كشفت مصادر بالكونغرس الأميركي ومسؤولون آخرون لـ «رويترز» ان أعضاء كبارا في الكونغرس بدأوا التحقيق في إمكانية حدوث ثغرات في نشاط أجهزة الاستخبارات فيما يتعلق بالتدخل العسكري الروسي في سورية.
وقالت المصادر، بعد أسبوع من مشاركة روسيا مباشرة في الحرب ببدء حملة جوية لدعم النظام السوري، ان لجنتي المخابرات في مجلسي الشيوخ والنواب تسعيان للتحقق من مدى إغفال أجهزة التجسس لأي مؤشرات تحذيرية ومدى سوء الحكم عليها.
وسيمثل العثور على أي ثغرات كبرى الحلقة الأحدث في سلسلة من الإخفاقات للمخابرات الأميركية في السنوات الأخيرة من بينها مفاجأة استيلاء موسكو على شبه جزيرة القرم الأوكرانية العام الماضي والتوسع الصيني السريع في إقامة جزر في بحر الصين الجنوبي.
وقال مسؤولون اميركيون حاليون وسابقون: رغم أن وكالات التجسس سعت لتعزيز عمليات جمع المعلومات عن روسيا منذ الأزمة في أوكرانيا فمازالت تعاني من عدم كفاية الموارد بسبب التركيز على مكافحة الارهاب في الشرق الاوسط ومنطقة أفغانستان وباكستان.
لكن مسؤولا كبيرا بالإدارة الأميركية، طلب عدم نشر اسمه، أصر على أنه لا توجد «مفاجآت» وأن المسؤولين عن رسم السياسات «مرتاحون» لما تلقوه من استخبارات قبل الهجوم الروسي.
وكانت أجهزة الاستخبارات تابعت بحرص الحشد العسكري الروسي في سورية في الأسابيع الأخيرة الذي أثار انتقادات من البيت الابيض ومطالبة موسكو بتفسير أفعالها.
بيد أن المسؤولين الذين تحدثوا، مشترطين عدم الكشف عن أسمائهم أيضا، قالوا ان ضباط المخابرات والإدارة الأميركية فوجئوا بالسرعة والجرأة التي تحركت بها روسيا لاستخدام قواتها الجوية وكذلك قائمة الأهداف الروسية التي شملت مواقع المعارضة وبينهم مقاتلين تدعمهم الولايات المتحدة.
وقال مصدر لـ «رويترز»: «توقعوا أن يحدث بعض من هذا لكنهم لم يدركوا جسامة ما يحدث».
وأثار التحرك الروسي المفاجئ في الأزمة السورية الشكوك حول استراتيجية الرئيس باراك أوباما في الشرق الأوسط وكشف تآكل النفوذ الأميركي في المنطقة.
ومن المحتمل أن يعرقل نقص المعلومات والتحليلات الموثوقة جهود أوباما لإعداد رد يسترد به زمام المبادرة من موسكو.
ويرفض أوباما دفع الولايات المتحدة للتورط في صراع جديد في الشرق الأوسط ولم يبد أي رغبة في التصدي مباشرة لروسيا في هجومها في سورية، الأمر الذي ربما اعتبرته موسكو ضوءا أخضر لتصعيد عملياتها.
وفي لقاء شابه التوتر مع بوتين في الأمم المتحدة في أوائل الاسبوع الماضي، لم يتلق أوباما أي معلومة مسبقة عن خطط الهجوم الروسي، حسبما قال مساعدوه.
وبدأت الهجمات الروسية بعد ذلك بيومين وشملت استهداف جماعة معارضة للحكومة السورية دربتها وكالة المخابرات المركزية الأميركية رغم أن موسكو تصر أنها لا تهاجم إلا تنظيم الدولة الاسلامية (داعش).
وقال مايكل مكفول السفير الأميركي السابق في موسكو «لم يتوقعوا السرعة التي صعد بها بوتين الأمور.
فهو يحب عنصر المباغتة».
وقال مسؤولون ان وكالات الاستخبارات الأميركية تابعت بالفعل عن كثب تحركات روسية لتوسعة البنية الاساسية في قاعدة جوية رئيسية في اللاذقية بالإضافة إلى نشر معدات ثقيلة من بينها طائرات قتالية في سورية.
وقال المسؤول الكبير بالادارة الأميركية «نحن لا نقرأ ما في الاذهان.
فلم نكن نعلم متى ستطلق روسيا الطلعة الأولى.
لكن تحليلنا للقدرات الموجودة هناك أنها موجودة لغرض».
ومع ذلك، قال عدة مسؤولين آخرين إن الوكالات الأميركية تأخرت في تقييم نية الروس والسرعة التي ينوون بدء عملياتهم بها.
بل ان جوش ايرنست السكرتير الصحافي للرئيس أوباما امتنع عن استخلاص «استنتاجات محددة» بشأن استراتيجية روسيا في لقاء مع الصحافيين في البيت الابيض عقد عقب بدء القصف الجوي الروسي.
وأشار مصدر إلى أن الخبراء الأميركيين اعتقدوا في البداية أن الحشد العسكري الروسي ربما كان لمناورة عسكرية مفاجئة أو استعراض مؤقت للقوة لا الاستعداد لهجمات متواصلة على نطاق واسع على أعداء الأسد.
وقال مسؤول آخر انه بعد مراجعة أولية يعتقد محققون في الكونغرس أن «المعلومات الخاصة بذلك لم تكن تنتقل بالسرعة الكافية عبر القنوات».
وقال مصدر آخر انه حدث تأخير يعادل أسبوعا قبل أن تبدأ الوكالات في التحذير من قرب بدء عمليات عسكرية روسية.
لكن المسؤول الكبير بالإدارة قال «لا اعتقد أن أحدا شعر بوجود ثغرة» في الاستخبارات.
وقالت مصادر من الكونغرس ووكالات الأمن القومي ان لجنتي المخابرات في الكونغرس ستفحصان التقارير التي أصدرتها الوكالات وتستجوب الضباط الذين شاركوا في وضعها.
وقال المسؤولون انه ليس من المقرر في الوقت الحالي عقد جلسات استماع علنية.