بروين إبراهيم
منذ تحرير عملية النقل البري الداخلي قبل سنوات، تدور اسئلة كثيرة حول امكانية اتخاذ خطوات مماثلة على صعيد النقل الداخلي الجوي. خاصة ان عجلة التنمية المتسارعة في سورية بحاجة الى بنية تحتية يشكل النقل احدى ركائزها المهمة. ولا يخفى ما للنقل الجوي من دور حيوي في منظومة ربط مواقع الانتاج بمرافئ التصدير، الى جانب ربط المحافظات السورية ببعضها البعض خاصة تلك النائية في المنطقة الشرقية. وفي هذا الاطار اقامت الحكومة السورية ورشة عمل حول تحرير النقل الداخلي الجوي أكد فيها، عبدالله الدردري نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية أن توجه الحكومة لتحرير النقل الجوي يتطابق ورؤيتها الاقتصادية الهادفة إلى زيادة فاعلية القطاعات الاقتصادية السورية. وقال الدردري ان ذلك يتم من خلال تحرير تلك القطاعات من القيود التي تعوق تطورها وفتحها للمنافسة العادلة والشفافة ضمن إطار قانوني تشريعي يضمن حقوق المجتمع في الحصول على عوائد من القطاع المحرر مع خدمات رخيصة ونوعية، إلى جانب ضمانه لحق الدولة في الحصول على إيرادات مقبولة وحق المستثمر في الحصول على عوائد تشجعهم على الاستثمار في ذلك القطاع والاستمرار في هذا الاستثمار وتوسيعه.
وبين الدردري في ورشة عمل تحرير النقل الجوي الداخلي المنظم التي أقيمت في رئاسة الوزراء اخيرا بحضور كل من يعرب بدر وزير النقل ودومينيك بوسيرو وزيرالنقل الفرنسي ومديري مؤسسات الطيران التركية والأردنية إلى جانب المديرة السابقة لمؤسسة الطيران الفرنسية، بين أن رؤية الحكومة تلك لا تنطبق على قطاع الطيران فحسب وإنما ستمتد إلى قطاع الاتصالات من خلال القانون الجديد للاتصالات. وأيضا في قطاع الكهرباء من خلال قانون الكهرباء الجديد. وهما القانونان اللذان سيتيحان منافسة عادلة بين العام والخاص في ظل هيئة ناظمة لكل قطاع. واكد أن العمل في هذه القطاعات قد جاء بعد إدخال المنافسة إلى قطاع الاسمنت والعديد من القطاعات الأخرى التي كان العمل فيها محصورا بالحكومة، تلك الإجراءات التي أدت إلى زيادة تنافسية الاقتصاد السوري وساهمت في رفع الناتج المحلي الإجمالي السوري من 20 مليار دولار في العام 2000 إلى 55 مليار دولار في العام 2008، وهو الناتج الذي لم يكن بالإمكان تحقيقه دون فتح القطاعات الاقتصادية السورية للمنافسة العادلة والكفؤة.
أهمية قطاع النقل الجوي الداخلي
وشدد الدردري على اهمية قطاع النقل الجوي الداخلي على صعيد ربط المحافظات السورية مع بعضها البعض، مؤكدا أن هذه الأهمية تتوازى مع أهمية أخرى للقطاع تكمن في دعم الجهود التنموية والاستثمارية في مختلف المحافظات لاسيما المنطقة الشرقية منها. مشيرا الى أن تلك الأهمية تتجسد من خلال عدم إمكانية قيام الاستثمارات بدون توافر البنية التحتية اللازمة لها ومن ضمنها النقل الجوي، مثنيا على رؤية وزارة النقل لتحرير قطاع النقل الداخلي والتي قال إنها تأتي ضمن استراتيجية أشمل تضمن تحرير النقل الجوي السوري بشكل عام إلى جانب تنويهه بالتجربة الفرنسية الخاصة بتحرير النقل والقائمة على العدالة في المنافسة والأمان وإتاحة الوصول إلى البنى التحتية أمام الجميع.
مقارنة اليوم بالأمس
من جانبه أكد د.يعرب بدر وزير النقل أن حال النقل الجوي الداخلي اليوم أشبه ما يكون بحال النقل البري منذ ثلاثة عقود مضت، من حيث عدم وجود سوى شركة واحدة تقدم خدمات النقل بإمكانياتها المحدودة التي لا تحقق رضا الركاب وتلحق الخسائر بالناقل جراء قيامه بخدماته ضمن الظروف المحيطة به. وبين أن هذا الأمر هو الذي دفع وزارة النقل للتفكير بتحرير النقل الجوي الداخلي لتحقيق ذات الأهداف التي أتاحها الترخيص لشركات النقل الداخلي والتي تتضمن الوصول بأعداد الباصات الناقلة للركاب بين المحافظات السورية إلى 2146 باصا ساهمت في تحقيق الشروط المثلى لانتقال الركاب بين مختلف المحافظات.
تحرير النقل الجوي الداخلي
وأضاف د.بدر إلى جملة الأسباب التي دعت الوزارة للتفكير بتحرير النقل الجوي الداخلي، أن هذا التحرير سيسهم في تحقيق الاستفادة المثلى من الطاقة المتاحة للمطارات السورية وتمتين الروابط بين المدن السورية الرئيسية من خلال ربط المنطقة الشمالية الشرقية بالمحافظات. وخلق فرص استثمارية مهمة في مجال النقل الداخلي، إضافة للمساهمة في خلق فرص للعمالة السورية، وفي تأسيس شركات نقل جوي صغيرة تتمكن بعد تنميتها من لعب دور في النقل الجوي الخارجي بعد المساهمة في النقل الجوي الداخلي. واكد في ختام حديثه حرص الوزارة على إيجاد بنية تشريعية تحقق المنافسة العادلة في القطاع بعد تحريره، وكل ذلك بالتوازي مع ضمان السلامة والأمان اللذين يعتبران من العوامل المهمة للعمل في قطاع النقل الجوي.
النقل الجوي الفرنسي
أما دومينيك بوسيرو وزير النقل الفرنسي فقد عرض التجربة الفرنسية في قطاع النقل الجوي الداخلي والمنضوية تحت إطار تجربة تحرير النقل الداخلي في السوق الأوروبية المشتركة بشكل عام، مؤكدا أن النتائج المرجوة من تحرير القطاع تكمن في حصول المواطن على خدمة رخيصة وفي تطوير الشركات الجوية ذات التكاليف المنخفضة، مبينا أن الحصول على تلك الفوائد تترافق مع بروز العديد من الصعوبات المتعلقة بقوننة العمل والتزامه بمعايير السلامة الجوية العالمية وضمانه لعدالة المنافسة بين العاملين إلى جانب ضمانه لوصول جميع الناقلين إلى البنى التحتية الخاصة بالقطاع، مؤكدا أن تكامل تلك النتائج والأسباب يمكن أن يسهم في تحرير قطاع النقل ليصبح ذا جدوى اقتصادية ويكون ملبيا لرغبات الجماهير في الحصول عليه.
لجنة الدراسة في وزارة النقل
في ذات السياق تحدث د.وفيق حسن مدير عام مؤسسة الطيران المدني الذي أشار إلى أهمية تحرير قطاع النقل الجوي الداخلي على الصعد الاقتصادية والسياحية والاجتماعية، مشيرا إلى تشكيل لجنة في وزارة النقل لدراسة إمكانيات تحرير هذا القطاع بالاستفادة من تجارب الدول التي سبقتنا في هذا المجال، مشددا على أهمية التعاون الدولي في مجال قطاع النقل الجوي الذي يتمتع بخصوصية عن باقي القطاعات الأخرى، وأعرب عن الأمل في الاستفادة من الورشة في إغناء تجربة المؤسسة الساعية لتحرير قطاع النقل الداخلي لديها.