يقف رجلا شرطة بزيهما المدني في مطار تركي كبير في نهاية الممر المؤدي الى الطائرة القادمة من بلد شرق اوسطي للتدقيق في الركاب الراغبين في التوجه الى سورية للقتال.
ومنذ اشهر عدة، تواجه الحكومة الاسلامية المحافظة ضغوطات شديدة من حلفائها الذين يأخذون عليها تلكؤها، في محاربة الشبكات التي تزود تنظيم «داعش» بالمقاتلين.
لكن انقرة ترد قائلة انها تبذل «اقصى» جهودها لاعتراض الأجانب المتوجهين الى سورية.
ونظرا للانتقادات الحادة، فتحت الباب جزئيا امام وكالة فرانس برس بشكل استثنائي وبموجب شروط، لتدخل عالم استعداداتها الأمنية.
واليوم، فإن الهدف هو طائرة بمحركين وصلت مباشرة من بلد عربي.
ولفت نظر الشرطة اثنين من الركاب الذكور.
وبدأت الاسئلة الاولى.
لديهما بطاقات للعودة وسيتوجهان الى اضنة غير البعيدة عن الحدود مع سورية وتم اقتياد «المشتبه بهما» الى المركز بمرافقة امنية.
ويتوجه غالبية الذين يتم تجنيدهم الى سورية عبر تركيا التي تتشارك حدودا طولها 1300 كم مع العراق وسورية.
ويصل هؤلاء الى اسطنبول ثم يستقلون الطائرة او حافلة ركاب الى احدى مدن الجنوب للانتقال الى سورية بشكل غير شرعي.
وفي المنافذ الحدودية الرئيسية، اقامت السلطات التركية «مراكز تحليل المخاطر» المكلفة رصد الاسلاميين الراغبين في رفع راية الجهاد السوداء.
وإلى مركز مماثل، تم اقتياد المشتبه بهما.
وقال ضابط شرطة، اشترط عدم ذكر اسمه، «نلاحظ الزبائن منذ وصولهم وندقق في هوياتهم واذا كان ذلك ضروريا نقودهم الى مركز تحليل المخاطر».
وسمحت هذه المراكز منذ بدء العمل بها بعزل نحو 1500 من المشتبه بهم وتم ابعاد ثلثهم الى بلادهم، وفقا للمصدر.
وبالإضافة الى هذه الرقابة العشوائية، تؤكد اجهزة الامن التركية ان بحوزتها لوائح تتضمن عشرة آلاف شخص من جهاديين مفترضين يعتبرون اشخاصا غير مرغوب فيهم، بحسب الارقام التي اعلنها الاسبوع الحالي المتحدث باسم وزارة الخارجية تانجو بيلييغش.
ورغم تضييق الخناق، لا تزال هناك فجوات تسمح بعبور بعض الاشخاص الخطرين على غرار حياة بومدين رفيقة احد منفذي الاعتداءات التي اوقعت 17 قتيلا في باريس.
فقد تمكنت من التوجه الى سورية في الثامن من الشهر الجاري عبر الحدود التركية من دون ادنى قلق.
ورغم ان باريس ابلغت عنها في وقت لاحق، لكن ما حدث ادى الى احراج انقرة التي دافعت عن نفسها عازية النقص في التعاون الى اجهزة الامن الفرنسية.
وأضاف الضابط التركي: «في السابق، كان تقاسم المعلومات مع فرنسا ضعيفا» ورغم ان الاعتداءات في باريس اعطت دفعا لذلك «الا انه لا يزال غير كاف».
ولمن يتهمونها بعدم الالتزام بشكل كاف في مكافحة الشبكات الجهادية، ترد السلطات التركية قائلة ان المسؤولية الرئيسية في هذه المعركة تقع على عاتق الدول «المصدرة» للجهاديين.
وقد أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش اوغلو قبل ايام ان «التدقيق في جوازات السفر والاجراءات المتخذة في مطاراتهم ليست كافية» مؤكدا ان «هذه الدول يحب ان تفعل المزيد».
ولا يتوانى الضابط التركي في الكشف عن بعض النماذج من الاخطاء التي يرتكبها نظراؤه الغربيون مثل الفرنسي الذي تم اعتراضه في يونيو في اسطنبول مع حقائب مليئة بكتب دينية، وكذلك النرويجي الذي سافر مصطحبا معه مناظير ومخازن اسلحة.
ويتساءل الضابط في اجهزة الأمن بغضب: «كيف بإمكان من يحمل مواد عسكرية ويريد الالتحاق بداعش المرور بشكل طبيعي في مطار بلاده قبل المغادرة؟ فالعثور على حل من مسؤولية هذا البلد».
وعلى غرار 1150 آخرين، وفقا لآخر احصائية تركية تم ابعاد هذا النرويجي الى بلاده في اول طائرة.