بدأ وزراء المالية وحكام البنوك المركزية في مجموعة العشرين امس اجتماعهم في كوريا الجنوبية الذي يستمر ليومين لتقييم وضع الاقتصاد العالمي والبحث عن اتفاق حول اصلاح النظام المالي.
ومن المتوقع ان يصل المسؤولون الماليون للدول المتطورة والناشئة العشرين الكبرى، الى استخلاص مشترك خلال مناقشاتهم في بوسان المدينة الساحلية الكبرى في كوريا الجنوبية، وهو ان الانتعاش العالمي متواصل غير ان الاضطرابات الأخيرة في الأسواق المالية تثبت انه مازال هشا للغاية.
وستتركز مناقشات المسؤولين الماليين التي تجري في فندق مطل على شاطئ هونداي، حول كيفية الاستمرار في تحفيز الاقتصاد لتجنب عودة الانكماش، بدون ان يؤدي ذلك الى تفاقم الديون.
وسيلتقي الوزراء وحكام المصارف المركزية مجددا اليوم لجلستين جديدتين تخصص احداهما لإصلاح نظام ضبط القطاع المالي، والثانية لإصلاح صندوق النقد الدولي ومسائل أخرى، على ان يصدر بيان ختامي لاحقا.
وقال وزير المالية الهندي براناب مخرجي «علينا ان نشجع الانتعاش الاقتصادي، لكن لا يمكننا في الوقت نفسه التخلي عن الحذر على صعيد الميزانيات».
وتابع «ينبغي بالتالي ايجاد توازن بين وضعين متناقضين على ما يبدو، وهنا يكمن التحدي».
وتبقى الاحتمالات ضئيلة بتسجيل تقدم مهم في موضوعي الساعة الابرزين وهما فرض ضريبة على المصارف لارغامها على المشاركة في انقاذها أثناء الأزمات الماضية والمستقبلية، وتشديد قواعد المتانة المالية المفروضة على المؤسسات المالية.
وقال مخرجي «ان إجراءات ضبط فاعلة يمكن ان تسمح بتحقيق الأهداف التي يرمي اليها اقتراح فرض الضريبة ونحن لا نؤيد فرض ضريبة على المصارف»، متوقعا ان يتوصل الوزراء نهاية الاسبوع فقط «الى ما يشبه صيغة مشتركة» حول هذا الموضوع.
واقترح صندوق النقد الدولي فرض ضريبتين هما ضريبة «مساهمة في الاستقرار المالي» تفرض على بعض مواد ميزانية المصارف وترتفع مع ارتفاع مخاطرتها، و«ضريبة على النشاطات المالية» تكون «أشبه بضريبة على القيمة المضافة» في قطاع تبقى الضرائب غائبة عنه الى حد بعيد.
ويؤيد الأميركيون والأوروبيون فكرة فرض ضريبة مصرفية، فيما تعارضها بلدان اخرى مثل البرازيل وكندا باعتبار ان بنوكها لم يكن لها اي دور في الأزمة المالية الأخيرة ولا يترتب عليها بالتالي دفع ثمنها.
وأعرب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون امس الأول عن أمله في التوصل الى اتفاق، ولو مبدئي، على فرض ضريبة، مؤكدا ان بريطانيا ستفرض مثل هذه الضريبة حتى في حال عدم التوصل الى اتفاق بين الدول العشرين بهذا الصدد.
وبحسب مسودة بيان ختامي نقلتها وكالة داو جونز، فان مجموعة العشرين ستدعو ايضا «لجنة بال» الى اعتماد قواعد جديدة «لتحسين كمية ونوعية رساميل المصارف ومنع الإسراف في الديون».
وهذه اللجنة التي تضم هيئات ضبط المصارف في 27 دولة مكلفة بإعادة تحديد الإطار التنظيمي لهذا القطاع.
وكان هناك إجماع بين الدول العشرين على ضرورة إخضاع المصارف لقواعد مالية اكثر صرامة، غير ان عدة دول عدلت موقفها لاحقا خشية ان يؤدي تشديد القواعد الى ردع المصارف عن الاقراض ما سيزيد في نهاية المطاف من حدة المشكلات الاقتصادية العالمية.
وتهدف اجتماعات بوسان الى التحضير لقمة مجموعة العشرين المقرر عقدها في 26 و27 يونيو في تورونتو بكندا.
من جهته قال مسؤول كبير من كوريا الجنوبية امس إن وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية في مجموعة العشرين سيدعمون الجهود الرامية لحل أزمة الديون في منطقة اليورو لكنهم مختلفون بشأن مسألة فرض ضريبة عالمية على البنوك.
وهون المسؤول الذي تحدث قبل بداية يومين من المحادثات التي تجمع أكبر الاقتصادات المتقدمة والناشئة في العالم من التوقعات بالتوصل الى اتفاقات أو مبادرات جديدة لإشاعة الاستقرار في الاقتصاد العالمي الذي اهتز بفعل مشكلات الميزانيات الأوروبية والمخاوف من تراجع النمو.
وقال رئيس اللجنة الرئاسية لمجموعة العشرين للصحافيين ساكونج ايل «فيما يتعلق بالأزمة الحالية مجموعة العشرين حذرة للغاية بشأن التطورات وتساند المبادرات التي قدمها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي لعلاج المشكلة».
وكان وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايتنر عبر في طريقه إلى مدينة بوسان لحضور الاجتماع، عن ثقته في ان الاقتصاد العالمي قوي بدرجة تمكنه من تجاوز متاعب أوروبا. وقال في تصريحات صحافية «لدينا انتعاش متواضع لكنه متماسك إلى حد بعيد».
وبخصوص البند الرئيسي الثاني على جدول اعمال الاجتماع قال غايتنر إن مجموعة العشرين عليها التزام مشترك بشأن الحاجة الى وجود معايير مشتركة في أسواق المال العالمية للحد من بعض اشكال المخاطرة التي أوقدت شرارة الأزمة المالية في 2007/2008. وقال ساكونج تعيش القطاعات المصرفية في الدول المختلفة أوضاعا مختلفة، وبالتالي لن تكون هناك سياسة واحدة تناسب الجميع. وأضاف أن حكومات مجموعة العشرين بمساندة من صندوق النقد ستجري تقييما مشتركا لتأثيرات السياسات المقترحة من جانب كل دولة.