عبدالحميد الخطيب
ارتقى العرض المسرحي «عطسة»، الذي قدمته فرقة المسرح الكويتي مساء امس الأول على خشبة مسرح الدسمة في آخر العروض المنافسة في الدورة الحادية عشرة لمهرجان المسرح للشباب، بذائقة الجمهور، حيث كان حافلا بالعديد من عناصر الفرجة المسرحية، وتفجرت فيه قدرات تمثيلية شبابية، فاستمتع الجميع بجماليات الصورة والأداء معا.
القصة التي ألفها محمد المسلم عكست الكثير من القضايا المهمة مثل الخوف من المسؤول والتنازل عن جزء من الكرامة او كل الكرامة مقابل إرضائه، وخرج بها المخرج عبدالله التركماني من الإطار المسرحي التقليدي ليقدم لنا حبكة فيها بناء درامي متميز مؤطر بالكوميديا الساخرة ليكسر حالة اليأس التي كان يعيشها البطل.
دارت أحداث العرض حول موظف بسيط كان يشاهد إحدى المسرحيات، ويجلس أمامه رجل مسؤول، ولسوء حظه يعطس فيتطاير الرذاذ من فمه ويقع على رأس المسؤول الذي يغادر المكان غاضبا، فيخاف الموظف ويذهب سريعا الى بيته ويخبر زوجته بما حدث، فتؤكد انه يجب عليه الاعتذار للمسؤول حتى لا يستخدم سلطته ضده ويؤذيه او يقاضيه ويدخله السجن، فيرفض الموظف هذا الكلام ويقول ان العطس حالة إنسانية طبيعية الجميع يصاب بها في اي وقت واي مكان، وتتزاحم الأفكار داخل رأسه، فالجميع يطلب منه الاعتذار للمسؤول وهو يرى انه لم يفعل شيئا يستحق الاعتذار، ويهتدي تحت ضغط الخوف الى كتابة رسالة يعتذر فيها للمسؤول عما فعله، لكن ايضا هذا الحل بوجهة نظر من حوله لا يجدي نفعا، فيقرر أخيرا الذهاب للمسؤول والاعتذار وهناك يجد المهانة وسلب الكرامة بسبب فعلته، وينتهي العرض وهو وحيد بائس ويقول «أنا بشر ولي احتياجاتي كإنسان، والعطس احتياج طبيعي».
في عرض «عطسة» حلق الفنان عبدالعزيز النصار بشخصية الموظف البسيط، وانتقل من خلالها بين حالات نفسية مختلفة، فتارة لا يشغله ما حدث مع المسؤول ويباشر حياته ضاحكا، وتارة أخرى يكون الإنسان المتأزم الذي يخشى عواقب ما فعل، وأظهر ببراعة غرابة الشخصية ومدى ما يعانيه الإنسان اذا ما واجه السلطة، وعكست الرؤية الإخراجية مدى فهم عبدالله التركماني التام للنص، واهتمامه بوضع كل كبيرة وصغيرة في مكانها، فقد كانت كل حركة او جملة على المسرح لها دلالتها، كما استخدم سينوغرافيا مبهرة في جميع عناصرها وكانت عاملا مساعدا في نجاح العرض.