- روسيا ترفض أي مقترح «أحادي» لوقف القتال
كل الاجتماعات والمؤتمرات التي عقدت منذ انهيار الهدنة السورية مازالت «حركة بلا بركة»، بينما عداد الموت يسجل يوميا العشرات من المدنيين وأضعافهم من الجرحى والمشردين، فيما بدأت شوارع بعض الاحياء في حلب تختفي معالمها تحت الابنية المدمرة.
ولم تفلح اللقاءات الماراثونية لوزيري الخارجية الاميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف في نيويورك أمس الأول، في احراز أي تقدم على صعيد وقف آلة القتل والقصف والغارات غير المسبوقة لليوم الخامس على التوالي أمس.
وبرر لافروف موقف بلاده قائلا ان موسكو لن تنظر بجدية الى أي مقترح لوقف اطلاق النار بشكل احادي الجانب، معتبرا ان ذلك سيكون تنازلا من طرف واحد.
ونقل التلفزيون الروسي عن لافروف القول في تصريح صحافي أمس «اذا عادوا للحديث مجددا معنا حول الالتزام بالهدنة من قبلنا بشكل احادي الجانب فلن نتعامل بجدية مع هذا الأمر».
واشترط لافروف لاستئناف الهدنة «الفصل بين الجماعات المعارضة وجبهة النصرة» وبقية من تعتبرهم روسيا والنظام «أرهابيين».
ميدانيا، أمطر الطيران السوري وحليفه الروسي مدينة حلب المحاصرة بوابل من القنابل والصواريخ لليوم الخامس على التوالي أمس بعد فشل المحادثات الأميركية ـ الروسية في فرض هدنة من أي نوع كان.
وحتى ظهر أمس تجاوز عدد القتلى الـ 56 بحسب ناشطين ووكالات أنباء، مع تأكيد مصادر ميدانية، ان العدد أكبر من ذلك بكثير نظرا للعدد الكبير من المنازل التي دمرت فوق رؤوس قاطنيها وسط حديث عن مقتل عائلات بأكملها وانتشار الأشلاء البشرية في معظم الاحياء الشرقية التي طالها القصف، بينما اكتظت العيادات ومراكز الدفاع المدني بأعداد كبيرة من الجرحى.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان ان بين القتلى سبعة أشخاص كانوا من القلائل الذين خرجوا لشراء الغذاء وقتلوا في قصف بينما كانوا ينتظرون دورهم أمام احد المخازن لشراء اللبن في حي بستان القصر.
وأفاد المرصد عن وقوع غارات عنيفة شنها الطيران الروسي وسقوط براميل متفجرة من مروحيات النظام السوري على مناطق عدة في حلب، وذلك بعد يومين على اعلان جيش النظام بدء الهجوم الكبير على هذه الأحياء التي يطبق عليها حصارا خانقا.
ورغم ذلك قال مصدر عسكري تابع للنظام لوكالة فرانس برس ان العمليات البرية في حلب لم تبدأ بعد.
واضاف «بدأنا العمليات الاستطلاعية والاستهداف الجوي والمدفعي، وقد تمتد هذه العملية لساعات أو أيام قبل بدء العمليات البرية».
وقال تقرير لوكالة فرانس برس في الاحياء الشرقية من حلب إن حجم الدمار كبير خصوصا في أحياء الكلاسة وبستان القصر التي اختفى عدد من شوارعها تقريبا بسبب انهيار الابنية.
وبات متطوعو الدفاع المدني في حلب الشرقية المعروفون بأصحاب «الخوذ البيضاء»، مع كثافة الغارات عاجزين عن التحرك خصوصا بعدما استهدفت الطائرات مركزين تابعين لهم، ولم يتبق لهم سوى سيارتين للاسعاف.
وتحدث سكان وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي عن «صواريخ جديدة» تسقط على حلب وتتسبب بما يشبه «الهزة الارضية».
وتعرف بالصواريخ الارتجاجية.
بدورها، نقلت «الاناضول» عن مسؤول الدفاع المدني بحلب، «إن مقاتلات النظام السوري وروسيا قصفت بشكل عنيف كلا من أحياء بستان القصر والمشهد، والكلاسة، والصالحين، والفردوس، بمركز المدينة».
وأضاف ان الغارات الجوية الكثيفة «أسفرت عن مقتل 56 مدنيا، وفقا لإحصاءات أولية، بينهم نساء وأطفال».
وبث ناشطون تسجيلا لعملية انقاذ رضيعة لم تتجاوز العامين حية من تحت الانقاض فيما لم يعرف مصير أهلها.
وأوضح أن الغارات أسفرت أيضا عن إصابة 220 مدنيا على الأقل.
وقال عمار السلمو مدير الدفاع المدني في شرق حلب لرويترز «الغارات مستمرة ومكثفة». وأضاف أن فرق الدفاع المدني تتعامل مع الأحداث لكنها لا تكفي لتغطية هذا الكم الكارثي.
وبفعل هذا القصف المكثف، تمكنت قوات النظام والمسلحون الموالون لها ولواء القدس الفلسطيني من التقدم في شمال مدينة
حلب والسيطرة بشكل كامل على مخيم حندرات.
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان في بيان، إن ذلك يأتي عقب اشتباكات عنيفة مع الفصائل المعارضة التابعة للجيش الحر والإسلامية، حيث حققت القوات السورية بذلك ثاني تقدم استراتيجي بعد استعادتها لمنطقة الكليات العسكرية في جنوب مدينة حلب قبل نحو أسبوعين.
وفي جنيف، اعلنت الأمم المتحدة ان مليوني شخص تقريبا يعانون من انقطاع المياه في حلب، بعد ان قصفت قوات النظام احدى محطات الضخ وردت الفصائل المقاتلة بتوقيف العمل في محطة أخرى تضخ نحو الاحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة قوات النظام.
وأوردت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف» ان «الغارات العنيفة ألحقت أضرارا بمحطة باب النيرب لضخ المياه التي تزود نحو 250 ألف شخص بالمياه في المناطق الشرقية في حلب».
وأضافت ان «أعمال العنف تحول دون وصول فرق الصيانة الى المحطة».
وشددت «اليونيسف» على المخاطر الصحية التي تترتب على قطع المياه في المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل المقاتلة، حيث الخيار البديل للحصول على مياه الشفة هو الآبار الملوثة الى حد كبير.
فيما اشارت الى ان المناطق الخاضعة لسيطرة النظام فيها آبار جوفية عميقة.