إعداد: محمد البدري
قالت مجلة «ميد» المتخصصة في شؤون اقتصادات منطقة الشرق الأوسط أن هناك دعوات آخذة في التزايد المطرد تطالب بسن تشريعات جديدة تيسر من عمليات تصفية الشركات في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث ان التساؤل الكبير في هذا الخصوص هو: لماذا هذا التزايد في عدد الشركات المقبلة على الإفلاس في المنطقة؟
وقالت الدورية الاقتصادية ذائعة الصيت ان احدى أهم النتائج التي توصل إليها خبراء وباحثون اقتصاديون خلال اجتماع لهم عقد مؤخرا في دبي، هي: أن تصفية الشركات التي أصبحت على شفا الإفلاس يجب أن تتم بصورة أسهل وأسرع. وفي هذا الصدد، قال رئيس قسم الأخبار في «ميد» ادموند سوليفان إن إغلاق شركات أو أعمال قائمة في منطقة الشرق الأوسط عموما يحتاج في المتوسط إلى نحو ثلاثة أعوام ونصف العام بينما يحتاج الأمر نفسه لأكثر من خمس سنوات في دولة مثل الإمارات العربية المتحدة، وتعزى هذه الفترة الزمنية الطويلة نسبيا مقارنة بما عليه الحال في الغرب، إلى أن جهات الائتمان والمقرضين في منطقة الشرق الأوسط يستطيعون استرداد أموالهم من الجهات المدينة بنسب تقل عن نصف ما يمكن أن يحصل عليه نظراؤهم الدائنون الغربيون من مدينيهم.
وأضاف ان قوانين الشركات في دول الخليج ليست مصممة بحيث تتعامل مع مشاكل الإعسار المالي، حيث انه على مدى 40 عاما حظيت دول المنطقة بمعدلات مرتفعة من النمو الاقتصادي والسيولة المالية، وقدمت الحكومات كل الدعم للشركات، وفي مثل هذه الأجواء كانت مشكلات الإعسار المالي نادرة بل كانت تعد «عارا»، لافتا إلى أن التصفية كانت الوسيلة الأساسية للإغلاق الرسمي للأعمال الميتة.
واعتبر سوليفان أن الشركات الخليجية بدأت تواجه مشكلات التصفية في السنوات الأخيرة بسبب لجوئها إلى اقتراض أموال طائلة عند معدلات فائدة متدنية قبل الأزمة المالية العالمية في صيف عام 2008، حين توقفت القروض وبالتالي أصبحت هذه الشركات تعاني تلقائيا من شح السيولة، ومن ثم معسرة ماليا.
وقال إن شركة دبي العالمية في الإمارات كانت أبرز ضحايا هذه المشكلة على النحو الذي أعلن عنه في نوفمبر من العام الماضي، وقد اضطرت الشركة على مدار الأشهر الست التالية إلى تبني خطة لإعادة هيكلة مديونياتها، والتي منحت المقرضين وجهات الائتمان بعض الأمل في استرداد أموالهم أو جزء منها، وبالرغم من هذا الإجراء فانه يتوقع أن تأخذ عملية إعادة الهيكلة وقتا أطول مقارنة بما عليه الحال في الولايات المتحدة أو أوروبا.
واعتبر أن هذا الأمر دفع المختصين بقضايا التصفية اوالاعسار المالي لتحفيز دول الخليج على ضرورة إعادة النظر في التشريعات الخاصة بالشركات وتحديثها.
وبحسب سوليفان فإن التحدي الرئيسي أمام هذه الخطوة يتمثل في المنهج البديل الذي ينبغي على هذه الدول اتباعه لتحقيق هذا الهدف، فهل يتعين عليها محاكاة التطبيقات الغربية فيما يتعلق بقضايا التصفية والإعسار المالي؟ وأي تطبيق أو نموذج تحتذي؟، ولكن إذا فعلت ذلك سوف تواجه معضلة عدم المواءمة للبيئة الاقتصادية والتشريعية لديها والتي تختلف جذريا عن تلك الموجودة في الغرب، بالإضافة إلى أن تطوير التطبيقات الغربية الخاصة بالإعسار المالي استغرقت أكثر من 100 عام، ومن ثم فإن سير دول الخليج على ذات النهج سيكون ضرره أكبر من نفعه.
وفي المقابل، يرى اخرون أن المخرج من هذه المعضلة يتمثل في تطوير دول المنطقة لآليات عملية يمكن بلورتها مستقبلا في صورة تشريعات ملزمة، ويقترح هؤلاء أيضا تأسيس محاكم خاصة للتصفية والإعسار المالي، على أن يتزامن مع ذلك تطوير تفاهمات عملية بين المقرضين والشركات المقترضة للحد من شبح الإعسار المالي في دول الخليج.
وخلص رئيس قسم الأخبار في «ميد» إدموند سوليفان للقول إن الأمر الأكثر أهمية هو ضرورة النظر في الأسباب التي تقف وراء تزايد أعداد حالات الإعسار المالي في دول الخليج خلال العامين الأخيرين، معتبرا أن هناك عوامل عديدة يمكنها أن تفسر ذلك أهمها انخراط تلك الشركات في الاقتراض من اجل توسعات لم تكن الأسواق في حاجة إليها، وعدم التزام البنوك بالمتابعة الدورية على هذه القروض، بالإضافة إلى الافتقار إلى الآليات والقواعد الرسمية الحازمة.