أحمد يوسف
في الوقت الذي رأى فيه اقتصاديون ان إقرار المرسوم بقانون الاستقرار المالي بإجماع غالبية أعضاء مجلس الأمة رغبة في عدم تعثر القطاعات الاقتصادية من أزمة لم يشهد لها العالم مثيلا منذ العام 1929، يلاحظ عدم اهتمام الشركات بالتقدم للاستفادة منه، لكن شركة دار الاستثمار ضربت مثالا حيا في الاستفادة من المادة رقم (20) في الفصل الثاني من الباب الثالث الخاص بشركات الاستثمار.
وإذا كان القانون في مضمونه يحتوي على العديد من النقاط الايجابيات التي باتت الشركات في أمس الحاجة إليها فان السلبيات من وجهة نظر الشركات كانت أكثر.
وفي وصف مراقبين، ان ايجابيات القانون يمكن ايجازها بانها «ضمانات للبنوك» خاصة ما يتعلق بضمان 50% من القروض المقدمة في حال تعثر الشركات عن السداد بعد استبعاد الضمانات سيكون هناك اثر ايجابي على تنشيط حركة الائتمان خلال الفترة المقبلة، بالإضافة الى استفادة شركات الاستثمار من مخاطر التعثر التي كانت تخشاها البنوك حيث ستنخفض بنسبة 50%.
وأكدوا على أن القانون لا يضع أعباء على المال العام مستخدما الضمانات الحكومية بحدها الأدنى دون أي ضغوط على الأموال النقدية العامة، والى ذلك فان من شأن القانون أيضا زيادة مساحة المعالجة لتشمل اكبر عدد ممكن من وحدات النظام المالي. غير ان هناك بعض الاقتصاديين من رأوا ان القانون شابه غياب الشفافية، وتحديدا حول من يستفيد منه وحجم الضمانات المقدمة وكيفية استعادة المال العام الذي سيوظف بموجب القانون ذاته. خصوصا ان السندات المستخدمة ستتحول إلى التزامات.
ورغم تقدم كثير من الشركات للاستفادة من بنود ومواد القانون بحجة التعقيدات الواردة فيه والتي لا ترضي طموح مسؤولي الشركات، فان الشركات الآن باتت مضطرة أكثر من أي وقت مضى الى إعادة التفكير في الاستفادة منه مرة أخرى مثلما فعلت من قبل «دار الاستثمار» واستفادت من البند الخاص بالحماية من الدائنين.
وكان من الملاحظ ان «الدار» قد أخذت عدة خطوات في سبيل المضي قدما نحو الانتهاء من الأزمة منها خطة إعادة الهيكلة والتي وافق عليها نحو 80% من دائنيها.
واللافت ان موافقة مجلس ادارة «الدار» على الاستفادة من قانون الاستقرار لم تكن «خيارا» بقدر ما كانت «اضطرارا» للمضي قدما في تطبيق «الخطة» التي أعدتها اللجنة التنسيقية لدائني ومستثمري «دار الاستثمار» والتي لم يوافق عليها نحو 20% من الدائنين.
ويعتبر دخول «الدار» تحت قانون «الاستقرار» امرا حتميا فرضته الضرورة خاصة انه لم يوافق على خطة إعادة الهيكلة 20% من الدائنين وأصروا على المضي قدما في استكمال القضايا التي رفعوها على «الدار» الامر الذي قد يصعب معه ان لم يكن مستحيلا تطبيق خطة اعادة الهيكلة، وقد استفادت «الدار» كذلك من القانون من خلال تجميد قضايا الـ 20% المعترضة على خطة اعادة الهيكلة، كما ان القانون يعد حماية لكل الدائنين فضلا عن كونه يحمي اي شركة متعثرة من اي قضايا منظورة امام القضاء، وذلك في ضوء استيفاء الشركة لكل شروط وبنود القانون.
وتعد «الدار» بدخولها تحت بند «الاستقرار» - وان كان مازال بالقلم الرصاص، أي لم يعلن البنك المركزي موافقته الكاملة على قبولها تحت هذا القانون ـ أول اختبار لفاعلية القانون مع توقعات بمرونة وسرعة في تنفيذ القانون ومساعدة الشركة على تجاوز ضائقتها المالية، مما سيشكل حافزا امام العديد من الشركات الأخرى للدخول في هذا القانون في حال أثبت فاعليته، ومنذ صدور القانون الى الان لم تبد أي شركة رغبتها في الاستفادة منه.