اختتمت مجموعة الدول الغنية والناشئة العشرين امس في تورونتو قمة تهدف الى ايجاد تسوية حول عدد من المواضيع الخلافية من اجل معالجة نقاط الضعف في انتعاش الاقتصاد العالمي.
وان كان رؤساء الدول والحكومات العشرون موحدين حول ضرورة دعم النمو، إلا انهم ينقسمون حول أفضل السبل لتعزيزه وترسيخه، في وقت يترتب عليهم الاتفاق على نص ختامي يرسم ملامح توافق يصعب التوصل اليه بينهم.
وقال المتحدث باسم الوفد الياباني كازوو كوداما امس الأول «اننا نواجه ضرورة التقريب بين وجهات النظر المختلفة داخل مجموعة العشرين».
ويدور الخلاف الرئيسي حول العجز في الميزانيات العامة. وتدعو كندا التي تستضيف القمة الى اعتماد تعهد مرفق بأرقام يقضي بخفض العجز في الماليات العامة الى النصف بحلول 2013 وخفض نسبة الدين العام من إجمالي الناتج الداخلي قبل العام 2016، وهو اقتراح يصلح بنظر الأوروبيين قاعدة للتوصل الى تسوية.
وقال رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو «من المشجع ان تكون مجموعة العشرين مستعدة للموافقة على تحديد أهداف»، مضيفا «انه دليل حسن نية في تنسيق السياسات».
وان كان الأوروبيون عازمين على إبداء جديتهم في معالجة مشكلات العجز المالي، الا ان الأميركيين والدول الناشئة تخشى من جهتها ان يؤدي الإسراف في التقشف الى تكبيل النمو.
وقد تبدلت الأوضاع تماما منذ قمتي مجموعة العشرين عام 2009 في لندن في ابريل وفي بيتسبرغ بالولايات المتحدة في سبتمبر، اذ باتت دول ناشئة مثل الصين والبرازيل والهند تثبت حيوية اقتصادية لافتة لاسيما بالمقارنة بالقوى الاقتصادية القديمة وفي طليعتها أوروبا.
وبحسب مسودة بيان ختامي تم التداول بها خلال الاسبوع، فان مجموعة العشرين ستتحدث عن انتعاش اقتصادي «هش وغير متكافئ».وشدد تيموثي غايتنر وزير الخزانة في القوة الاقتصادية الاولى في العالم السبت على ضرورة ان تتناول قمة تورونتو «بشكل جوهري النمو»، معتبرا ان «ندوب الأزمة لاتزال موجودة»، في موقف يبدو كأنه يعارض الموقف الأوروبي.
وأوضح انه لا يعتبر كافيا وعد أوروبا واليابان بدعم الطلب في اسواقهما الداخلية.
وجاءت هذه التصريحات متوافقة مع كلام نظيره البرازيلي غيدا مانتيغا الذي يرأس وفد بلاده في غياب الرئيس لويس ايناسيو لولا دا سيلفا، وقد اعرب عن خشيته من ان «يركز (الاوروبيون) اهتمامهم على تصحيح الميزانيات بدل ان يعملوا على تحفيز النمو».
وان كانت مجموعة العشرين حددت مهمتها بارساء «الأسس لنمو قوي ودائم ومتوازن»، فهي تبدو بعيدة عن تحقيق هذا الهدف رغم بادرة الصين التي أعلنت تخفيف القيود على سعر صرف العملة الوطنية والجهود التي تعلن الولايات المتحدة بذلها لخفض الإنفاق. كما كانت مجموعة العشرين تريد ان «تقوم انظمة ضبط المصارف وغيرها من المؤسسات المالية باحتواء التجاوزات التي ادت الى الازمة» بما في ذلك فرض ضريبة على المصارف.وبحسب الأطراف الأوروبيين الداعين الى فرض هذه الضريبة، فان فكرة إقرارها بشكل منسق بين الدول العشرين لم تعد مطروحة، غير انهم يعتزمون المضي قدما بهذا الشأن.
اما بالنسبة لإصلاح ضوابط النظام المالي، فهو يقوم بشكل أساسي على تعزيز المعايير المفروضة على المصارف، لكن هذا سيكون من صلاحية القمة المقبلة المقرر عقدها في نوفمبر في سيئول.وتضم مجموعة العشرين دول مجموعة الثماني (ألمانيا وكندا وفرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وايطاليا واليابان وروسيا) و12 من القوى الاقتصادية الكبرى الأخرى وبينها الدول الناشئة الكبرى (جنوب افريقيا والسعودية والأرجنتين واستراليا والبرازيل والصين وكوريا الجنوبية والهند واندونيسيا والمكسيك وتركيا والاتحاد الأوروبي).
من جهة أخرى أعلن أركادي دفوكوفيتش مساعد الرئيس الروسي أن قادة دول مجموعة «العشرين» في تورنتو سيركزون على 4 مواضيع رئيسية على رأسها مناقشة الوضع الاقتصادي في العالم الذي يثير القلق في أوروبا والتدابير الإضافية التي يمكن اتخاذها لجعل الوضع مستقرا في القارة الأوروبية.
وقال دفوركوفيتش ـ في نبأ أوردته وكالة «نوفوستي» الروسية ـ إن المسألة الأساسية في هذا الإطار تعتبر هي العلاقة بين سياسة تخفيض عجز الميزانيات والدين العام من جهة، وضرورة الحفاظ على بعض التدابير المحفزة للاقتصاد من أجل عدم السماح بحصول موجة جديدة للأزمة المالية، من جهة ثانية.
وتعتبر هذه القمة استمرارا منطقيا للمناقشات التي بدأت قبل يوم واحد فقط خلال قمة مجموعة «الثماني في كندا إذ من المفترض أن يأخذ جزء كبير من القضايا التي تم التطرق إليها في قمة «الثماني» طريقه إلى المعالجة في منتدى «العشرين» تحديدا، والذي غدا خلال العامين الماضيين المنتدى الاقتصادي والمالي العالمي الأساسي.
يذكر أن مجموعة «العشرين» تضم 19 من كبريات الاقتصاديات الوطنية وهي استراليا والأرجنتين والبرازيل وبريطانيا وألمانيا والهند وإندونيسيا وإيطاليا وكندا والصين وكوريا الجنوبية والمكسيك وروسيا والسعودية والولايات المتحدة وتركيا وفرنسا وجنوب أفريقيا واليابان إضافة إلى الاتحاد الأوروبي.
وتبلغ حصة دول مجموعة العشرين 85% من الناتج العالمي الإجمالي، ويعتبر صندوق النقد الدولي والبنك الأوروبي المركزي والبنك الدولي من المشاركين الدائمين في اجتماعات مجموعة «العشرين».