هدى العبود
مقولة نسمعها ونرددها جميعنا «لا يموت حق وراءه مطالب»، هذا ما أثبتته لنا الجماهير التونسية التي هبت لمناصرة الشهيد محمد بوعزيزي الذي تعرض للذل والمهانة ـ عندما طالب بحقه ـ على يد موظفة البلدية التي أدخلته تاريخ الشعوب بتوجيهها لطمة على خده. فلم يكن بوعزيزي سوى جامعي لم يحصل على وظيفة لذلك لجأ الى عربة صغيرة يلتقط من خلالها رزقه ورزق أفواه صغيرة جائعة..وفي المحصلة حصل ما حصل والجميع يعرفه.. لنتأكد أنه لا حق يضيع ما دام هناك مطالب بهذا الحق.
نستشهد هنا بالعزيزي لنذهب بعيدا في الزمان والمكان حيث سليمان الحلبي الذي قتل الجنرال كليبر قائد قوات الاحتلال الفرنسي لمصر، العرب جميعا يعتبرونه بطلا وشهيدا، لكن الغرب ونقصد هنا فرنسا التي تحتفظ بجمجمته في أحد متاحفها كتبت بالقرب منها «مجرم».
وهذا أمر مغاير للحقيقة ومناف لحق الشعوب المناضلة ضد المستعمرين الذين رفضوا حتى الاعتذار لآلاف بل لملايين الضحايا الذين قضوا على يد هذا المستعمر أو ذاك.
لكن هل من صوت عربي يطالب بإنصاف الحلبي أمام العالم الغربي، نحن نعرف أنه بطل ولكن علينا أن ننقل هذه الصورة إلى العالم الذي لا يعرف عنا سوى أننا إرهابيون.
وهنا نوجه دعوة لجميع العرب أن علينا ان نقف وقفة واحدة ومن على كل المنابر لتصحيح تلك النظرة، فلم يكن كليبر داعية حقوق إنسان يومها بل كان غازيا محتلا ناهبا، وهذا ما يجب أن نوضحه للعالم بالأدلة والبراهين.. ليعرف الغرب أن كليبر جاء من خلف البحار ليحتل الأوطان الآمنة وينهب خيراتها.
الحلبي ليس مجرد شخص انتفض لقوميته وعروبته التي صار البعض ينظر إليها بازدراء، الحلبي يجسد الحالة القومية بكل تفاصيلها، فهو السوري الذي انتفض من أجل مصر، مثله مثل جان جول جمال.. ومثله مثل عز الدين القسام الذي انتفض لفلسطين وغيرهما الكثير ربما لم يسجلهم التاريخ.
ولمن لا يعرف فقد كان الانتقام الفرنسي من الحلبي بشعا.. ربما لا يقل بشاعة عما ارتكب في أبو غريب.. فقد أحرقت يده اليمنى حتى تفحمت وهو حي، ثم وضع على الخازوق لعدة أيام، حتى يموت ببطء، ولو دقق شرفاء فرنسا اليوم بعملية التعذيب والتنكيل الرهيبة التي خضع لها سليمان الحلبي، لطالبوا بإخراج المرتكبين من قبورهم ومحاكمتهم وأعادوا الجمجمة الخالدة في وجداننا نحن السوريين والعرب.