بيروت ـ ندى مفرج سعيد
أثار ألبومها الأخير «خليني شوفك بالليل» الجدل لجهة ما احتوته الاغنية عنوان العمل من جرأة سواء على صعيد الكلمات حيث تناجي الحبيب لملاقاتها في الليل، أو لجهة الكليب المصور، نجوى التي صورت منذ أيام أغنية ثانية من ألبومه «ايدك» حيث تروي حكاية عروس اصطحبت عريسها لانتقاء فستان الزفاف وهناك استاءت من أسلوبه وتعاطيه معها فقررت الهروب وتعليم الرجال درسا في فن التعاطي مع المرأة تقول لـ «الأنباء» ان قلبها لايزال مفتوحا لإيجاد حبيب يستحق هذا الحب اللامتناهي».
نجوى كرم الثائرة على وضع المرأة في المجتمع العربي وتدعوه «ليقبل بالحب الطبيعي، اذ يمنعونها من ان تحب لأنهم يعتبرون انها إذا أحبت تكون انسانة فاسقة في المجتمع، وفي بعض المجتمعات يجب ألا تتزوج إلا من خلال الصورة».
«الأنباء» التقت شمس الغنية نجوى كرم فكان هذا الحوار:
الأنوثة الفائقة والزائدة التي ظهرت فيها نجوى كرم من خلال هذه الأغنية في الوقت الذي كانـــت بداياتك الفنية أكثر تحفظا، كيف تفسرين ذلك؟
الأنوثة لا تلغ التحفظ والعكس صحيح، وكل شيء يأتي بحسب دوره.
لماذا انتظرت حتى اليوم؟ وأنت التي أسست لصورة نجوى كرم الفنانة الملتزمة بالأغنية اللبنانية صورة وكلمة؟
ومازلت حتى اليوم ملتزمة بكل هذه الأمور، لكن عندما تطرح قصة الكليب ويتطلب ان تتواجدي بهذا الشكل في منطقة غجرية، وهو أمر تقومين به باقتناع وليس خوفا أو ترددا، بالتأكيد أتماشى مع القصة عندما لا أجد فيها ما هو مبتذل، لكن عندما ألمس انحطاطا في اللحن أو الصورة أو الكلمة، أكون أول من يقاطع ذلك، فكما حرص الأم على ولدها هو حرصي على نفسي.
عندما تقولين «خليني شوفك بالليل» وكأنك تضربين موعدا مع الحبيب، ونحن في العالم العربي ممنوع ان تطلب المرأة موعد حب، كسرت بهذه الكلمة هذا الهاجس أو لنقل «التابو» الموجود في العالم العربي.
عندما كنت أقول له أنا ما في وأنا لا أسمح لك، كانت تقوم القيامة واتهمت بتحدي الرجل، وعندما غنيت «مغرومة» سُئلت إذا ما كنت مغرومة، واليوم أقول له «خليني شوفك» لكن ليحاسبوني عندما أراه.
هذا يعني انك حالمة ولن يكون لقاء مع الحبيب؟
ليس حلما اذ في بعض المجتمعات الشرقية، حيث يعتبر الأمر تحفظا أيضا، تريدون قمع الفتاة من ان تحلم أيضا؟ وتريدون قمعها حتى لجهة كيف ترى نفسها وتتخيل نفسها مع الحبيب؟
تطلبين من المجتمع ان يتقبل المرأة بما تريده في الحب؟
لا، انت اخترت الكلام هذا، أنا قلت ان يتقبلوا المرأة بأن تحب بشكل طبيعي.
هل بنظرك ممنوع على المرأة العربية ان تحب؟
يمنعونها من ان تحب لأنهم يعتبرون انها إذا أحبت تكون انسانة فاسقة في المجتمع يفترض ألا تحب، وفي بعض المجتمعات يجب ألا تتزوج إلا من خلال الصورة.
أين أنت من هذه الأمور؟
ترعرعنا في مجتمع ضيق جدا، ففي زحلة على الفتاة ان تتواجد الساعة الرابعة بعد الظهر في منزلها خاصة في فصل الشتاء، واتذكر انني كنت في جوقة الكورس في الكنيسة حيث كنا نحضّر بعد انتهاء دوام المدرسة، أنا وبنات أعمامي وبنات الجيران لتراتيل الميلاد وعيد الفصح، وكنا إذا وصلنا المنزل عند الساعة التاسعة، تنهمر علينا البهدلات، واسأل هل يا ترى كان ما قمنا به معيبا.
هل أحبت نجوى خلال هذه الفترة؟
طبعا لكن لم نكن نصرّح بالحب لا للآخر ولا للأهل، وفي حال أحبّنا أحد لا نعطيه فرصة ليتم المشروع ولمنع المشاركة في الحب لم نكن نعطي فرصة للحب لأنهم كانوا يعلموننا ان الأمر عيب.
وهل الأمر عيب؟
العيب هو في ألا تحب الفتاة.
عشت تجربة الحب في السابق لكن اليوم أين أنت من الحب، والفنان لا يمكن ان يعيش من غير حب؟
الانسان لا يمكن ان يعيش من غير الحب، لكن هنالك فرق في ان تقبلي دائما مشروع الحب، أو ان تضعي حاجزا له في حياتك، أنا لم أقل انني لن أحب بعد اليوم، لكن قلت ان قلبي مازال مفتوحا لإيجاد حبيب يستحق هذا الحب اللامتناهي!
الحياة تمر بسرعة، ألا تشعرين ان الوقت قد يسرقك من تأسيس عائلة والأمومة؟
عدم تأسيس عائلة هو أمر اعتدت عليه، لكن الأصعب هو ان تؤسسي عائلة ومن ثم يتم الانفصال، ولو تم موضوع تأسيس عائلة أرحب بالأمر جدا.
ألا يوجد اليوم من يمكن ان تؤسس معه نجوى عائلة؟
لا بالرغم انني احب حالة العشق والحب.
هل من الممكن ان تتخلى نجوى كرم عن شخصيتها القوية لإرضاء حب رجل؟
أبدا، لأن شخصيتي القوية ليست مستفزة لشخصية الرجل بل هي تذوب في قوته في حال لم تظهر منه علامات استفزاز لشخصيتي ولما وصلت اليه، فلا يعمد لأن يمحي وجودي ليُظهر وجوده، اذ يستطيع ان يُبرز يحقق وجوده من خلال ما قدمه هو وليس على حساب وجودي أنا.
من هو الرجل المثالي بنظر نجوى كرم في العالم والذي ترى انه يعامل زوجته وفق المبادئ التي تؤمنين بها؟
يجب أن أفكر مطولا قبل الإجابة، فشخصيا أرى أوباما الرئيس الأميركي مثاليا، لكن في العالم العربي من الصعب ان نحكم على ذلك فنحن نعيش في عالم ذكوري حيث الرجل وان كان يطبق البروتوكول ويجعل المرأة تسير امامه، لكنه من الداخل يريد ان يجعلها تسير اما الى جانبه واما وراءه.
في ألبومك الأخير «خليني شوفك بالليل» نقلة نوعية لجهة اختيار كلام الأغاني والكليب المصور، هل تشعرين بان النقد طالك اثر التغيير هذا؟
أبدا، لأن كل الناس الذين يعيشون التطور ويحبون رؤية الأمور القريبة من هذا الواقع، خاصة انه ليس كل أغنية أقدمها يجب أن تمثلني أو تصور حالة أعيشها، انما هي تمثل شريحة من الناس، او حالة حلم لفتاة، أحيانا نريد ان نقول لأحدهم «خليني شوفك» لكننا لا نستطيع، ربما من خلال الأغنية يمكن ايصال الرسالة إليه.
يعني كلام الأغاني هو فشة خلق لما هو غير مسموح؟
كلام لا يمكن ان نترجمه على ارض الواقع لأننا تربينا في مجتمع وفق قيود ننفذها لأننا تربينا وفقها.
انت حلمك الغناء في بعلبك لكنك مستبعدة لماذا؟
للوقوف في بعلبك يجب ان تحملي عملا كبيرا معك.
ألم تقدم نجوى كرم حتى اليوم عملا كبيرا يليق ببعلبك؟
لا توجد بعلبك حتى اليوم، فبعلبك لا تعني عواميد بعلبك.
يبدو انني لا أفهم ما تغمزين اليه؟
عواميد بعلبك تحتاج الى الأمان أكثر، ويجب التواجد في بعلبك وفق عمل متكامل، اما في مهرجانات بيروت فلم يتم اختيارنا بل هناك توجه نحو الفنانين الأجانب اعتقادا منهم انهم الأنجح، لكن أقول اننا نقدم خارج بلدنا مهرجانات ناجحة جدا، ونحن في لبنان نفتح قلبنا لكل من يأتي الى بلدنا، تماما كما تُفتح المنازل امامنا عندما نذهب الى قرطاج وجرش.