فيلم «Hidden Figures» دراما تاريخية تروي قصة ثلاث نساء نبغن في علم الرياضيات، وهن من أصل أفريقي يعملن في وكالة الفضاء الأميركية في فترة نشأة برنامج الفضاء الذي أطلقته الولايات المتحدة، ويحكي الفيلم القصة المخبأة لكل من «كاثرين جي» و«دوروثي فوغان» و«ماري جاكسون» وهن ثلاث نساء أفرو أميركيات عبقريات يقتحمن مجال الفضاء وينضممن لفريق «ناسا» في حين ان زمانهن كان زمن اضطهاد البيض للسود، حيث لم يكن أصحاب البشرة السمراء يحصلون على أي حق إلا ان عبقريتهن ونبوغهن العلمي قادهن لاحتلال مناصب مهمة في أعظم وكالة لعلوم الفضاء على وجه الأرض.
العمل عبارة عن دراما حقيقية تروي السيرة الذاتية لكل من العالمات الثلاث وكيفية انضمامهن لـ «ناسا» وهذا الفيلم من أنجح أفلام هذه السنة وأفضل ما عرض في دور العرض الكويتية، حيث حصل على جائزتي أوسكار هذا العام وهما جائزة أفضل صورة وأفضل ممثلة للنجمة تاراجي بيندا هنسن.
تدور الأحداث في أوائل ستينيات القرن المنصرم ويظهر العمل مدى الصعوبات التي مرت بها العالمات الثلاث لتحقيق الهدف الأميركي وكيف تخطين انتقادات المجتمع من حيث جنسهن وعرقهن لتصبحن العقل القائد والمنظم لأبحاث الفضاء الذي أعاد للأمة الأميركية تماسكها في هذا المجال، حيث ان ترابط أي أمة نابع من المجتمع بكل أطيافه، مواطنين كانوا أو غرباء، وكن من أوائل من أسسوا هذا النجاح والانفراد في الوكالة، وبسبب ما وصلن إليه من نجاح اتحدت الأمة الأميركية على هدف واحد وهو النهضة بالوطن مع التغاضي عن اللون والجنس، وأدرك الأميركيون أن وطنهم لن ينهض بالاعتماد على الرجال البيض فقط بل ان نهضة أي أمة تعتمد على الرجال والنساء معا ولا أفضلية بين الاثنين إلا بالعلم والعمل.
واجهت كل من العالمات الثلاثة أحداثا شخصية كفيلة بتدمير أي إنسان إلا ان التسلح بالأمل والعزيمة وصل بهن الى أبعد مما توقعن، حيث واجهت كل منهن مضايقات عنصرية ومطالبات بطرد السود وسحب أي امتيازات لهم بالرغم من أنهم لم يتمتعوا يوما بأي امتياز ولم يكن لهم أي نوع من الحقوق، وكان للرجل الأبيض الأفضلية دائما على حساب مصلحة السود.
لم يقض نضال العالمات الثلاث على التمييز العنصري كما حلمت كل واحدة، ولكنه أشعل نار العدالة في المجتمع الأميركي وأصبح الإنسان يقاس بعلمه وعمله لا بلونه وجنسه، فبعد اقتحامهن أصعب مجال في العلوم الذي أدى الى تقدم أميركا على الاتحاد السوفييتي، أصبح للأفرو أميركيين شأن كبير وأصبح لهم احترامهم، فلقد أدى النجاح الباهر الذي وصلن اليه الى إعادة بناء الأمة وجعلت من أميركا أرض الأحلام.
الفيلم ليس من الأفلام التجارية بل صنع لحصد الجوائز ليس فقط الأرقام في شباك التذاكر، وتم تصويره في أشهر أماكن السود مما جعل العمل واقعيا بشكل كبير، كما استخدمت أحدث التقنيات لإضفاء جو الستينيات وما قبل ذلك على هذه الأماكن.
يذكر ان هذا العمل السينمائي الرائع مأخوذ عن كتاب «Hidden Figures: The Story of the African-American Women» للكاتبة مارغوت لي شيتلي الذي روت فيه كيف كان للعالمات الأميركيات دور كبير في فوز أميركا بسباق علوم الفضاء.