ونأتي الى عنوان الألبوم لنسترجع لطيفة التسعينيات التي تمردت وقتها على النمط الغنائي السائد كلاما ولحنا بأغنيتها الاشهر «حبك هادي»، ثم نصل لمرحلة زياد الذي ولج بلطيفة الى واقعية الصدمة بعد الحلم في العلاقة بين العاشقين، حيث يبدأ الألبوم بصدمة المستمع الذي يتوقع البداية مع«معلومات اكيدة» لتصدمه أغنية «معلومات مش أكيدة» برومانسية حالمة تعيد اجواء ألبوم زياد «هدوء نسبي» اما لمن لا يعرف تلك الاجواء فالأقرب اليها بداية أغنية «كيفك انت» للسيدة فيروز وانما تختلف باستمرار اللحن الغربي دون دخول التخت الشرقي. فكلمات زياد في هذه الأغنية بسيطة حتى حافة الوجع
«من كثر القهر انا وياك... ما بدي انقهر مرة جديدة».
وذكاء لطيفة يوظف صوتها وطبقاته بانتقال هادئ بين المحبة ونقيضها لتجعلك تشعر باحساسها قبل ان تتفاعل مع جمال صوتها في هذه الأغنية التي أراد زياد ان يدخل من خلالها ما هو جديد إلى فكرة الأغنية بحد ذاتها فالأغنيتان المنفصلتان عبارة عن أغنية واحدة لحالتين:
الأولى الشك في استمرارية أو انتهاء الحب (معلومات مش أكيدة) الثانية: اليقين في انتهاء الحب (معلومات أكيدة)
ويتجلى إبداع زياد في أغنية «معلومات أكيدة» عندما يعطينا الاشارة الأولى لبدء انتهاء العلاقة بين الحبيبين.
«تعودت اشتري لشخصين ولاحظ البياع انو قلُّو» و«ولما رجعت تعبر بالايدين حسيتو للحب طفى كلو».
هل هناك وصف أروع وأجمل وأبسط من الجملة الأخيرة التي تعبر عن صورة مشهدية كاملة متكاملة تختصر معها مئات ومئات الكلمات. وعندما تغني لطيفة في هذه الأغنية «يا الله ساعدني عن حبو بعدني انسان حوَّل عمري هوى» هنا تصبح المعلومات اكيدة عن الفراق، حيث عمد زياد الى عدم ذكر كلمة معلومات اكيدة «عنوان الألبوم» في العمل كله ليستنبطها المستمع وحده.
وأعادنا زياد في اغنية «دورت ايام الشتي» الى ألحانه في فترة السبعينيات والتي خلنا انه انقطع عنها، الا انه اعطانا بهذه الاغنية رائعة من روائعه من كلمات الشاعر طلال حيدر، ولا نغالي اذا قلنا تحفة هذا الموسم هي «دورت ايام الشتي»، خاصة مقطع «يا ريت ليلتنا سوا فكرت قلوا ضل»، حيث وزع زياد هذا المقطع بطريقة مميزة بمصاحبة الآلات النحاسية التي اعطت جمالية فوق الوصف. اما صوت لطيفة هنا فهو الأبرز مع جملة «خدني معك يا حب شي مشوار».
ولكن لابد لنا من تساؤل محق: كيف يتم إغفال ذكر اسم زياد الرحباني على غلاف العمل، خاصة ان له مقطوعة موسيقية باسم «عطل وضرر» هي الاكثر جمالية في العمل، حيث ابدع فيها من كل النواحي؟ ويزيد استغرابنا بخلو المقطوعة من اي همسة او ذكر لصوت لطيفة.
فكيف يتغاضى عن ذلك، خاصة عندما نذكر دائما ـ ومع احترامنا ومحبتنا الشديدة للطيفة ـ بأنه عمل «معلومات أكيدة» لزياد الرحباني بصوت لطيفة؟ ولعله يكون الملحن الوحيد الذي يسبق اسمه اسم اي فنان.
الصفحة الفنية في ملف ( pdf )