- نحتاج إلى مرشح قوي يتمتع بمهارات القيادة والشجاعة الثابتة لقيادة المرحلة الصعبة جداً للبورصة وأشعر بالإحباط الشديد عندما أرى السوق يعاني نقصاً في الشفافية
- نظام المتابعة والرقابة على الشركات المدرجة يعتبر الأضعف بالمنطقة.. والكويت لا تزال واحدة من مجمعات رؤوس الأموال الاستثمارية المحترمة
قالت رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب لشركة ادفانتج للاستشارات الادارية والاقتصادية صفاء الهاشم إن قانون هيئة أسواق المال والذي نشر مؤخرا بتاريخ 23 مارس 2010 بعد الموافقة على المرسوم وبعد الصخب الذي صاحب الخسائر التي تكبدتها سوق الكويت للأوراق المالية والتي تسببت فيها الأزمة المالية، تطور للاقتراح الأصلي الذي تقدم به النائب عبد الوهاب الهارون إلى رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي في شهر فبراير عام 2004.
وأوضحت الهاشم أن الاقتراح يهدف إلى إصدار مرسوم يعمل على هيكلة سوق الأوراق المالية والذي تم إقراره وتعديله لاحقا من قبل اتحاد شركات الاستثمار في الكويت، وأخذ المرسوم بعين الاعتبار الأنظمة واللوائح الخاصة بهيئات أسواق الأوراق المالية في عدة دول وتم تنظيمه من مشاركات أعضاء الاتحاد في عام 2006، مشيرة الى أن المرسوم تضمن 86 مادة والتي لم تكن كافية وأدت إلى إيقافه وجاء التعديل التالي للمرسوم من خلال اتفاق مع الشركة الدولية لاستشارات الأوراق المالية لتأسيس هيئة سوق المال تحت إشراف شركة الشال.
وتم إجراء التعديل الثالث من قبل فريق عمل من وزارة التجارة ترأسته د. أماني بورسلي وقد قرر هذا الفريق الاعتماد على التعديل الثالث بمساعدة حلقة نقاشية تشكلت من أعضاء اتحاد شركات الاستثمار وهيئة محامين من عدة مكاتب كويتية قاموا معا بصياغة مرسوم يتكون من 111 مادة في شهر يناير عام 2007. ومع ذلك، تم رفض المرسوم من قبل مجلس الوزراء الذي قام بصياغة مرسوم مكون من 15 مادة مختصرة.
واجتمع نائب رئيس اتحاد شركات الاستثمار حمد السيف والأمين العام للاتحاد د. رمضان الشراح مع وزير التجارة والصناعة بتاريخ 13 يونيو عام 2007 بشأن المشروع واتفقوا على أخذ جميع الملاحظات حول المراسيم السابقة بعين الاعتبار وقد تمت صياغة المسودة الأولى بتاريخ 15 يونيو عام 2007 والتي تم تحريرها لمجلس الأمة كمسودة نهائية بتاريخ 10 سبتمبر عام 2008 وبعد ذلك وفي غضون شهرين، أصدر مجلس الوزراء الكويتي مرسوما نهائيا لتأسيس هيئة أسواق المال في الكويت.
انهيار السوق
وأضافت الهاشم قائلة: «عندما هاجمت الأزمة المالية سوق الكويت للأوراق المالية وأدت إلى انهيارها، فقد ساعدت على توضيح الرؤية وسلطت الضوء على العقبات الحالية في السوق مثل تدهور الشفافية والتلاعب بالبيانات وتجاهل صغار المستثمرين بالإضافة إلى ذلك، تم إدراج العديد من الشركات في سوق الكويت للأوراق المالية بدون إجراء فرز صارم مناسب يعمل على تنقية السوق من الشركات غير المؤهلة.
واشارت الهاشم الى أن هذه المعوقات تسببت في إيقاظ الحكومة من غفوتها المعسولة والتصرف بسرعة لتصحيح وتحسين سلطتها الرقابية الحالية في السوق، وكما أشرنا سالفا في الكثير من تقاريرنا فقد تعرض سوق الكويت للأوراق المالية لعوائق في طريقه نحو النجاح في ظل غياب نظام رقابة فعال على الشركات المدرجة.
بالرغم من أن الكويت تعتبر واحدة من أكبر الأسواق المالية في المنطقة حيث تضم 200 شركة مدرجة، إلا أن نظام المتابعة والرقابة على الشركات المدرجة يعتبر الأضعف عند مقارنته بالأسواق الأخرى في منطقة مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وتساءلت الهاشم: هل ينتشل قانون هيئة أسواق المال البورصة من عثرتها؟
دفعة كبيرة للاقتصاد
وبينت قائلة: «يعد اعتماد قانون هيئة أسواق المال دفعة كبيرة للاقتصاد الكويتي ومازلت متفائلة بأن هيئة أسواق المال ستقوم بوضع آلية تتميز بالفاعلية والكفاءة لزيادة مستوى الشفافية والحوكمة في السوق الكويتي وهو الأمر الذي نحن في أشد الحاجة إليه في هذه الأوقات العصيبة، بالإضافة إلى تحقيق مستوى أفضل من الشفافية بفضل أنظمة الرقابة الأكثر صرامة، وواثقة من أن الهيئة أيضا ستعمل على تخفيض أي تضارب في المصالح بين المسؤولين التنفيذيين بالهيئة والشركات المدرجة وكذلك المستثمرون وهذا من شأنها توفير فرص عادلة من ناحية المعلومات لجميع المشاركين بالسوق».
وقالت ان من بين المبادئ الأخرى الرئيسية لهيئة أسواق المال كما هو موضح من قبل المؤسسات الحكومية والخاصة هو منح فرص أفضل لصغار المستثمرين ويعد هذا المبدأ في غاية الأهمية بالنظر إلى أن صغار المستثمرين يعتبرون جزءا كبيرا نسبيا من مجتمع الاستثمار ومع ذلك لا يكرس لهم كثير من الاهتمام.
وأضافت الهاشم: «لقد لاحظنا ان معظم التركيز ينصب على «الشركات الكبرى» بالسوق والتي تعتبر من المستثمرين العمالقة الذين لديهم قدر كبير من الثروات وفي المعتاد تمتلك معلومات هامة من داخل السوق تجعل صغار المستثمرين قابعين في الظلام، ولذلك سوف تشدد هذه الهيئة على الإفصاح المالي والتشغيلي وأي نوع آخر ضروري من الإفصاح بما يعود بالنفع على كافة فئات المستثمرين وتوفير معاملات عادلة وشفافة».
وذكرت: «فور بدء هيئة أسواق المال لعملياتها وإثبات التزاماتها الرسمية تجاه الشركات المدرجة، سوف ينتهز العديد من المستثمرين المحتملين الفرصة ويشاركون في سوق المال المطور الذي تحكمه أنظمة رقابة داخلية قوية والتي تمكنهم من إجراء المعاملات بسهولة وثقة».
وبينت الهاشم أن هذه الثقة سوف تعمل أيضا على جذب المستثمرين الأجانب إلى سوق الكويت للأوراق المالية وتعزيز مركز الكويت كقائد مالي واستثماري في منطقة مجلس التعاون لدول الخليج العربية والشرق الأوسط وشمال أفريقيا وهذا الأمر ليس صعبا اذ ان الكويت كانت ولاتزال واحدة من مجمعات رؤوس الأموال الاستثمارية المحترمة في المنطقة بما لديها من مؤسسات استثمارية ومالية ناجحة عديدة وبما تتمتع به من ثروة سيادية ضخمة.
وعقبت الهاشم في ختام حديثها لبعض المشكلات المصاحبة للمرسوم والنفور من أخذ زمام المبادرة قائلة: «كما لاحظنا في الآونة الأخيرة، تجنب العديد من الاخوان الاقتصاديين والمشهود لهم بالرؤية الثاقبة لتحليل اقتصادنا المريض حاليا، تولي منصب رئاسة هيئة أسواق المال في الكويت وبقيت الأسباب مفتوحة على نطاق واسع للتخمين! من الواضح أن هذا الدور يعد جديدا من نوعه في الكويت، ونظرا لعدم وجود أطر مرجعية واقعية للقيام بهذه الوظيفة يجعل هذا المنصب مرعبا إلى حد كبير».
وأضافت الهاشم قائلة: «هناك مشكلة تتمثل في أنه كلما رفض العديد من الأشخاص قبول هذا المنصب شعر من يليهم بضرورة رفض المنصب أيضا وهذا يؤدي إلى زيادة الضغط بشكل أكبر وظل البحث عن هذا الدور مستمرا طوال الأشهر الثلاثة الماضية ولم يقبل أي مرشح تولي هذا الدور مما يجعلني وغيري نتساءل بشأن جدية السلطات في تطبيق القانون الجديد وهل يكون منصب رئيس الهيئة مجرد منصب صوري؟».
وبينت الهاشم قائلة: مع ذلك، لا أعتقد ان أسباب الرفض تأتي من حواجز نفسية، حيث ان العديد من أسباب الرفض مرتبطة فعليا بالطريقة التي تم بها صياغة القانون المنظم لهيئة اسواق المال، بعض المواد راسخة لحد ما وتحقق الفائدة والقدر الأكبر من الخير للسوق حيث انها تفرض ممارسات حوكمة جيدة، ولكن البعض يتصور أنه من الصعب جدا الالتزام بها من قبل معظم المرشحين.
وضربت الهاشم مثالا على ذلك بأن متطلبات الإفصاح الصارمة التي سيطلب من الأعضاء الذين يتولون هذا الدور، الإفصاح عنها، من الممكن أن تكون صعبة جدا لمجتمع خليجي ليس مؤهلا بصورة كافية وغير مستعد لهذا النطاق الواسع من الإفصاح. كما أن متطلبات الإفصاح تخص أيضا زوجة العضو وأطفالهم القصر ما يمثل صعوبة أيضا في الالتزام به من قبل مجتمع يجد صعوبة في الإفصاح عن أوضاعهم المالية الخاصة مثل الكويت. يخضع رئيس هيئة أسواق المال أيضا إلى العديد من القيود القانونية والتي من الممكن، في حالة عدم الالتزام التام بها، أن تؤدي إلى السجن لفترات طويلة. من الواضح أن ذلك يمثل مسؤولية كبيرة جدا، من الممكن أن ترعب العديد من المرشحين.
تساؤل ملح
ووجهت الهاشم سؤالا حول مدى ملاءمة المواد في المرسوم وما إذا كانت هيئة اسواق المال ستخضع لمجلس الوزراء أو وزارة التجارة والصناعة؟ تعتقد أغلبية الناس ان الخيار الأقوى سيكون خضوع الهيئة إلى مجلس الوزراء لأنه في حالة خضوعها لوزارة التجارة والصناعة فسوف يقلل ذلك من استقلالية هيئة أسواق المال حيث من الممكن أن تتدخل السياسة مع نزاهتها مما يعرضها إلى استجواب قاس من أعضاء مجلس الأمة. إلى جانب ذلك فان دولا كبرى في اقتصادها مثل المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، يتم تنظيم هيئات أسواق المال من جانب السلطة الحاكمة الأعلى في الدولة. فلماذا لا تتبع الكويت هذا النموذج؟
وأوضحت قائلة: «أشعر بالإحباط الشديد عندما أرى سوق الكويت للأوراق المالية الحالي يعاني من نقص في الشفافية والقدرة على الإفصاح عن الأداء المالي مما يؤدي إلى إحصائيات صادمة تبين أن 60% تقريبا من الشركات المدرجة في البورصة لا تلتزم تماما بقواعد ولوائح البورصة فيما يتعلق بمتطلبات الإفصاح».
لذلك فانه من خلال تفعيل وتطبيق القوانين الجديدة المقررة من جانب هيئة أسواق المال، فإن الكثير من الشركات المدرجة ستكون عرضة للوائح جديدة أكثر صرامة حتى يمكن مطالبتها بإلغاء الإدراج في البورصة. لا يؤدي ذلك فقط إلى خلق اضطراب هائل في سوق المال بالكويت بل ان التعارض بين منصب رئيس الهيئة والمالكين لتلك الشركات سوف يؤدي إلى عداوة لعدم تفادي هذه العلاقات المتبادلة بين الشركات العائلية والأفراد.
وذكرت الهاشم ان القانون ينص على أن العضو الذي يتولى هذا المنصب لا يسمح له بالحصول على أي مهنة أخرى أو نشاط تجاري بشكل منفرد، سواء لحسابه أو بالنيابة عن آخرين. من الواضح أنه من الصعب الالتزام بذلك حيث ان المنصب يتطلب الكثير من التضحيات لمدة لا تقل عن 5 سنوات.
لذلك فإن اعتماد القانون من قبل مجلس الوزراء لتأسيس هيئة أسواق المال يعد خطوة في الاتجاه المشرق، من خلال نظام رقابي على اعلى مستوى ومتابعة كل معاملات السوق والنظرة التفصيلية للمتعاملين في السوق، سيسرع اتجاه سوق الكويت للأوراق المالية لمصاف أسواق المال العالمية المتقدمة، بالرغم من مخاطر الديون السيادية لاسبانيا واليونان والبرتغال وإيطاليا والتي شهدت تحركا من قبل لجنة جهات تنظيم الأوراق المالية الأوربية التابعة للاتحاد الأوروبي بسرعة الشهر الماضي خلال اجتماعها الذي عقد في برشلونة وفيه أعلن رئيس المفوضية الأوربية عن خطة عاجلة لتشكيل وكالة جديدة لأسواق المال تسمى وكالة أسواق الأوراق المالية الأوروبية.
لذلك أؤكد بشدة على ضرورة ان تتبع الكويت خطوات أوروبا وأميركا وسط انتشار سوء الإدارة.
لقد قامت 65 دولة من جميع أنحاء العالم بالتوقيع على اتفاقية دولية لمشاركة المعلومات وذلك لمواجهة أي ممارسات خاطئة في أسواق الأوراق المالية لدرجة أن هناك أكثر من 40 دولة تقوم بتعديل قوانينها حتى يتسنى لها المشاركة أيضا.
واختتمت الهاشم قائلة: «أحتاج كشخص يعمل في القطاع الخاص ويتأمل من القطاع الحكومي الكثير أن نجد مرشحا قويا يتمتع بمهارات القيادة والشجاعة الثابتة لقيادة هذه المرحلة الصعبة جدا بالنسبة لسوق الكويت للأوراق المالية. ولايزال البحث جاريا».