- ارتفاع عدد الشركات العقارية المتعثرة وعدم وفائها بالتزاماتها للجهات التمويلية
- زادا من العبء الحكومي في ارتفاع طلبات الرعاية السكنية إلى 120 ألف طلب سنوياً
- القانونان لم يصنفا الشركات المطورة من المحتكرة
قال المحامي مشاري العيادة إن أوضاع القطاع العقاري بدأت تسوء بل وتزداد سوءا منذ صدور قانوني 8 و9 لسنة 2008 حيث تأخرت القرارات أو التشريعات التي تصدر لتنظيم وضع السوق العقاري سواء في تملك الأراضي السكنية او التقييم أو الدلالة والسمسرة وكذلك نشر المعلومات والبيانات الحقيقية للعقار مبينا أن الرهن العقاري يحتاج لصياغة جديدة وقانون يصدر في مقابل إلغاء قانوني 8 و9 الذين لم يحققا النتائج المرجوة منهما بدليل أن القيمة السوقية لشركات العقار انخفضت بمقدار 59% منذ بداية الربع الأول من عام 2008، وتعد هذه الفترة هي البداية الحقيقية لأزمة العقار في البلاد وخصوصا القطاع السكني الذي مازال حتى اليوم متأثرا سلبا جراء منع الرهن العقاري منذ الربع الأول من 2008 الماضي.
وأضاف العيادة في دراسة أعدها تحت عنوان «تعديلات هامة على قانون 8 و9 لسنة 2008» في مركزه المخصص للبحوث والدراسات القانونية تتمثل في طرح بعض التعديلات على مواد القانون وتبرر أسباب ارتباط الأزمة العقارية بقانوني 8 و9 لسنة 2008، لافتا إلى أن نسبة التراجع الإجمالي لقطاع العقار المحلي بلغت 44%مع نهاية مارس 2008حيث أشارت البيانات الصادرة عن وزارة العدل - إدارة التسجيل العقاري والتوثيق، إلى أن جملة قيمة بيوعات العقود والوكالات، للربع الأول من 2008 بلغت 468.6 مليون دينار، وهي أدنى بما نسبته 51% من مثيلتها في الربع الأول من الفترة نفسها في 2007، والبالغة نحو 957.3 مليون دينار، في حين بلغ نصيب السكن الخاص من إجمالي التداول العقاري نحو 36.6% متراجعا مقابل 52.5% في الربع الأول من 200، ما يؤكد انعكاس سلبية إصدار القانون منذ مارس 2008 وحتى اليوم بينما كانت الشهور السابقة لإقرار القانون تتمتع بنشاط عقاري جيد.
وقال العيادة إن قطاع العقار السكني تأثر سلبيا بصدور القانونين رقمي 8 و9 لسنة 2008 وقرار تحديد نسبة الأقساط المستقطعة من راتب الموظف لسداد قروضه، والتي نتج عنها تراجع في القروض الممنوحة للمواطنين وبالتالي القدرة الشرائية لهم، في الأراضي وانعكس ذلك بالانخفاض في أسعار أراضي السكن الخاص بنسب متفاوتة من منطقة إلى أخرى.
مبينا أن القطاع السكني يمثل معظم أنشطة سوق العقارات المحلي، حيث يغطي ما نسبته 70% من مجموع قيمة المبيعات خلال الأعوام الممتدة من 1998 إلى 2008، مع ذلك تشهد ديناميكية العرض والطلب نقصا في العرض على العقارات السكنية، وتشير التقديرات الى أن حجم الطلب على العقارات السكن الخاص يصل إلى 8 مليارات دينار بالنظر إلى وجود 80 ألف طلب إسكاني وبفرض متوسط تكلفة للبيت الواحد تبلغ 100 ألف دينار.
حركة نشطة
وذكر العيادة ان سوق العقار في الكويت شهد حركة نشطة للغاية خلال الأعوام من 2005 وحتى 2008. حيث حقق سوق العقار بأقسامه الثلاثة ما نسبته 6% من إجمالي الناتج المحلي للكويت، مستفيدا من انخفاض سعر الفائدة على الودائع ليجذب بذلك مستثمرين جددا، نظرا لارتفاع عائدات العقار عن الفوائد البنكية وتكونت جراء ذلك مجاميع ومحافظ صغيرة تعمل في العقار لكن منع الرهن وصدور القانونين الذين تمنع احدى موادهما المتاجرة بالسكن الخاص جعلها تنأى عن العقار السكني إلى غيره من القطاعات إلا أن تراجع قيمة الأصول العقارية وتراجع حجم وقيمة الموارد الناتجة عن العقارات في قطاعي الاستثماري والتجاري كانت أيضا أسبابا إضافية لتداعيات سلبية قانوني 8 و9 والذين يتطلبان إعادة صياغة وتعديلا سريعا أو إلغاءه حتى يستعيد السوق العقاري توازنه ومن ثم يطرح قانون آخر أكثر استيعابا ومرونة للوضع الراهن.
وأوضح العيادة في دراسته أن سوق العقار في الربع الثاني من 2008 سجل انخفاضا عن أداء الربع الأول، بإجمالي الصفقات للربع الثاني بقيمة بلغت 749.1 مليون دينار وذلك حتى يوم 26/6/2008، مقابل 957.3 مليون دينار في الربع الأول، بانخفاض نسبته 21.7%. وهو ما يؤكد تأثر السوق سلبا بالقانون الذي وافق عليه مجلس الأمة في أقل من شهر دون دراسة للسوق والآثار الناجمة عن مواد القانون التي قيدت حركة التداول على العقار السكني في ظل إجمالي عدد السكان الذي يصل إلى 2.6 مليون نسمة يمثل الكويتيون نحو 50.3% أي ما يعادل 1.3 مليون نسمة كما في 31/7/2008 وهو ما يعود الى ضرورة مواجهة التزايد السكاني بتوفير الرعاية السكنية بالتعاون المشترك بين القطاع العام والخاص ومنع احتكار الحكومة للأراضي وتشريع القوانين الرامية للحد من المشكلة السكنية وفتح السوق العقاري السكني للمنافسة ضمن تقييد الشركات بالأسعار وفرض الضرائب لضمان حماية السوق من عودة ارتفاع الأسعار مجددا.
قانون 8
وأشارت الدراسة الى أن قانون 8 لسنة 2008 فرض في مادته الأولى اقرار رسوم سنوية بمقدار عشرة دنانير عن كل متر للأراضي السكنية التي تزيد مساحتها على 5 آلاف متر سواء في موقع واحد أو مواقع متعددة وهو خطأ لأن جدواه لم تساهم في حل الأزمة السكنية وهو الأمر الذي يستدعي إعادة تعديل المادة وفقاً للمناطق والأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين بما يخدم أزمة السكن وتطويره وبناء قسائم سكنية ومنع احتكار الأراضي والعقارات وتجميدها بهدف رفع الأسعار على أن تلغى الرسوم مقابل المنفعة العامة والتي تتمثل في فرض مدة زمنية لبناء الأراضي المملوكة بهدف المتاجرة، قسائم سكنية وتأجيرها أو السكن فيها أو بيعها وعدم تركها شاغرة وإذا تبينت صفة الاحتكار تفرض عقوبة مالية تعادل 20% من قيمة العقار في السنة الأولى إذا لم يتم بناؤها وتضاعف الى 40% في السنة الثانية ويتم سحب الأراضي السكنية المحتكرة أو القسائم التي تم بناؤها ولم يتم استغلالها فعليا للسكن بقصد المتاجرة عقب مرور 3 سنوات عليه وتباع بالمزاد العلني عن طريق الحكومة ويقتص من المالك 60% من قيمة البيع وتدخل خزينة الدولة ويعاد استغلالها في بناء مساكن للمساهمة في حل المشكلة السكنية وبذلك يكون القانون منصبا على المصلحة العامة من كل جوانبها دون إصلاح جانب وترك آخر.
ودعا العيادة في دراسته الى إعادة فتح الباب أمام شركات التطوير العقاري لشراء وبيع الأراضي السكنية في حدود القانون الى جانب طرح أراض من الدولة للشركات لتطويرها للسكن الخاص وذلك بمدد زمنية قصيرة تسمح بإنهاء الإجراءات والتراخيص والبناء والتسويق وذلك لفتح السوق للعرض والطلب وتعزيز نظرية المنافسة الشريفة بين الشركات المطورة للعقار السكني وأيضا للحد من التلاعب وتجميد الأراضي، مؤكدا أن السوق العقاري المحلي تراجع بسبب عشوائية السوق وضعف القانون وعدم وجود جهة رقابية منظمة، معربا عن أمله أن يتم تفعيل دور المقاصة العقارية ومنحها دور الهيئة أو المؤسسة الرقابية والتنظيمية وذلك لإعادة السوق العقاري الى طبيعته
وبين العيادة في دراسته أن من اهم ايجابيات قانون السكن الخاص رقم 2008/8، هو خفض الأسعار، بينما تتمثل اكبر سلبياته في حرمان شريحة كبيرة من المجتمع من شراء العقار جراء إغلاق منافذ التمويل العقاري، مؤكدا نجاح القانون في كبح جماح ارتفاع أسعار الأراضي في مقابل وجود تراجع ملحوظ على القطاع السكني في عمليات البيع والشراء حيث بلغ في يونيو 2008 وفقا لتقرير نشره بيت التمويل العقاري نحو 55%، فيما أظهرت بيانات رسمية أن المبيعات العقارية في الكويت انخفضت بنحو 28% على مدى 12 شهرا حتى نهاية يونيو الماضي بعد أن قيدت الدولة صفقات بيع العقارات السكنية، من خلال قانوني 8 و9 اللذين يمنعان المؤسسات من مزاولة ما يعرف بالرهن العقاري.
الأزمة المالية
وأشار العيادة الى أن الأزمة المالية والاقتصادية التي ألقت بظلالها على الكويت، وانخفاض أسعار النفط أدت إلى خفض ميزانية الدولة بشكل كبير وهو ما سيضع الحكومة في موقف حرج من إتمام مشاريع الإسكان الخاصة بالمؤسسة العامة للرعاية السكنية والتي تجاوزت الطلبات على السكن نحو 100 ألف طلب، كما ستحول مشاريع البنية التحتية لها الى خطة التنمية.
وتعرض العيادة في دراسته سلبيات القانون الى ما يلي: ارتفع عدد غير القادرين على توفير الرعاية السكنية لأنفسهم بسبب انعدام سبل التمويل إثر منع الرهن العقاري وأيضا والإخلال بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص، اذ ان هذا القانون قد وضع الصعوبات والعراقيل أمام راغبي التمويل.
فضلا عن ذلك أدى بطلان رهن عقار السكن الخاص إلى حرمان شريحة كبيرة من استخدام العقار كضمان لسداد ما تبقى من قيمته، وهو ما اتضح جليا في تراجع حركة البيع والشراء في قطاع العقار السكني، الى ذلك تبين أن رفع العقار من الضمان أدى بالمدينين إلى عدم السداد ونتج عن ذلك ارتفاع عدد المتعثرين، بالشركات القائمة والتي حددت نشاطها في أعمال المقاولات وبناء المساكن وعجزت معظم الشركات عن سداد الأعباء المالية المستحقة عليها بسبب توقف التعامل وزيادة نسبة المتعثرين، الى جانب تضرر الافراد الذين تعاملوا في شراء الأراضي وبنائها وبيعها بأسعار معقولة أو بهامش ربح بسيط والتي كانت تساهم جديا في توفير سكن خاص بسعر منافس.
وذكر أن من السلبيات أيضا وقف التعامل مع العقار السكني نتيجة لإجبار الملاك على التخلص مما يملكون خلال ثلاث سنوات تنتهي في 2011 على زيادة العرض وانهيار السوق، ما سيؤدي ببعض المحتكرين في شراء العقارات بطرق أو بأخرى بثمن بخس ثم حجبها عن التداول، الى تعطش السوق وندرة العرض ومن ثم حدوث ارتفاع جنوني في قيمة العقار السكني.
ولفت إلى أن القانون أخذ صفة الاستعجال دون مبرر ولم يأخذ حقه في الدراسة المتأنية ولم تستشار الجهات المنوطة بالعقار، حيث أسرف الى حد كبير في وصم التصرفات بالبطلان المطلق وأظهر رغبة جامحة لدى معديه في حظر التداول الى الحد الذي جعل من صاغ القانون يردد مادة الحظر بنفس النص تقريبا في القانون رقم 8 والقانون رقم 9 لسنة 2008 دون مقتضى وعلى خلاف المعمول به في الصياغة التشريعية.
وقال ان القانون ساهم بنشوء المنازعات في معاملات بيع وشراء عقارات السكن الخاص، الأمر الذي انعكس سلبا على استقرار الملكية العقارية.
المحكمة الكلية قضت بعدم دستورية القانونين في إحدى القضايا
استدل العيادة بعدم دستورية قانوني 8 و9 إلى ما انتهت إليه المحكمة الكلية بإحدى القضايا المرفوعة إليها من إحدى الشركات في قرار إحالتها القانونين الى المحكمة الدستورية الى اقتناعها بجدية الدفع بعدم دستورية القانونين لمخالفتهما نصوص الدستور التي تكفل حق الملكية.
وقال: تعود وقائع القضية الى ان احدى الشركات اشترت احد العقارات، إلا ان وزارة العدل ممثلة في ادارة التسجيل العقاري رفضت تسجيله لأن القانونين رقم 8 و9 يحظران على الشركات والبنوك التصرف في السكن الخاص، وهو الأمر الذي دفع الشركة الى رفع دعوى قضائية عبر محاميها عبدالله الدمخي، الذي طالب بإلغاء قرار وزارة العدل السلبي لامتناعها عن تسجيل العقار، لكن ادارة الفتوى التي تمثل دفاع وزارة العدل تمسكت بتطبيق القانون، وهو ما دعا دفاع الشركة الى الدفع بعدم دستورية القانونين لمخالفتهما نص المادة 16 من الدستور، التي تنص على ان الملكية ورأس المال والعمل مقومات اساسية لكيان الدولة الاجتماعي، وللثروة الوطنية، وهي جميعا حقوق فردية ذات وظيفة اجتماعية ينظمها القانون، مشيرا إلى أن القانون لم ينصف أو يصنف في منع التصرف بين المؤسسات والشركات ذات السمعة الحسنة والتي ساهمت في توفير الرعاية السكنية للمواطنين، وبين راغبي المضاربة على الأسعار ولو أنصف لوضع لكل منهما أحكاما خاصة به، مضيفا انه كان من الأجدى بواضعي القانون أن يطلبوا من بنك التسليف والادخار بيانا وافيا بالشركات والمؤسسات والبنوك التي ساهمت في توفير السكن الخاص للمواطنين ومعلوم أن هذه المعاملات معاملات فردية وتحقق مصلحة شخصية للمواطنين. لتصنيفها من الشركات التي تميزت بالمساهمة في دعم الرعاية السكنية ولم تحتكر وبذلك تخرج عن إطار قصد الاحتكار الذي صدر من اجله القانون.
ولفت العيادة في دراسته إلي أن المطورين العقاريين قاموا ببناء نحو 400 قسيمة وساهم ذلك في حل المشكلة الإسكانية ومع صدور القانون أصبح العبء الأكبر على الدولة في توفير السكن مما زاد عدد الطلبات من 100 ألف طلب سنويا إلى 120 ألف طلب سنويا، مشيرا إلى ان الهدف من إقرار قانون السكن الخاص جاء لحماية السوق العقاري لكنه لم يراع أهمية الرهن وتأثيره على المواطن الذي يقوم بشراء العقار السكني.
وبين ان القانون لم يركز على المستفيد من أداة الرهن العقاري سواء كان مؤسسة أم فردا، لذا شابه عيبا كبيرا استدعى إعادة التعديل والفصل بين مفهوم المضاربة باعتبارها وسيلة استثمارية في الفقه الإسلامي ومفهوم المضاربة في الاقتصاد والتجارة في الفكر الاقتصادي الوضعي الحديث، مبينا انه في المنظور الأول تعني المضاربة اشتراك المال والعمل بهدف تحقيق الربح، وإعادة السماح للبنوك بالتعامل بمبدأ الرهن مع فرض الضرائب على المستثمرين شركات ومؤسسات وأفرادا والتفرقة ما بين المطورين والمضاربين من الشركات والأفراد وفرض الضرائب أو الغرامات على الأفراد أو الشركات التي تقوم بالمضاربة وعدم التطوير المباشر أو إلغاء قانون 8 و9 ووضع قانون آخر بديل مع طلب الخبراء والمنوطين بالعقار والتمويل من مؤسسات وأفراد وبنوك للمشاركة في وضع المقترحات ودراستها دراسة وافية بإعداد مشروع بقانون ومن ثم إصداره بشكل متميز يحقق الهدف العام للدولة ويرعى مصالح مواطنيها بدلا من هذا القانون الذي لم يدرس نهائيا.