أكد تقرير إرنست ويونغ لصفقات الاكتتاب الإقليمية خلال النصف الأول من العام الحالي، أن أسواق الاكتتاب الإقليمية واصلت أداءها المنخفض، حيث تم تسجيل 11 صفقة صغيرة الحجم بقيمة إجمالية بلغت مليار دولار أميركي في النصف الأول من 2010. ويشير هذا الأداء إلى انخفاض بنسبة 9% مقارنة مع أداء نفس الفترة من العام الماضي، الأمر الذي يعكس مواصلة مسيرة تراجع الاكتتابات في المنطقة.
وعلى غرار العام الماضي، فقد هيمنت شركات التأمين السعودية خلال النصف الأول لعام 2010 على نشاط أسواق الاكتتاب الإقليمية، في ظل التزام هذه الشركات بالقوانين المحلية الناظمة التي تفرض عليها ضرورة طرح أسهمها للاكتتاب خلال مدة زمنية محددة. ولا يزال تسجيل صفقات الاكتتاب في السوق أبطأ من المتوقع بسبب حالة عدم الاستقرار الاقتصادي التي تشهدها المنطقة وانخفاض مستوى ثقة المستثمرين. ورغم الإعلان عن إمكانية تسجيل أكثر من مائة صفقة اكتتاب في النصف الثاني من 2010، إلا أنه يرجح اتمام عدد قليل من هذه الصفقات خلال العام الحالي.
كما سجلت نشاطات الاكتتابات الإقليمية ارتفاعا» خلال الربعين الأول والثاني من هذا العام على التوالي فوفقا لتقرير إرنست ويونغ، وصلت عائدات الاكتتابات الإقليمية إلى 590.6 مليون دولار أميركي خلال الربع الثاني من العام الحالي، مقارنة مع 420.5 مليون دولار في الربع الأول من نفس العام، وبنسبة نمو بلغت 40.5% في إجمالي رأس المال الذي تم تسجيله.
وفي سياق تعليقه على هذه التطورات، فقد قال فل غاندير، رئيس خدمات استشارات الصفقات في إرنست ويونغ الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: «على الرغم من عدم ارتقاء الأرقام الحالية إلى مستويات ما قبل الأزمة، إلا أن هناك توجها يشير إلى ابتعاد السوق عن الحد الأدنى من دورته السوقية. وقد تركزت نشاطات الاكتتاب في الأرباع الثلاثة الأخيرة بشكل خاص في السعودية والأردن وقطر ومصر وسورية. ولكي يعود سوق الاكتتاب الإقليمي إلى طريقه نحو التعافي، فإننا بحاجة لوجود شركات جديدة قادرة على جذب مستثمرين من أسواق إقليمية أخرى».
السوق السعودية تتصدر النشاط
أوضح التقرير أن اكتتاب شركة مدينة المعرفة الاقتصادية السعودية استحوذ حصة الأسد من حصيلة اكتتابات الربع الثاني من عام 2010 بواقع 272 مليون دولار، أي بنسبة 46% من إجمالي قيمة جميع الاكتتابات المسجلة إقليميا. وجاء إصدار شركة جهينة للصناعات الغذائية المصرية بقيمة 176.4 مليون دولار في المرتبة الثانية، تلاه إصدار شركة الحسن غازي إبراهيم شاكر السعودية بقيمة 137.2 مليون دولار في المرتبة الثالثة،
وإصدار شركة الشام للصرافة السورية بقيمة 2.7 مليون دولار في المرتبة الرابعة وإصدار شركة المتحدة للصرافة السورية في المرتبة الخامسة بقيمة 2.4 مليون دولار.
وأضاف: «ظهرت في أسواق الاكتتابات الإقليمية بعض معالم الحياة، متأثرة بثقة المستثمرين السعوديين وسعي بعض شركات التأمين لجمع الأموال أواسط العام الماضي. ولكن أتوقع أن تبقى الاكتتابات في منطقة الشرق الأوسط ضمن المستويات الحالية ما لم تتحسن ثقة المستثمرين».
أسواق الاكتتابات العالمية تحافظ على زخمها
وازداد نشاط أسواق الاكتتابات العالمية في الربع الثاني مع طرح 76 اكتتابا جديدا، مقارنة مع 52 اكتتابا في الربع السابق. وقد تضاعفت قيمة الصفقات سبع مرات لترتفع من 1.4 مليار دولار إلى 9.9 مليارات دولار. إلا أن هذا النشاط كان منخفضا بحدة عن مستوياته في عام 2008 الذي شهد ربعه الثاني طرح 269 اكتتابا بقيمة 38.2 مليار دولار. يذكر أن الأسواق الناشئة شهدت 53 من أصل 76 اكتتابا عالميا في الربع الثاني من العام الحالي. وقد تحسنت قيم أكبر عشرة اكتتابات عالمية خلال هذا الربع مرتفعة من 12 مليون دولار إلى 171.3 مليون دولار، إلا أنها لاتزال منخفضة للغاية مقارنة بالعام الماضي (848.6 مليون دولار).
يذكر أن صفقة «فيزانت» البرازيلية البالغة قيمتها 3.7 مليارات دولار، والتي تعتبر أكبر اكتتاب عالمي حتى الآن في هذا العام وأكبر اكتتاب في تاريخ البرازيل، واكتتاب شركة التعدين الصينية «تسونغ وانغ القابضة المحدودة» الصينية بقيمة 1.3 مليار دولار، عززت من نتائج الاكتتابات العالمية خلال هذا الربع. وقد شكلت هاتان الصفقتان معا ما نسبته 60% من رؤوس الأموال التي سجلتها الاكتتابات العالمية خلال الربع الثاني من هذا العام.
وقال غيل فورير، المدير العالمي لمبادرات الاكتتاب في «إرنست ويونغ»: «لقد شهدنا ارتفاعا ملحوظا في نشاط الاكتتابات خلال الربع الثاني من هذا العام، إلا أن العائدات المحققة لاتزال متواضعة أمام الأرقام التي سجلتها السنة الماضية. وتؤكد الإشارات الأولية إلى وصول الأزمة الاقتصادية إلى منتهاها، إلا أن استعادة الوضع الاقتصادي لعافيته بحاجة لمزيد من الوقت الذي سيختلف من منطقة لأخرى. كما سيحدد سوق الاكتتابات اتجاه الاقتصاد الكلي على الرغم من تباطؤ سيرها. وبالنظر إلى التجارب التاريخية، فإن الأسواق بحاجة إلى أربعة او ستة أرباع على الأقل للتعافي من الأزمة الاقتصادية».
وأضاف فورير: «تميل الاكتتابات الناجحة عادة للظهور بعد مرحلة الركود. وغالبا ما تتسم هذه الشركات التي نجحت في تجاوز الامتحان الأصعب والأقسى بالرشاقة بعد أن تكون قد أظهرت مرونة نموذج أعمالها خلال الأزمة. إنها فترة مناسبة لشركات المشاريع النشطة، وقد أدى الأداء الجيد لأسواق الأوراق المالية في مختلف أنحاء العالم في الربع الثاني ظهور اهتمام متجدد لدى شركات في جميع أنحاء العالم لطرح أسهمها للاكتتاب العام».
عروض اكتتابات زيادة رأس المال
قال التقرير انه في بعض الأحيان، ينظر إلى إنجاز اكتتابات زيادة رأس المال في الشركات العامة كمؤشر على انتعاش سوق الاكتتابات. فقد شهدت الفترة الممتدة بين الربع الأول والربع الثاني لهذا العام نموا في عدد صفقات اكتتابات زيادة رأس المال بنسبة تخطت 100%، مرتفعة من 612 إلى 1361 صفقة، محققة نموا في عائدات الاكتتابات من 101.1 مليار دولار إلى 284.2 مليار دولار. أما بالنسبة لقيمة الاكتتابات، فقد جاءت هذه النتائج بشكل خاص بفضل المؤسسات المالية التي تسعى لتعزيز رأسمالها وترميم ميزانيتها.
ويرى محللو السوق بشكل عام أن مؤشرات انتعاش سوق الاكتتابات تتلخص في: تدفقات المال الإيجابية في سوق الأسهم، وشهية المستثمرين، والتوقعات المتفائلة لأرباح الشركات، وتعافي تقييمات السوق، والدلائل على توفر السيولة لتحفيز إنفاق الشركات والمستهلكين، والصفقات الناجحة لبيع الأسهم والمتضمنة بيع أقسام مستقلة من شركات عامة ضخمة، وطرح أسهم شركات جديدة تطلقها شركات عامة كبرى.
ويقول غيل فورير: «لقد أظهرت تجارب الركود السابقة أن الشركات الناجحة استطاعت في كثير من الأحيان تخطي أصعب الأوقات. وسوف يتطلب تعافي سوق الاكتتاب ربعين أو ثلاثة أرباع على الأقل بانتظار استقرار الاقتصاد الكلي وإعادة بناء الثقة. إلا أن فتح الأسواق وتحسن التقييمات سيشجع بعض الشركات عالية المستوى على الاستفادة من هذه الفرصة».