الدوحة ـ مفرح الشمري
قدمت فرقة «فكر وفن» العمانية عرضها المسرحي «مواء قطة» من تأليف بدر الحمداني واخراج مالك المسلماني وبطولة حمود الجابري وميمونة البلوشي ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان الفرق المسرحية الاهلية في دورته الـ 11 وسط حضور كبير من ضيوف المهرجان بالاضافة للفرق المشاركة في هذه الدورة المقامة في العاصمة القطرية الدوحة.
يفيض نص المسرحية بالاسقاطات الانسانية باسلوب فلسفي ملغوم لتوصيل فكرة واقعية، خاصة في ظل قدرة الممثلين ميمونة وحمود على الانسجام كليا والاندماج في تقديم فكرة النص والتمكن من حفظ حواراتها الصعبة، حيث تطرقت الفكرة الى الانسان المهزوم والذي حبس نفسه في غرفته وكأنه قطة حوصرت في غرفة بلا حيلة، فلا يستطيع مواجهة العالم بعدما كان يلقب بـ«ابوالشوارب» وبعد انكساره من ظروف حياته حلق شواربه واصبح عالة على زوجته حتى في كسب قوت يومه، حيث تضطر الى بيع نفسها من اجل لقمة العيش، وعندما علم بهذا الامر غضب وهددها بالانتقام ولكن دون فائدة.
صراع الإنسان
جسد المؤلف بدر الحمداني من خلال النص، صراع الانسان مع ذاته، والمشكلات النفسية الداخلية التي تواجهه، باسلوب رمزي وبلغة شاعرية فيها الكثير من البساطة والجمال، مكونا لوحة فنية، خاصة وانه اشتغل هو والمخرج مالك المسلماني على بطلي المسرحية ميمونة البلوشي وحمود الجابري ولكن ما يحسب ضد النص انه مباشر جدا خاصة في وصف حالة الكبت العاطفي والجنسي التي تعاني منها الزوجة بعد وصول زوجها لهذه الحالة الصعبة حيث اصبح لا يقدر على فعل شيء معها بعد انكساره.
الندوة الفكرية
شهدت الندوة الثالثة المصاحبة للمهرجان نقاشات واسئلة بحثية متعددة حول اشكالية التأصيل المسرحي في دول الخليج العربي وفي الجلسة التي ادارها موسى زينل، قدم فيها د.ابراهيم غلوم من البحرين ورقة بحثية بعنوان «التأصيل للمسرح في المسرح في الخليج العربي.. من مقولة التراث الى مقولة المؤسسة» وعقب عليها د.علي العنزي.
وقال د.غلوم: مرت تجربة كتابة النص المسرحي في الخليج العربي بمراحل متعددة، وبدايات متكررة، منذ الثلاثينيات وحتى المرحلة الراهنة، وكان يعتري حضور هذه التجربة فترات صعبة من الانقطاع، اما فترات الازدهار والحضور فتكون مدينة غالبا بخطاب يحتويها ويجعلها مرتهنة به على الدوام.
ولفت غلوم الى ان النص المسرحي يعتبر التجربة الاكثر التصاقا بحساسية نقد المجتمع وفحص مكونات الالم والمعاناة، ومن هنا يبدأ اول مظاهر اشكالية تأصيل النص المسرحي، فالنص لم ينحدر من تراكم الحالة المسرحية وانما من رغبة في تغيير الواقع رغبة في نقده ورغبة في التعايش مع آلامه او المصالحة مع اشكال التخلف فيه.
وتابع: تنحدر من مفارقة الموروث عن المسرح مفارقة اخرى عميقة الصلة بها تثبت ان المسرحية العربية ومنها المسرحية في الخليج العربي لم تنشئ من الموروث مسرحا بقدر ما انشأت مركزية معرفية للسلطة نجدها في هيمنة مؤسسة الشعر على حساب مؤسسة المسرح، فالمسرح الذي ذهب الى الموروث منذ رواده الاوائل وحتى الآن لم يستطع التغلغل في المجتمع، ولم يتحول الى صيرورة تقابل صيرورة الشعر في الثقافة العربية.
واشار الى ان المسرح ظهر كفن عابر طارئ في المجتمع العربي في سياق حركة تاريخية لم تهدأ من المثاقفة وعبر علاقة غير متكافئة مع الثقافة الغربية.
واكد غلوم ان النص المسرحي تجربة لم تتم حمايتها بمؤسسة مسرحية كما تمت حماية الشعر والرواية عبر مؤسسة ادبية يعترف بها المجتمع العربي منذ اقدم العصور، مشيرا الى انه من السهل على تجربة كتابة النص المسرحي ان تكون عرضة للانحسار والانقطاع اينما ظهرت، مضيفا: انها تنحسر بسرعة اذا ما تجاذبت مع الشعر وتنحسر بشكل اسرع اذا ما تجاذبت مع القصة والرواية ثم وجدناها تنحسر بشكل افدح مع ثقافة الصورة وتكنولوجيا المعلومات والفضائيات ووسائط الثقافة الجديدة، مشددا على ان التأصيل يظل «فاعلية ديناميكية» تعتمد استيعاب القيم الدرامية واعادة انتاجها بما يكون للعرض المسرحي حياة مشتركة متصلة بالمجتمع ومتعينة في وجوده زمنا ومكانا.