- بدأ العمل في «أرامكو» وكان ساعيا ينقل الأوراق ورعته الشركة حتى حصل على الماجستير
ساعد وزير البترول السعودي علي النعيمي في تهدئة صعود قياسي في أسعار النفط كما كبح أيضا جماح انخفاض قياسي في الأسعار ونجح في استعادة مصداقية منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوپيك) بعد تضررها.
وحتى الآن تبين أن الشائعات المتكررة عن اعتزام الوزير (75 عاما) التقاعد من على رأس أقوى وزارة للنفط في العالم لا أساس لها من الصحة.
ولا ينتمي النعيمي للأسرة الحاكمة لكنه احدى الشخصيات الأرفع مكانة في أكبر دولة مصدرة للبترول ويحظى بالاحترام للمهارة والبراعة اللتين يتعامل بهما مع سياسات «أوپيك» خاصة بين المملكة وايران ثاني أكبر دولة منتجة للنفط في المنظمة.
وبالنسبة للصحافيين المعنيين بتغطية أخبار «أوپيك» الذين لاحقوا النعيمي في ردهات الفنادق الفاخرة على مستوى العالم فإن إجراء مقابلة معه سبق صحافي وكل كلمة ينطق بها لهم ترسل على الفور الى وكالات الأنباء.
وقال المسؤول الكبير السابق في شركة ارامكو السعودية عملاقة النفط المملوكة للدولة سداد الحسيني: «النعيمي يقوم بعمل رائع، الجميع في المملكة يقدرونه ويضعونه في مكانة رفيعة، حين يكون فرسك رابحا في السباق لا تنزل عن صهوته».
وتولى النعيمي منصبه الوزراي عام 1995 بعد ان قضى نحو نصف قرن يعمل في الشركة ويصعد سلمها الوظيفي.
وبدأ العمل في ارامكو وهو في الثانية عشرة من عمره وكان ساعيا ورعته الشركة ليحصل على درجة الماجستير من جامعة ستانفورد بالولايات المتحدة ثم أصبح في نهاية المطاف المدير التنفيذي للشركة.
وقال النعيمي للصحافيين في أوائل هذا العام خلال اجتماع لأوپيك بفيينا إنه حين بدأ كان ينقل الأوراق من مكتب الى آخر وتابع انه لايزال ينقل الأوراق من مكتب الى آخر، ويشعر من يعملون معه بالإعجاب به لأنه بدأ من الصفر ولفهمه العميق لقطاع النفط.
وقال سكرتير له لـ «رويترز» «إنه رجل ذكي ويعرف السوق جيدا عن ظهر قلب، السوق لا يمكن أن تخدع النعيمي ابدا. «لقد شق طريقه الى أعلى درجات السلم وهذا ما يكسبه احترام الجميع، لم يصل الى هذا بسهولة بل عمل بجد من أجل تحقيقه». تتجلى صفة الانضباط التي يتحلى بها النعيمي في التدريبات الرياضية التي يمارسها في الصباح، واعتاد الصحافيون مرافقة النعيمي إثناء ركضه قبل تناوله الإفطار على الطريق الدائري حول فيينا. والآن أصبحت الرياضة التي يمارسها أشبه بالمشي السريع. وان كان بعض الصحافيين مازالوا يجاهدون لمجاراته في السرعة.
وفيما كانوا يلهثون وراءه سأل النعيمي ذات يوم من كانوا يرافقونه من الصحافيين إن كانوا شاهدوا فيلم «12 رجلا غاضبا» الذي تمكن فيه أحد المحلفين من اقناع باقي المحلفين بأن المتهم غير مذنب.
وكان المغزى من حديثه أنه من بين الدول الاثنتي عشرة الإعضاء في «أوپيك» لديه من العناد ما يمكنه من إقناع غيره بحجته، ويتفق محللون في قطاع الطاقة على أنه كان على حق في كثير من الأحيان.
وواجه النعيمي واحدا من اكبر التحديات في مشواره العملي حين انخفض سعر النفط الى نحو 30 دولارا للبرميل في ديسمبر عام 2008 بعد أن ارتفعت أسعاره بشكل قياسي حين اقترب سعر البرميل من 150 دولارا في يوليو من العام نفسه.
وفي مواجهة هذا التحدي قاد النعيمي منظمة أوپيك حين طبقت اكبر خفض للإنتاج على الإطلاق وضمن أن يعقبه انضباط لم يسبق له مثيل من جانب تجمع يشتهر بمخالفة التعليمات اذا تعلق الأمر بخفض الإنتاج.
وأعلنت المملكة مرارا انها ستمد السوق بما يحتاجه وخلال الارتفاع القياسي في الأسعار عام 2008 وعد النعيمي في محادثات جرت خصيصا في جدة بالسعودية بضخ نفط إضافي اذا كان هناك طلب من الزبائن.
ومن السياسات الأخرى التي يتمسك بها النعيمي منذ زمن طويل أن عمليات التنقيب والانتاج في حقول النفط مقدسة وبوصفه الحارس عليها تجنب النعيمي مبادرات قوية من قبل كبريات شركات النفط العالمية.
لكنه جاء بالشركات العالمية للمساعدة في مشاريع التكرير لإمداد السوق الآسيوية الكبيرة حيث يتوقع أن يزداد الطلب على النفط لمدة طويلة بعد تقليل العالم المتقدم لاستخدامه.
كما تطلع النعيمي الى ما هو أبعد من النفط الى مستقبل ينطوي على مصادر للطاقة أكثر تنوعا، وفي العام الماضي حضر النعيمي افتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية.
ومن طموحات هذا المشروع الذي يهدف لتحديث التعليم احتلال مكانة مركز بحثي رائد في مجال الطاقة الشمسية.
واعتبر بعض المراقبين هذا المشروع تتويجا لمشوار النعيمي وأن الأب لأربعة أبناء المتزوج منذ قرابة 50 عاما ربما يكون قد أوشك على التقاعد لكنهم كانوا مخطئين.