عبدالحميد الخطيب
باللونين الاخضر والاحمر دارت انشطة اليوم الثاني من ايام مهرجان الخرافي للإبداع المسرحي، حيث عرضت مسرحية «عبر عن نفسك» لشركة الروان للانتاج الفني.
البداية كانت مع ديكور بسيط لحمّامين احدهما للرجال باللون الاخضر والثاني للنساء باللون الاحمر ومكتوب عليه لافتة «غير صالح للاستخدام» أمامهما عامل نظافة يبدو عليه الاجهاد ونائم على كرسي امام الحمامين.
الابطال 4 شخصيات سنرمز لهم بشخصية رقم 1 وشخصية رقم 2 وعامل الحمام والشخصية رقم 3 ورقم 4. لكل واحد من هذه الشخصيات اتجاه مختلف يمثل تيارا فكريا معينا دون الاشارة الواضحة الى اي مجتمع بعينه.
4 شخصيات
الحوار يبدأ بتعارف بين الشخصية رقم 2 والشخصية رقم 1 وعامل النظافة بالحمام، الجدال والحيلة والصلح كانت السمات الغالبة على حوارهم منذ البداية، حيث دار الصراع على ايهما أهم الحمام ام عامل النظافة بالحمام، ما يدفعهم الى التساؤل ايهما أحق بالزيارة الحمام ام عامله فيستقرون على ان الاحق بالزيارة هو الحمام، وفي الوقت نفسه عامله لأنه هو السبب الحقيقي لبقاء الحمام نظيفا، ما يحفز الناس على ارتياد هذا الحمام.
يتحول التطور الدرامي الى مناقشة موضوع آخر وهو مفهوم السلطة والتصارع عليها من خلال الشجار على الدور في دخول الحمام وهنا تظهر صفة من صفات شخصية رقم 2 وهي الحيلة، حيث يستطيع ان يقنع شخصية رقم 1 بأخذ دوره.
دور المرأة
اثناء الجدال تدخل امرأة وتفاجأ بأن حمام السيدات غير صالح للاستخدام فتخرج ليدور بعدها حوار حول المرأة ودورها من خلال اقتناع الشخصية رقم 2 بأهمية ان يكون الحمام مشتركا بين الرجال والسيدات كما هو الحال في الغرب ولكن يثور الشخصية رقم 1 معارضا هذه الفكرة لما بها من مخالفة للعادات والتقاليد العربية ونعت الشخصية رقم 2 بالمتحرر، والشخصية رقم 2 نعته ايضا بالمتطرف واحتدم الصراع، حتى جاء عامل الحمام ليقف بينهما ويطالبهما بأن ينظرا بإيجابية لدور المرأة وان يجردا عقليهما من غرائزهما تجاهها.
واستمرارا لموجة النقد الواضح في المسرحية يناقش النص من خلال قراءة عامل الحمام الاوضاع المتردية سواء كانت اقتصادية او سياسية او اجتماعية من خلال قراءته لأخبار الكافيتيريا تبعه حلم الشخصيتين رقمي 1 و2 بأنهما دخلا الانتخابات وكل منهما يحاول اقناع منتخبيه بأنه الأصلح، فرقم 1 يريد منهج التمسك بالأخلاق والقيم ورقم 2 يريد منهم التحرر واستخدام وسائل الحياة الحديثة.
ثورة الحمام
يعود بعدها الحوار الى الحمام، حيث يثور رقم 1 محاولا اخراج رقم 3 من الحمام، وبالفعل يخرج وهو مستاء، ولكن تحدث مفاجأة، حيث ان الحمام الرجالي أصبح هو الآخر غير صالح للاستخدام، هنا يتدخل شخصية رقم 2 ليلعب بأفكار رقم 1 ويقنعه بدخول حمام السيدات وان يلقي بعيدا بلافتة غير صالح للاستخدام، وبالفعل يقتنع ويحاول دخول الحمام ولكن تأتي امرأة وتدخل مكانه لينتهي معها الـــعرض.
المسرحية رغم فقر ديكوراتها واضاءتها، وكذلك غياب المؤثرات الصوتية الا من التصفيق المصاحب للحملات الانتخابية للشخصين رقمي واحد واثنين، الا ان خطها النقدي أعطانا صورة واضحة لتغلب تيارات فكرية على اخرى ومدى تأثر مجتمعاتنا بالمجتمعات الغربية والسلطة والصراع حولها، كما تطرق لموضوع ذي أهمية كبيرة وهو دور المرأة في الوطن العربي ومدى وجودها في تفعيل القرارات، خصوصا السياسية.
تناسق الأدوار
من جانب آخر، الابطال أجادوا أداء ادوارهم والحوار جاء متكاملا متناسقا لدرجة عدم شعورنا بانتقالات النقد من جهة الى اخرى، وهذا يحسب للكاتب، وكذلك للابطال والمخرج الذي استطاع توظيف هذه الامكانات لتخدم النص في أضيق الحدود.
مؤتمرات صحافية
بعد انتهاء العرض عقدت اللجنة المنظمة مؤتمرا صحافيا تحليليا لمسرحية «عبر عن نفسك» حيث بدأ مع الزميلة ليلى احمد التي أشادت بعمق الفكرة رغم تحفظها على اللونين الاحمر والاخضر لاشارتهما الى اكثر من احتمال، واضافت انها كانت تود ان يكون دور المرأة اكثر تفعيلا في النص الدرامي بحيث تكون موجودة ومتحدثة في اطار الاحداث.
وأشارت الى فقر الاكسسوارات والديكورات والاضـــاءة في العــــرض رغـــــم قــــوة الاداء وتميز الابــــطال في ادوارهم.
تجاوزات النص
من جانبه، اكد الزميل عبدالمحسن الشمري ان المؤلف مشعل الموسى مجتهد ولديه العديد من الاعمال الناجحة وليس بغريب على المهرجانات وعاب عليه تغييب دور المرأة في النص. وأشار الى بعض التجاوزات في النص التي لم يعها المخرج ووصف النص بأنه ذهني يصلح للاذاعة.
الأحداث الدرامية
بدورها الكاتبة عواطف البدر أوضحت انها لأول مرة تشاهد عملا فيه اشكال كثيرة ومتنوعة لدرجة انها كانت تعيش احداث المسرحية مع ابطالها مما يحسب للمؤلف والمخرج.
وألمحت الى صعوبة تهميش دور المرأة وخصوصا انها اصبحت الآن في كل المراكز وكانت تتمنى ان يكون دورها اكثر قوة في النص بحيث تكون عنصرا فاعلا في الاحداث الدرامية للمسرحية.
واكدت ان الانتقالات في الحوارات داخل المسرحية كانت جميلة وهذا يحسب للمخرج واشادت بدوري أوس الشطي وأيمن عبدالسلام.
واضافت انها لم تعجب بالديكور أو الاضاءة، متمنية ان يكون الاهتمام بهما اكثر لأنهما من أهم العناصر في العروض المسرحية.
دورة مياه
أما الزميل عبدالله العابر فقد أشار الى ان تغيب المرأة في النص كان ايجابيا لأن دور المرأة ليس هو المنشود في الرواية، وانما نقد الكثير من الاوضاع الموجودة بالوطن العربي.
واكد ان المخرج قد تناول النص بطريقة جيدة وأعطانا انطباعا وكأننا فعلا داخل دورة مياه، وذلك من خلال تقارب الممثلين، وهذا يدل على مدى تمكنه من ادواته الاخراجية بحيث وظف كل عنصر من عناصر المسرح في مكانه الصحيح.
الاحمر والاخضر
وفي معرض ردوده على انتقادات الصحافيين، اكد مشعل الموسى مؤلف مسرحية «عبر عن نفسك» ان الجدلية الدائرة على المرأة في هذا العمل تدور كمضمون، ولولا المرأة ما قامت هذه الحوارات ولما ارتقت قيمة الاحداث الدرامية، واضاف انه رمز للمرأة كتوجه لتسجين المجتمع المحلي والخليجي والعربي ولذلك كان لابد من تغييب دورها واعتبارها رمزا فقط، وبالنسبة للونين الاحمر والاخضر المستخدمين في الحمامين، اكد انهما يشيران الى لوني اشارة المرور حيث يعني الاخضر سر الى الامام والاحمر قف مكانك.
بدوره، أوضح المخرج عبدالله القلاف ان الازياء كانت مدروسة ولذلك كان لابد من هذه البساطة لأن الاحداث تدور كلها داخل دورة مياه بالشارع، وهذه الدورات يرتادها اناس بسطاء، ولذلك جاءت الازياء كايحاء لهذه الطبقات، واضاف ان اللون الاحمر يعني الممنوع والاخضر هو المسموح للاشارة لأوضاع عربية بصورة نقدية غير جارحة، وأنهى حديثه بتوجيه الشكر لادارة المسرح العربي لدعمها له ولجميع زملائه في العمل، ولإدارة مهرجان الخرافي للابداع المسرحي في دورته الخامسة.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )