التجار بـ 300 مليون ليرة سورية؟ ولن أتطرق للمشافي العامة وما يحصل فيها كي لا أكون سوادوية. مع الأسف ما يحصل في مفاصل الوزارات يندى له الجبين، وتدمع له عينا كل إنسان أحب وطنه».
من كل ما سلف أقول لكم تعالوا وقارنوا بين ما حصل في سورية ومفاصلها جراء تنصيب غير الأكفاء، وبين حادثة جرت مع مواطن تركي فقد والدته دون أي ذنب للرئيس غول «فاعتذر الرئيس غول شخصيا، متأسفا مواسيا ومقدما التعازي ومتخذا إجراءات بالمواكب كافة بشكل لا يضر بالمواطن ولا يجد من حريته.
«لكل من يقرأ «كونوا معنا» أقول «أين الثرى من الثريا «؟ فهل يدرك مسؤولونا أن هذه الحادثة لو حصلت لمواطن سوري في موكب للرئيس بشار الأسد، لكان تصرفه بنفس لياقة الرئيس غول، إن لم يكن أفضل؟ فهل يتحلى مسؤولونا بأخلاق السيد الرئيس، أم أن المهم راحتهم ومحسوبياتهم والباقي ليجرفه التيار وصولا الى القاع؟ اعزائي السوريين في الكويت «كونوا معنا وطننا غال جدا ويستحق تسليط الضوء على ما يجري».
هدى العبود