الملاءات التي كان السكان يختبئون وراءها من أعين القناصة ما زالت معلقة في شوارع مدينة عين العرب الحدودية السورية التي توحي مبانيها المحطمة وطرقها ذات الحفر بأن من فروا من المدينة لن يعودوا إليها سريعا على الارجح.
وبإعلان القوات الكردية انتصارها برفع الأعلام الكردية لتحل محل رايات تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بلونها الأسود عمت الاحتفالات وسط أكثر من 200 ألف لاجئ فروا إلى تركيا منذ بدء الهجوم على البلدة في سبتمبر.
وولدت برودة الجو والفقر والجوع رغبة لدى الكثيرين للعودة إلى ديارهم ومحاولة استعادة حياتهم المعيشية.
لكن شهور المعارك الأربعة دمرت البلدة.
تقف سيارات محطمة بجوار مبان تحولت إلى ركام كما أن الطرق مليئة بحفر عميقة.
وتجوب دوريات المقاتلين الأكراد ممن يشعرون بالارهاق والتوتر الشوارع كما أن خطر وجود عبوات ناسفة لم تنفجر يشعر المدنيين بالخوف من المكان الذي يمكن أن تطأه أقدامهم.
وقال مقاتل من وحدات حماية الشعب الكردية وهو يمسك بسلاحه الآلي ويقف أمام أنقاض مبنى «العودة إلى كوباني ستكون أصعب من مغادرتها».
وأضاف وهو يشير إلى كومة من الأنقاض بنفس ارتفاع المبنى المؤلف من طابق واحد المجاور لها «تحتاج المدينة إلى أن يعاد بناؤها من البداية».
واصبحت كوباني الواقعة وسط التلال ولا يفصلها عن تركيا سوى خط مهجور للسكك الحديدية نقطة محورية للصراع الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية ويرجع ذلك جزئيا للأسلحة الثقيلة وعدد المقاتلين الذين دفع بهم التنظيم إلى ساحة القتال.
وبمساعدة الضربات الجوية اليومية التي توجهها القوات بقيادة الولايات المتحدة وتزويدهم بالأسلحة والذخيرة ووصول مقاتلي البيشمركة من إقليم كردستان العراق شبه المستقل تمكن المدافعون عن كوباني من صد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية واعلان تحقيق انتصار مبدئي يوم الاثنين.
ولوح مقاتلون من وحدات حماية الشعب بعلامة النصر أمام مجموعة من الصحافيين كانوا يرافقونهم في كوباني لكن وراء الشعور بزهوة الانتصار ما زالت أجواء التوتر تخيم على البلدة.
وقال مقاتل يحرس ميدانا في الوقت الذي تقوم فيه مجموعة من زملائه بدوريات في الشوارع المحيطة على دراجات نارية «ما زالت قذائف المورتر تسقط هنا.
لا تتجولوا في المنطقة فالوضع خطير».
بدورها قالت وزارة الدفاع الأميركية «الپنتاغون» إن المعركة لم تنته بعد.
وصرح مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأميركية بأن الوقت مازال مبكرا لاعلان أن «المهمة أنجزت».
من جهتها، قالت صحيفة راديكال التركية إن تنظيم الدولة الإسلامية أطلق قذيفة سقطت قرب الحدود التركية داخل كوباني يوم الخميس ما أسفر عن إصابة أربعة مدنيين.
ونفى مؤيدو الدولة الإسلامية أن يكون جرى طرد التنظيم.
وتساءل الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بشأن ما الذي يجب الاحتفال به.
وقال في اجتماع لمسؤولين حكوميين محليين في قصره في أنقرة «عندما يتعلق الأمر بكوباني يقف العالم كله ويتعاون... اليوم يرقصون في فرح. ماذا حدث؟».
وتساءل «خروج من هناك رائع.
لكن من سيصلح كل هذه المواقع التي قصفت؟ هل سيتمكن من فروا من كوباني ومجموعهم 200 ألف من العودة؟ وعندما يعودون أين سيعيشون؟».