خلود أبوالمجد
احتفالا بيوم المسرح العالمي قدمت أكاديمية لوياك للفنون الأدائية «لابا» وبحضور الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب م.علي اليوحة والأمين العام المساعد محمد العسعوسي مونودراما «سبيليات إسماعيل» وأعدته للمسرح فارعة السقاف عن رواية «السبيليات» للكاتب الكبير اسماعيل فهد اسماعيل على مسرح الدسمة مساء أمس الأول، وهي بطولة شيرين حجي، وإخراج رسول الصغير، سينوغرافيا نصار النصار، موسيقى وتصميم مشاري حمد، تصوير فوتوغرافي عبدالله الجري.
تدور أحداث المسرحية حول «أم قاسم» تلك المرأة العراقية التي واجهت بشاعة الحرب في ثمانينيات القرن الماضي والتي طالت لأكثر من 8 سنوات، فاضطرت لترك منزلها في قريتها «السبيليات» مع أولادها وزوجها لأنها أصبحت منطقة عسكرية نكبتها وهدمت منازلها وقضت على كل ما فيها، إلا أن زوجها يموت خلال الرحلة بعدما يوصيها بدفنه في قريته، قصة تحمل من البساطة الكثيرة ولكنها ذات بعد إنساني واجتماعي كبير، فهي تستعرض عمق وضرورة الانتماء لأوطاننا برغم الغربة والمعاناة التي يقاسيها أي شخص، إلا أن الحنين والرغبة في العودة لتراب الوطن هما الأبقى والأقوى، حتى إن كان مجرد عظم في خرقة تحمل في اليد ولكنها يوم تتحلل ستختلط مع ثرى هذا الوطن الذي يسكننا وأحببناه.
قضية مهمة تحمل الكثير من العمق تمكن المخرج رسول الصغير من التركيز فيها على مضامين الحكاية وأبعادها التاريخية، فبدأت الأحداث بحكاية ألقتها ام قاسم على الجمهور قبل الدخول إلى خشبة المسرح مستندة إلى حقائق تاريخية حدثت أثناء الحرب العراقية الإيرانية ليجسد الصراعات والقضايا التي مرت بها قرية السبيليات، ليطرح من خلالها فكرة السلام بمجموعة الطبخات التي حاولت «أم قاسم» إرسالها للجنود حتى يسمحوا لها في النهاية بدفن زوجها مع نهاية الحرب، الأمر الذي جعلها تقيم الأفراح، مقابل الدمار الذي خلفته الحرب وأثره على الطبيعة التي أصابها بالذبول فغاب عنها اللون الأخضر، إلا من عباءة «أم قاسم»، فعكست معنى الحياة والأمل الذي يظل يلازمها طوال فترة الحرب على طولها حتى تنفذ وصية زوجها بدفنه في موطنه، فكانت السينوغرافيا تعكس هذا ووظفت تماما في مكانها الصحيح، لتكملها المؤثرات الصوتية والموسيقية التي جمعت بين الفرح وصوت الدبابات وصفارات الإنذار والمناورات في لوحة فنية بديعة.
ونجحت شيرين حجي وصفق لها الجمهور كثيرا في تقديم شخصية «أم قاسم» بحس مرهف فامتلكت أدواتها بشكل كبير، وكان لديها القدرة على الانتقال من الشخصية الرئيسية إلى الشخصيات الثانوية بسلاسة جعلت العرض متناغما في عناصره، ومحققا الرؤية الفكرية، والإمتاع بصريا وسمعيا.
واختتم العرض بتكريم الكاتب الكبير عراب الروائيين الكويتيين إسماعيل فهد إسماعيل من رئيس مجلس إدارة «لوياك» فارعة السقاف التي شكرت الحضور على حضورهم في هذا اليوم الخاص جدا لجميع العاملين بالمسرح، وأكدت ان المسرحية تتضمن رسالة إنسانية وحضارية فلا يوجد منتصر في أي حرب، بل دائما ما تترك الألم والحقد والكراهية، لذلك يجب أن تتصالح الأمم والشعوب وتتقارب على جسر المغفرة والمحبة، موضحة ان الشعبين العراقي والكويتي تربطهما روابط الدم والنسب والقربى والجيرة.
ومن جانبه، أعرب إسماعيل فهد إسماعيل عن سعادته بالجهد التي تبذله مؤسسة لوياك في دعم الحركة المسرحية في الكويت وتبني الشباب الهواة وأوضح ان اختيار رواية السبيليات من خلال عمل مونودراما وليس عملا مسرحيا عاديا يحتاج إلى إمكانيات عديدة على صعيد الممثل بطاقته ولغته الجسدية وصوته وتقديم فن مختلف خلال الفترة الزمنية الطويلة التي يوجد فيها على خشبة المسرح وحيدا، ما يعد تحديا كبيرا.
وأعلن أنه بناء على طلب قنصل عام الكويت في أربيل د.عمرالكندري سيتم عرض مونودراما السبيليات هناك خاصة ان الرواية ليست بعيدة عن واقع العراق والشعب العراقي المتعطش إلى مثل هذه الفنون التي تسهم في مد جسور المحبة والسلام بين الشعبين العراقي والكويتي.