بغياب كامل للدول العربية ووسط توقعات متدنية أن تنجح مفاوضات اليومين في انجاز ما عجزت عنه أشهر من المباحثات السابقة برعاية دولية اوسع واشمل، انطلقت مفاوضات السلام بين النظام والمعارضة السوريين في العاصمة الكازاخية استانا برعاية روسيا وتركيا وايران.
وفي غمرة الانشغال بمآلات المؤتمر، لفت امس تحذير هو الاول من نوعه للنظام بوقف خرق اتفاق وقف اطلاق النار.
وكان وزير خارجية كــازاخســتـان خيـــــرت عبدالرحمنـــوف افتــــتح الجلسة الرسمية، مشيرا الى ان «المفاوضات المبنية على التفاهم والثقة المتبادلة» هي السبيل الوحيد لتسوية الأزمة السورية.
والقى عبدالرحمنوف كلمته امام الوفدين اللذين تواجدا في نفس الغرفة وجها لوجه حول طاولة مستديرة كبرى، في فندق ريكسوس.
وفي اللحظات الأخيرة تحولت المحادثات الى مفاوضات غير مباشرة، يقودها مبعوث الامم المتحدة الى سورية ستافان ديمستورا بعد رفض وفد المعارضة برئاسة محمد علوش الجلوس على طاولة واحدة مع وفد النظام برئاسة بشار الجعفري.
وقال يحيى العريضي الناطق باسم المعارضة ان «اول جلسة تفاوضية لن تكون مباشرة بسبب عدم التزام الحكومة حتى الآن بما وقع في اتفاق 30 ديسمبر» حول وقف لاطلاق النار في سورية، وتحدث خصوصا عن «وقف القصف والهجوم على وادي بردى».
وأمل ديمستورا أن تؤدي المحادثات غير المباشرة إلى مفاوضات مباشرة تقودها الأمم المتحدة على غرار تلك التي توقفت مطلع العام الماضي في جنيف، وقال «لا يمكن الوصول إلى حل دائم طويل الأمد للصراع في سورية عبر الوسائل العسكرية فقط لكن من خلال عملية سياسية».
وقد استهل الجعفري كلمته بالاشادة بجهود «الأصدقاء الروس والإيرانيين» من أجل عقد المحادثات، مشددا على أن هدفها هو «تثبيت قرار وقف الأعمال القتالية على كامل أرجاء سورية باستثناء المناطق التي توجد فيها تنظيمات داعش وجبهة النصرة والتنظيمات المسلحة التي رفضت الانضمام إلى اتفاق وقف الأعمال القتالية».
من جهته، أكد علوش رئيس وفد الفصائل المعارضة على أن الهدف من المفاوضات، المتوقع ان تنتهي اليوم، يتمثل في تثبيت وقف إطلاق النار وتجميد العمليات العسكرية في كل أنحاء سورية، وتطبيق الإجراءات الإنسانية التي أقرها مجلس الأمن.
واعتبر علوش هذه الخطوات الثلاث «ورقة قوية للدفع باتجاه الانتقال السياسي المنشود في سورية، بحسب بيان جنيف 2012».
وقال ان «العملية السياسية تبدأ برحيل بشار الأسد والطغمة الحاكمة، وإخراج كل الميليشيات والقوى الأجنبية التابعة لإيران». على حد قوله.
وشدد على أن هدف الفصائل من المفاوضات ليس تقاسم السلطة أو البحث عن نفوذ، وإنما «لنعيد الأمن لسورية ونفرج عن المعتقلين والمعتقلات».
وعقب انتهاء الجلسة الاولى، توعدت فصائل المعارضة باستئناف القتال ضد قوات النظام في حال فشل المحادثات.
وحذر متحدث باسم وفد الفصائل اسامة ابوزيد، ردا على اسئلة وكالة فرانس برس، من انه «إذا نجحت الطاولة نحن مع الطاولة. لكن إذا لم تنجح للأسف لا يكون لنا خيار غير استمرار القتال».
من جهته، دعا ديمستورا الطرفين الى انشاء آلية مراقبة وتطبيق لوقف اطلاق النار على الارض.
وقال «لم يكن لدينا مثل هذه الآلية في السابق ولهذا السبب فشلنا» في تسوية النزاع، مشيدا بكل مبادرة تهدف الى «تعزيز الثقة» بين الطرفين. وتؤيد فصائل المعارضة هذا الاقتراح.
وقال ابوزيد لـ«فرانس برس» ان «القضية ليست فقط وقف اطلاق النار». واضاف ان «القضية هي وضع آليات مراقبة، آليات محاسبة وتحقيق. نريد وضع هذه الآليات لكي لا يتكرر هذا المسلسل».
بدوره، وصف ألكسندر موسيينكو وهو مستشار لسفير روسيا في قازاخستان المحادثات بأنها خطوة في عملية طويلة. وقال للصحافيين «مما لاشك فيه أنه لا يمكن حل قضايا مثل هذه في يوم واحد».
وقال ديبلوماسي كبير في مجلس الأمن الدولي شريطة عدم نشر اسمه «عملية أستانا كم مجهول.. لكن إذا ساعدت في تدشين عملية حقيقية بقيادة الأمم المتحدة مرة أخرى.. فسيكون بإمكانها أن تلعب دورا بناء».
ورغم تأكيد الجانبين على ان هدف المفاوضات تثبيت الهدنة، الا انها تعرضت لانتهاكات جديدة، ولاسيما في وادي بردى والغوطة.
وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان ان المعارك تجددت أمس واستأنف جيش النظام محاصرة مضايا التي يسيطر عليها مسلحو المعارضة بريف دمشق. كما تعرضت مناطق في قرية عين الفيجة ومحيطها، لقصف بصواريخ أرض - أرض من قبل قوات النظام.
وفي الغوطة الشرقية خاضت قوات النظام والميليشيات الموالية لها اشتباكات عنيفة مع الفصائل المعارضة، في محور بلدة حزرما.
وإزاء هذه الخروقات، وجه «المركز الروسي للمصالحة» المتمركز في قاعدة حميميم باللاذقية، تحذيرا غير مسبوق لحليفه النظام.
وقالت وكالة «نوفستي»: ان المركز «ذكر قيادة الجيش السوري بحزم بضرورة الالتزام الكامل بوقف إطلاق النار». وأعرب عن قلقه «من خروقات تحصل من وقت لآخر ومصدرها القوات الحكومية السورية».