جملة الأعمال التي قدمتها فجر السعيد للشاشة الصغيرة على مدى السنوات الماضية كانت كفيلة بإحداث تغيير جذري في طبيعة المنافسة على الساحة الفنية، وبما ان المنافسة هي وقود التقدم فقد ساهمت فجر بشكل كبير في هذا التقدم والحفاظ على مكانة وحضور المسلسلات الكويتية على المستوى الخليجي، بل واستقطاب الجماهير العربية الأخرى في مصر ولبنان وسورية وغيرها لمشاهدتها معززة بذلك موقع المسلسل الخليجي عربيا.
وبينما لا يوجد خلاف على أن أعمالها حققت شعبية كاسحة، وهذا ما جعلها رقما صعبا في بورصة الفضائيات الخليجية والعربية، انقسمت آراء النقاد خلال تقييم حجم ما تحتويه هذه الأعمال من «جرأة» و«إثارة للجدل» في طروحاتها، فتراك سمعت أو قرأت من يقولون ان فجر «تعدت كل الخطوط الحمراء»، وبالمقابل من رأوا انها «تجرؤ على ما لا يستطيعه غيرها».
فماذا تقول فجر نفسها عن هذا الموضوع؟ طرحت «الأنباء» السؤال ـ خلال دردشة ـ عليها ولم تكن إجابة هذه المرأة المليئة بالمفاجآت تقليدية على الإطلاق: «لقد حققت كل النجاح الذي أردت وخططت له، واليوم أتطلع للعب دور أكبر وهو توجيه المجتمع عبر قضايا أسلط عليها الضوء، شاهدتم «عديل الروح» ثم «الإمبراطورة»، لقد لامست مواضيع لم ترق للبعض، لكنها تركت الأثر المطلوب... وقيل الكثير وربما سيقال أكثر لكن تأكدوا سأستمر».
هذه اللهجة في كلام فجر تمثل خطوة مهمة في مسيرتها وتحديا مع نفسها وانجازاتها الماضية، لأنها تعني أنها لم تعد كاتبة المسلسلات بالمعنى التقني الغالب على ما نشاهده من أعمال وإنما خيارها أن تكون الكاتبة المؤثرة سياسيا واجتماعيا وتستفيد في ذلك من فورة الفضائيات التي تتسابق للتعاقد معها كونها بالتأكيد على اللائحة الذهبية لأفضل الأسماء.
وكانت اطلالة فجر في برنامج «سهرة خاصة» أخيرا مع الإعلامي بركات الوقيان على شاشة روتانا مرآة لشخصية فجر ورغبتها في التغير المستمر.
والى جانب جرأتها التي تعتبر سلاحها الأقوى وأفكارها الجميلة، قدمت فجر نموذجا جيدا للعقلية المميزة تجاريا من خلال ادارتها لـ «سكوب سنتر»، المظلة التي تقدم من خلالها أعمالها، وعبر أفكار أخرى تراودها وتخطط لها وتعتبر انها «لم تنضج» بعد للنشر، والإعلام الذي تفضـل أن تبعـد أضـواؤه عـن أعمالهـا خــلال إنجازها.
تنأى عن التحدي ولهجته وتدخل في منافسة مع نفسها ولا تقلل من شأن الآخرين، وبالوقت عينه تفتخر بالمستوى الذي بلغته، وحضورها وقوة اسمها لدى الفضائيات يعكسهما التقديران المعنوي والمادي لأعمالها.
على مدى السنوات الأخيرة فرضت فجر السعيد نفسها كـ «حالة خاصة» واستثنائية في الكويت وصلت أصداؤها الى العالم العربي، تنقل صورا للمجتمع وتحاول «توجيهه» كما تقول، فيتفق معها كثيرون ويخالفها كثيرون وما يجمعهم جميعا انهم يتابعون أعمالها!
محمد الحسيني
الصفحة الفنية في ملف ( pdf )